محمد فواد يكتب: مُدَرِّسة الدقهلية أمام محكمة الحياة
نتفق أو نختلف فالاختلاف في الرأي ظاهرة صحية، فكل إنسان ينظر من وجهة نظر تختلف عن الآخر، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية؛ فنحن نعيش بمجتمع تربينا فيه على القيم والفطرة الصحيحة قبل القوانين، مرورًا بالاحترام في البيت والشارع والمجتمع، حيث يتجلَّى ذلك في سلوكنا اليومي.
وإذا نظرنا إلى القضية المطروحة على الساحة الإعلامية في الأيام القلائل الماضية، وهي قضية “مُعلمة الدقهلية” التي تُحاكم فيها الآن أمام محاكم الحياة وقد نصَّبَ جميع الناس أنفسهم قضاة في تلك الساحة المُقدسة؛ نجد أنَّ المعلمة كانت في رحلة ترفيهية خارج حرم المدرسة ووزارة التربية والتعليم والبيت، في حلٍّ من القيود خارج المنزل تُنفِّس عن روحها بعيدًا عن ضغوط الحياة، فهي حرة ما لم تضر أحدًا .
والأمر الثاني أنَّ الكبت والظروف اللذان يمر بهما الإنسان وتلك الأحوال لا يعلمها إلا الله؛ فما المانع أن ترقص وتغنى وتُخرج كل ما بداخلها، ولكن التحفظ الحقيقي هنا أنه كان يجب عليها فعل ذلك أمام زوجها وأسرتها في البيت أو صديقات لها سيدات، وذلك أفضل حتى لا يتربص بها المُنتقدين والمُتنمرين ويقوموا بإيذائها مثل ما حدث، فلا يخفى على أحد حب السيدات المصريات للرقص الشرقي لزوجها بل وشراء الملابس الخاصة به.
وإذا انتقلنا للأمر الثالث، لماذا أصبح جميع الناس حكام وقضاة وجلادين؟!.. ومن هو الشخص الذي قام بتصورها؟!.. وهل يحق لكل من معه “موبايل فون” القيام بتصوير المواقف وفضح الناس؟!
أين أخلاق المصريين، وأين دينهم؟!.. ففي حديث النبي- صلى الله عليه وسلم- “من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة”.. رواهُ أبو هريرة.
إنني أرى أنَّ قرار الحكم بفصلها قرارًا تعسفيًّا، غير صحيح قانونا لأنها كانت في رحلة خارج الحرم التعليمي .. هل هي رقصت في فصول المدرسة..هل هي رقصت في فناء المدرسة؟!..فاغلب سيدات مصر تتراقص فرحًا وبهجة في مقرات الانتخابات لاختيار خير من يمثلهم؛ فهذه مظاهر عادية وطبيعية تعبيرًا عن الفرح طالما لم تضر أحدًا .
فهل من حق أي شخص في رحلة أن يجلس كما أنه في عزاء أم أنَّ الرحلة هي الترويح عن النفس وتغيير الجو والمناظر والأشخاص.
طالع المزيد:
-
القس بولا فؤاد رياض يكتب لـ«بيان»: العذراء مريم في المسيحية والإسلام
-
أسماء خليل تكتب: قدماء مصريين سنة ٢٠٢٠
والسؤال هنا :هل أخطات المعلمة؟!.. من وجهة نظري.. نعم!.. ولكنها لم تضر أحدًا، فكان يجب على الزوج ألا يندفع ويقرر الطلاق، فليس من الرجولة أن أصدر أقصى عقوبة على شريكة الحياة نظير تصرف خاطئ أوحد بالحياة!.. هذا الرجل لا يصلح أن يكون زوجًا، هذا ضعف بالشخصية.. أين النصح والإرشاد والتوجيه ولماذا لم يخرج معها للرحلة أو يمنعها من الذهاب فهذا حقه!؟.
ولابد علينا من توجيه سؤال للمعلمة : طالما أنكِ تحبين الرقص والاستعراضات لماذا لم تتخذيها مهنة تمتهنيها؟.. وذلك – على أقل تقدير – أفضل من أن تكوني معلمة لا تحملين رسالة سامية، ويكون فقط هدفكِ هو الربح المادي.. إذ أن المعلم قدوة لأبنائنا وبناتنا.
إذا كان المعلم مثل الرسول؛ فهل هناك رسول يرقص؟!.. لماذا تضعين وقتكِ في مكان ليس مكانكِ؟!!!..
لقد كان بالإمكان أن تعملي مدرسة موسيقى، أو مدربة رقص شرقي في أحد الأكاديميات المخصصة لذلك، و هنا سوف تكونين مشهورة وتربحين المال، وكان بالإمكان أن يتم تكريمكِ مثل كثير من الراقصات، وبخاصة في مهرجان الجونة مثلا..وحينها كان الجميع يرغب بالتقاط صورة معكِ حيث ستصبحين سفيرة للفن.
ورسالتي إلى أمثال ذلك الزوج، أنتم في نظري لن تعدو عن كونكم رجالًا ضعاف الشخصية، لن تستطيعوا ملء مركزكم بالحياة الزوجية، وتكبتون زوجاتهم وتخنقونهم حتى يصبحوا باضطرار للرقص على المراكب.
كما أرجو من المجتمع مراجعة تصرفاته وتحسين سلوكياته بدلا من ان يصبح قاضيا وحكما وجلادا في نفس الوقت وهذا تناقض جلِّي.. وعلى الجميع أن يتعلم من تلك الواقعة أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب الناس.