طارق السيد متولى يكتب: يوميات زومبى (12) زومبى السبهللة

التقيت رجلا كبير فى السن، يمتلك محل للجزارة لم ينل اى قسط من التعليم المدرسى لكنه خبير فى عمله، وبحكم السن أيضا يعرف كثير عن شؤون الحياة كان دائما يقول لى “الدنيا مش على مزاج حد”، هذه هى حكمته فى الحياة التى يؤمن بها .
فى الحقيقة عندما تأملت عبارة هذا الرجل البسيط وجدتها تحمل معانى كبيرة وصحيحة .
فأنت عندما تعيش فى مجتمع لابد أن تحكمك قواعده وقوانينه شئت أم أبيت وافق هذا مزاجك الشخصى أم خالفه.
ليس هناك حرية مطلقة، الحرية فى أى مجتمع مقيدة بمصالح وحريات الآخرين.
ليس من حقك مثلا أن تقطع الطريق لأنه ملك للجميع وليس ملكك وحدك. ليس من حقك أن تخدش حياء الآخرين لأن هذا تعدى عليهم لن يسمحوا لك به ليس من حقك أشياء كثيرة .
الحرية تبدأ فى التناقص بمجرد أن تنهض من سرير نومك وتخرج إلى صالة منزلك نفسه لوجود أشخاص آخرين فى المنزل وتقل تدريجيا عندما تخرج من منزلك إلى الشارع وتصل لأدنى مستوياتها فى الأماكن العامة حيث هناك آداب وقواعد للسلوك تحفظ للجميع سلامتهم الجسدية والنفسية والعقلية.

اقرأ أيضا للكاتب:

ولا يصح أن يأتى شخص ويقول أنا حر أتصرف كما أريد، وأفعل ما أشاء وعلى المجتمع أن يقبل تصرفى ولا يعترض عليه لا سيدى فكل مجتمع له تقاليده وعاداته وآدابه وقوانينه من ينتهكها يتعرض للنقد والعقاب هذه حقيقة انك تعيش فى مجتمع ولا تعيش وحدك.
لكن هذا الكلام بالطبع لا ينطبق على الزومبى فالزومبى كما اتفقنا فاقد الوعى والإدراك ولا يخضع لقوانين الطبيعة.

وكمثال على ما سبق فقد طالعتنا الصحف والمواقع بخبر مدرسة مربية أجيال فى إحدى المحافظات ترقص وتأتى بحركات راقصة محترفة فى رحلة نيلية على أنغام أغنية هابطة وحولها بعض المسؤولين عن التعليم فى نفس المحافظة يصفقون لها ويرقصون معها كانوا فى حالة تحول زومبى.

وقام شخص زومبى منهم بتصويرهم ونشر الفيديو على مواقع التواصل فلاقى الفيديو إستهجان وإنتقاد واسع وقيل أنه تم تحويل المربية الفاضلة وزملائها للتحقيق .
بالأمس شاهدت على شاشة أحدى الفضائيات مذيعة “زومبى”، تنكر وتستهجن إنتقاد المجتمع لسلوك المربية وتكيل الشتائم للمجتمع وتصفه بأنه أصبح مجتمعا متخلفا، و “حشرى” وتبرر تصرف وسلوك المربية وتقول أنها كانت فى رحلة وطبيعى أن تفرح وترقص وكلام كثير.
كله هجوم على المجتمع المنغلق من وجهة نظرها وهى هنا تدلس على المجتمع وتسىء إليه ربما أخطأ من صور الفيديو ونشره ولكن يبقى تصرف المربية تصرف غير لائق ومرفوض من المجتمع فهذه المربية التى نأتمنها على تعليم بناتنا وأولادنا لابد أن تعرف أنها مسؤولة وأنها قدوة يقتدى بها التلاميذ، وأنها ليست فى غرفة نومها تفعل ما تشاء فكيف نعلم بناتنا وأولادنا الحياء.
أم أن الحياء أصبح تخلف وغير مرغوب فيه؟!.

لا أقول إننا نعلق المشانق للمخطىء ولكن لابد أن يعرف أنه مخطىء وأنه أساء التصرف وان يعاقب بقدر خطئه.

إلا إذا كنا نريد أن نعيش فى مجتمع زومبى “السبهللة” الذى لا يعرف العيب ولا يعرف الصواب من الخطأ، ولا يعرف آداب وقواعد وقوانين البشر الطبيعيين.

زر الذهاب إلى الأعلى