روسيا تهدد: انهيار أوروبا وضرب أمريكا وقواعدها في الخليج حال تصعيد أزمة أوكرانيا
كتب: على طه
في حالة وقوع سيناريو المواجهة الصعبة، بين روسيا والغرب فى “اوكرانيا” سوف تواجه أوروبا كارثة اقتصادية، ومن غير المرجّح أن تكون قادرة على المشاركة بنشاط في أي مواجهة مع روسيا. على العكس من ذلك، سوف تبذل أوروبا قصارى جهدها لإنهاء المواجهة في أسرع وقت ممكن.
هذا ما أكد عليه المحلل السياسي الاستيراتيجى، الروسى، ألكسندر نازاروف، فى مقال له منشور اليوم الأحد.
ويأتى مقال نازاروف، على خلفية فشل المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وبين موسكو وحلف شمال الأطلسي “الناتو”، بشأن الإنذار الروسي.
ويقول الكاتب إن الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، رفض تحديداً المطالب الأمنية التي تقدمت بها روسيا، وردّت الأخيرة بالإعلان عن الانتقال إلى “إجراءات أخرى”، بما في ذلك الردع المضاد والإخافة المضادة، وبدأت روسيا مناورات عسكرية في المناطق المتاخمة لأوكرانيا، بينما أعلنت بالتزامن عن عدم نيّتها مهاجمة كييف.
لكن تصعيد خطاب موسكو ورفع درجة صرامة موقفها، يشعر المرء وكأنها تريد الحصول على رد مكتوب من الولايات المتحدة الأمريكية في أقرب وقت ممكن، من أجل الانتقال إلى الإجراءات العملية سريعاً.
تقدير موقف
ويؤكد الكاتب فى تقديره للموقف الحالى أن منطق ذلك التسرّع الروسى، هو أن أوكرانيا وأوروبا في خضم أزمة طاقة، يعود ذلك إلى ما اتسما به من جشع وحماقة، بسبب ارتفاع الأسعار، وعدم قيامهما بتخزين احتياطيات الغاز اللازمة خلال الربيع والصيف الماضيين، على أمل مزيد من انخفاض الأسعار.
ووفقاً لتقديرات شركة “جازبروم” الروسية، فإنه اعتباراً من 10 يناير الجاري، تم ملء منشآت الغاز الأوروبية بنسبة 50.88%، بمقدار 54.93 مليار متر مكعب من الغاز.
وقبل عام، كان مستوى الاحتياطيات أعلى بمقدار حوالي 18 مليار متر مكعب، وإذا لم تقم روسيا بزيادة الإمدادات، فإن المخزون في أوروبا سينخفض إلى 15% بحلول نهاية مارس، وهو ما قد يكون الأدنى في التاريخ.
ووفقاً لخبراء الشركة الاستشارية “وود ماكينزي Wood Mackenzie، إذا توقفت إمدادات الغاز من روسيا تماماً، ستتجمد أوروبا حرفياً هذا الشتاء.
سيناريو المواجهة
وعليه فسيناريو المواجهة الصعبة، يدخل أوروبا فى كارثة اقتصادية، ومن غير المرجّح أن تكون قادرة على المشاركة بنشاط في أي مواجهة مع روسيا.
على العكس من ذلك، سوف تبذل أوروبا قصارى جهدها لإنهاء المواجهة في أسرع وقت ممكن.
ويؤكد الكاتب أنه ذهب إلى نفس النتيجة في مقال سابق له حاول فيه إثبات وجهة نظر أن روسيا ستحاول الابتعاد عن الحرب مع أوكرانيا، التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية، مقابل محاولتها الدخول في مواجهة مباشرة مع واشنطن، ذلك أن حرباً كبيرة مع روسيا هو أمر غير مقبول لها، عشية اشتباكها مع الصين.
لذلك، ستبذل الولايات المتحدة كل ما بوسعها للخروج من الصراع العسكري مع روسيا في أقرب فرصة ممكنة، ومن المرجح أن يظل مثل هذا الصراع محليّاً.
ومن هنا يرى الكاتب أن الأزمة تتجه نحو مواجهة عسكرية روسية – أمريكية مباشرة في المستقبل القريب، في الشتاء، وربما في يناير الحالى.
الرد الروسى.. أين وكيف ؟
لكنه يطرح السؤال الرئيسي ويبحث له عن إجابة، والسؤال هو: ما هي الإجراءات العسكرية، والعسكرية التقنية، التي سوف ترد بها روسيا؟ وأين؟
ويجيب نازاروف: تستطيع روسيا إخافة الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر فقط على حدود الأراضي الأمريكية. أمّا أوكرانيا أو أوروبا فلن تكونا مناسبتين لهذا الغرض.
علاوة على ذلك، تبذل روسيا قصارى جهدها لتفادي السيناريو الأوكراني.
ويواصل الكاتب فيقول: نظرياً، يمكن افتراض أن لدى روسيا بعض الأسلحة المعجزة الجديدة، التي يمكن أن تعلق في الهواء لسنوات، وتبعد 30 كيلومتراً فقط عن نيويورك، وتضرب في اللحظة المناسبة بسرعة تفوق سرعة الصوت بعدة مرات.
ومن المحتمل أن يكون أحد تلك الأسلحة مرتبط بواقعة التجربة التي أجريت في موقع “نيونوكسا”، شمال روسيا، ووصفتها بعض الجرائد المصرية آنذاك بأنه انفجار نووي.
أو ربما يتعلّق الأمر بغواصات نووية من دون طيار، برأس حربي يحمل 100 ميجاطن، من شأنها أن تغرق الساحل الأمريكي في البحر بمساعدة تسونامي.
ويود المرء أن يأمل أن تقتصر المواجهة على تهديدات من هذا النوع، تفضي في نهاية المطاف إلى مفاوضات بأسرع ما يكون، على الرغم من وجود خطر نشوب صراع نووي في هذا السيناريو أيضاً.
وأعتقد أن كل هذا ليس مرجّحاً الآن، والأهم من ذلك أنه لن يكون مطلوباً. فهناك سيناريوهات تمتلك روسيا بالفعل أسلحة كافية لها.
نقطة الضعف
ويعود الكاتب ليؤكد أن النقطة الأكثر ضعفاً في موقف الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الآن هي الاقتصاد.
حيث يتسارع التضخّم في الغرب والعالم، وتشهد اقتصادات الولايات المتحدة وأوروبا توازناً دقيقاً بين الانهيار الكارثي لبورصات الأوراق المالية وانهيار الاقتصاد والتضخّم المفرط وكذلك إغلاق الاقتصاد. فأي صدمة عالمية ستنتهي حتماً بانهيار الاقتصاد الغربي.
وفي واقع الأمر، لن يتمكن الغرب من شن حرب استنزاف يكون فيها أقوى من روسيا في ظل هذه الظروف.
وبشكل عام، لا يهم ما سيكون الرد العسكري الروسي، الأمر الرئيسي هو أنه سيكون كبيراً بما يكفي لبدء تفاعل متسلسل من التفكك في الاقتصاد الغربي.
ويعود الكاتب ليطرح سؤاله مجددا: كيف وأين؟
ويكرر الكاتب التأكيد على أن الطاقة تقف في صف روسيا، ولا يوجد سبب يمنعها من استخدام هذه الورقة الرابحة مرتين.
ويضيف أن هناك بلد في الشرق الأوسط، يوجد على أراضيه الجيش الأمريكي بشكل غير قانوني، وستكون الضربة حينها أولاً، قانونية، وثانياً، ستؤدي حتماً إلى اضطرابات عالمية.
وفي حال استخدام أمريكا لبنيتها التحتية العسكرية الإقليمية، يمكن لروسيا أن تضرب القواعد الأمريكية في المنطقة، بل ومن الممكن أن تنحرف بضعة صواريخ أمريكية أو روسية عن مسارها خلال القتال، لتدمر عن طريق “الخطأ” أكبر المنشآت النفطية في المنطقة.
الطاقة!!
وفي هذه الحالة، وبشكل عام، فمن غير المحتمل أن يتم توفير إمدادات النفط والغاز من هذه المنطقة لعدة أشهر على الأقل، وحينها سيحلم المشترون بالحصول على برميل نفط بسعر 1000 دولار أمريكي.
ويقول الكاتب: “أعتقد أنها قد تكون الصدمة الأخيرة للنظام المالي في الغرب”
.. بالطبع، سيكون الأمر صعباً على العالم بأسره، لكن الاقتصاد الأمريكي سوف يدمّر مع أي تطوّر للأعمال العدائية.
ويورد الكاتب عبارة قالها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوماً، وجاء فيها: “ما حاجتنا لعالم بدون روسيا؟”.
هذا تحديداً ما يفعله الغرب بتضييقه حلقة العقوبات، ووضع الصواريخ على حدود روسيا، لنصبح الآن على مقربة من الخط، الذي يصبح من الممكن بعده إيجاد عالم بدون روسيا، لذلك فليس لدى روسيا ما تخسره.