“دماغ” ديجيتال !.. المخدرات الرقمية أسرع طريق لدخول عالم الإدمان
كتب: إسلام فليفل
“عيش الجو”، “حلق فى السماء”، “المتعة فى الموسيقى”، “الطيور المهاجرة”.. ليست أسماء أفلام أو مسلسلات، لكنها أسماء مختلفة لما عُرف بـ”المخدرات الإلكترونية”، التى بدأت فى التداول عالميا، وعرفتها بعض المجتمعات العربية فى الآونة الأخيرة بين الشباب والفتيان، فهى لا تحتاج سوى جهاز كمبيوتر أو هاتف ذكى، وتنزوى به فى غرفتك، وتغلق الأبواب والنوافذ، وتمدد على سريرك، ثم ضع عصابة على عينيك، وانطلق فى رحلة الضياع.
اقرأ أيضا.. بيان تقتحم العالم السري لفتيات وشباب اخترقوا حسابات مؤسسات كُبرى
يستمع الشباب للمخدرات الإلكترونية عبر مواقع الإنترنت، ليصبح متعاطيها مدمنا أو مهووسا، ويدخل لمنطقة مظلمة بسبب تأثيره على المخ، ورغم تداول هذا النوع من الموسيقى المخدرة فى أوروبا قبل نحو 6 سنوات، إلا أن عالمنا العربى لم يكن يعرفها قبل فترة قليلة.
حاولنا التوغل أكثر فى عالم المخدرات الرقمية للتعرف على أسرارها الخفية ومعرفة اختلافها عن باقى المخدرات التقليدية، وهل بالفعل هى مخدرات بالمعنى الحقيقى أم لا؟ من خلال معايشة شاب قرر خوض التجربة والتعرض لهذه الموسيقى المخدرة، لأنه اعتاد أن لا يفوت نوعا من أنواع المخدرات.
يقول “خ.ح” طالب بالصف الثالث الثانوى، تعرفت على هذا النوع من المخدرات عن طريق صديق على “فيسبوك” من إيرلندا، قام بإرسال ملف موسيقى مدته ساعة مجانا ودون أى مقابل وطلب منى سماعه وربط قماشة على عينى، وأن اضع سماعات الأذن بشرط أن تكون سماعات صوتها نقى وواضح، وأن أكون فى وضع الاسترخاء، وبالفعل فعلت كل ما ارداه وبدأت استمع للموسيقى.
وتابع “كانت موسيقى صاخبة جدا، لكن لاحظت أن تردد الموسيقى مختلف فالصوت كان عاليا فى أذن عن الأخرى وبعد مرور 45 دقيقة بدأت اشعر بأن (مخى بينزل لتحت وجسمى بيطلع لفوق) ثم بدأت اشعر بتشنجات وكنت فى حالة غير طبيعية، وعندما قررت أن اخلع السماعات فلم استطع رفع يدى، فقررت أن افك القماشة فلم استطع أن ارفع يدى لكى احل عقدة القماشة التى كانت محكمة الربط”.
بدأت بعد دقائق التشنجات تزداد فوقعت على الأرض ووقعت السماعات من اذنى، وعندما بدأت استعيد عافيتى، تمكنت من فك القماشة، كنت اشعر بألم شديد فى رأسى وصداع ظل يلاذمنى 48 ساعة كاملة، أثناء سماعى لهذا الملف كنت استعيد ذكريات الطفولة، وكنت اتذكر أبى عندما كان يعاقبنى، وتذكرت صديق لى قد مات فى حادثة قطار، وحادثة مررت بها وأنا فى الابتدائية، وتذكرت العابى التى كنت أحب اللعب بها وأنا صغير، وتذكرت اشياء كثيرة لا أعلم لماذا تذكرتها.
ويضيف: “بعد مرور ساعات من الألم والصداع بدأت استعيد نشاطى، وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها، لكن فكرت ان اتعرف اكثر على عالم المخدرات الرقمية ليس إدمانا لها، بل رغبة فى المعرفة الزيادة، وقمت بعمل بحث عنها واكتشفت أن هناك كثيرا من الشباب فى الدول العربية ماتوا بسبب الاستماع لهذه الموسيقى، واكتشفت أيضا أن هذه الموسيقى عبارة عن مقاطع صوتية مختلفة، وليست نغمة واحدة، وأن أكثر الأنواع انتشارا هى ملفات الموسيقى ذات الطابع الجنسى”.
ويستكمل: “تمكنت من استعادة صحتى بعد ألم وصداع 3 أيام، لكن قررت أن هذه المحاولة هى الأخيرة التى أجرب فيها المخدرات الرقمية، وبالفعل تواصلت مع صديقى الايرلندى واخبرنى ان هذه آخر محاولة ستكون مجانا، والقادمة ستكون بعشرة دولار فوافقت، وارسل لى مقطع موسيقى رعب وفعلت كل ما فعلته فى المرتين السابقتين، ووضعت السماعات وربطت القماشة، وبدأت استمع لمقطع رعب مدته كانت 50 دقيقة، استمعت لـ20 دقيقة فقط، وتخيلت ان هناك اشباحا فى الغرفة، وان هناك شخصا يريد قتلى بخطاف، ولكنى سريعا خلعت السماعات، واحللت عقدة القماشة وشعرت بصداع خفيف وألم خفيف فى رأسى، ثم قررت الابتعاد تماما عن هذه المخدرات.
خلل فى المخ
يرى الدكتور جمال فرويز- استاذ الطب النفسى، أن المخدرات الرقمية ليست ادمانا بمعنى الكلمة، موضحا ان الادمان يحدث نتيجة وجود مخدر طبيعى فى المخ اسمه “الانتروفين” عندما يدخل مخدر آخر على هذا المخدر يلغى تكوينه من المخ، وهذا ما تفعله المخدرات التقليدية ولا تفعله المخدرات الرقمية.
وأكد أن المخدرات الرقمية عبارة عن ارسال موسيقى إلى المخ ويكون هناك تباين بين الناحية اليمنى واليسرى فى وصول الموجة، هذا التباين هو الذى يحدث خللا فى مخ المريض ويؤدى به إلى حالة من فقدان الوعى.
وأشار جمال، إلى أنه التقى بحالة واحدة فقط كانت لبنت فى الجامعة أردات أن تجرب هذه المخدرات، فاستمعت لمقطع مدته دقيقتان ثم استمعت لاكثر من مقطع فاصابتها حالة من الصرع والتشنجات، ولكن كانت حالتها بسيطة واخذت بعض المهدئات، مشيرا إلى ان اعراض الانسحاب بين المخدرات الرقمية والتقليدية متشابه إلى حد كبير، ولكن تختلف فى حالات بسيطة، فهناك عقارات تسبب غثيان وأخرى تسبب خمولا وكسلا.
وأضاف ان المخدرات الرقمية تسبب عدم التركيز والصداع الدائم وعدم الانتباه وقد تتسبب فى نوبات صرع تؤدى إلى الوفاة.
إدمان حقيقي
ومن جانبه يقول الدكتور علي قطب، استشارى المخ والاعصاب ان المخدرات الرقمية ادمان حقيقي وخطر كبير يقترب من ابنائنا، ويؤكد ان تأثيرها متشابه لتأثير المخدرات التقليدية، موضحا أنها على المدى القريب تسبب تشنجات ونوبات صرع قد توقف المخ وتسبب الوفاة، وتسبب اختلالا فى القدرات العقلية.
ويفرق الدكتور علي قطب بين نوعين من الشباب فهناك شاب اعتمادى وشاب سيكوباتى، الشاب الاعتمادى هو الذى يريد دائما الاعتماد على اى شئ لمواجهة ضغوط الحياة اما الشاب السيكوباتى فهو الشاب الذى لديه لامبالاة ولديه نمطية وتكرارية نفس الاخطاء وعدم الاكتراث لعواقب تصرفاته، وهذا النوع من الشباب يكون عرضة اكثر للذهاب إلى المخدرات بكافة أنواعها.
العلاج بالموسيقى
بينما يرى الاستاذ محمد صفوت، خبير علاج الموسيقى، ان افضل علاج لهذا النوع من المخدرات من الممكن ان يكون عن طريق الموسيقى ايضا، ولكن موسيقى هادئة وناعمة، فالموسيقى تستخدم فى علاج المصابين بتأخر النمو اللغوى أو التخاطب وتستخدم ايضا فى علاج حالات القلق والسلوك العدوانى.