د. ناجح إبراهيم يكتب: الرسول «محمد».. في فكر نظمي لوقا
كتب د. ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان”الرسول “محمد” .. في فكر نظمي لوقا” وتم نشره في جريدة الوطن الثلاثاء وهذا هو نص المقال:
• د/نظمي لوقا أستاذ الفلسفة بآداب القاهرة فيلسوف ومفكر عبقري مسيحي أرثوذكسي ضرب مثالاً رائعاً للدنيا كلها في التجرد وقبول الآخر وإنصافه ونبذ التعصب.
• لم يمنعه معتقده الديني المسيحي من إنصاف النبي ورسالته وذلك في كتابيه “محمد الرسالة والرسول”,”محمد في حياته الخاصة”فضلاً عن كتابه “أبو بكر حواري محمد”,”أنا والإسلام”,”الله الإنسان والقيمة” فضلاً عن دواوين شعرية كثيرة.
• وضع منهجاً لحياته وهو محاربة الجهل والتعصب لقناعته بخطرهما علي الأمة كلها, واعتبر أن مهمته السامية تكمن في التبصير ومحو الأمية الفكرية تجاه الإسلام ونبيه محمد “ص”.
• وكان يقول: “إنني شديد الإيمان بروح ديانتي المسيحية ومبادئها ومثالياتها والمحبة التي تعم العدو والصديق هي لباب هذه الديانة وبدونها تنحط الديانة إلي شعائر جوفاء.
ويقول أيضاً “ولذا وجب علي محاربة التعصب الذميم ومصدره, وهو التفكير الذاتي, فالمسيح يدعوني صراحة قبل أن أفكر في إخراج القذى من عين سواي أن أجتهد أولاً في إخراج الخشبة التي في عيني أنا”.
• ومن أعظم كلماته التي تسجل بأحرف من نور “لئن كنت أنصفت الإسلام في كتاباتي فليس ذلك من منطلق التخلي عن مسيحيتي بل من منطلق الإخلاص لها والتمسك بجوهرها وأخلاقياتها:”ولذا يتعين علي أن أواصل كفاحي لمحو الأمية الفكرية وانتمائي الوطني والقومي والإنساني”.
• وقد لاقي د/نظمى لوقا من أجل إنصافه هذا عنتاً شديداً في حياته الأكاديمية والفكرية والإنسانية, فحاله كان أشبه بحال القابض علي الجمر في مواجهة الجامدين والمتعصبين الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً حوله.
• قدم لكتابه “محمد الرسالة والرسول “عباقرة ثلاث هم أمين الخولي, وفتحي رضوان, كمال الدين حسين وكلهم كان معجباً بفكر د/نظمي.
• والمتأمل في كلمات د/نظمى عن الإسلام”الرسالة” وعن محمد “ص” الرسول يجدها أقوى بكثير من معظم كتابات المسلمين وأعمق منها وأدق, وها أنذا أسوق بعضها مختصراً “لا أري شريعة أدعي للإنصاف ولا أنفى للإجحاف والعصبية من شريعة تقول: “وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ” أجل نعدل ولا نجور فذلك حق أنفسنا علينا, وضمائرنا علينا, قبل أن يكون حق هذا من الناس أو ذاك, وما أري الشانئ “الكاره” يضير خصمه حين يجور عليه في الحكم إلا كما يفقأ امرؤ عين نفسه كي لا يري من يسؤوه مرآة”.
• ثم يردف قائلاٍ: “ولست أنكر أن بواعث كثيرة في صباي قربت بيني وبين هذا الرسول ولا أنكر هذا الحب أو أتنكر له بل إني لأشرف به وأحمد له بوادره وعقباه, ولعل هذا الحب هو الذي يسر لي شيئاً من التفهم”.
• ويقول عن كتابه عن الرسول محمد: “إنها شهادة حق أو رسالة حب أو تحية توقير وتبجيل فما كان كآحاد الناس في خلاله “صفاته” ومزاياه, وهو الذي اجتمعت له آلاء الرسل وهمة البطل”.
• ويقول عن الرسول: “رجل فرد هو لسان السماء, فوقه الله لا سواه, ومِن تحته سائر عباد الله من المؤمنين, ولكن هذا الرجل يأبى أن يداخله من ذلك كِبْر, بلْ يُشفق، بلْ يفرق من ذلك ويحشد نفسه كلها لحرب الزهو في سريرته، قبل أن يحاربه في سرائر تابعيه, ولو أن هذا الرسول بما أنعم من الهداية على الناس وما تمّ له من العزة والأيادي، وما استقام له من السلطان، اعتدّ بذلك كله واعتزّ، لما كان عليه جُناح من أحد؛ لأنه إنما يعتدّ بقيمة ماثلة، ويعتز بمزية طائلة”.
• وتحدث عن مفهوم النبوة في الإسلام وبشرية الرسول بكلمات رائعة “لا تأليه ولا شبهة تأليه في معنى النبوة الإسلامية, فالعبد عبد، والربّ ربّ، وقد درجت شعوب الأرض على تأليه الملوك والأبطال والأجداد، فكان الرسل أيضاً معرضين لمثل ذلك الربط بينهم وبين الألوهية بسبب من الأسباب، فما أقرب الناس لو تُرِكوا لأنفسهم أن يعتقدوا في الرسول أو النبيّ أنه ليس بشراً كسائر البشر، وأن له صفة من صفات الألوهية على نحو من الأنحاء, ولذا نجد توكيد هذا التنبيه متواتراً مكرراً في آيات القرآن، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}وفي تخيُّر كلمة (مثلكم) معنى مقصود به التسوية المطلقة”.
• ويتحدث عن تواضع الرسول فيقول: “إن لُباب المسألة كلّها أن الرسول كان أكبر من سلطانه الكبير، فعندما يدهش رجل بين يديه ويرتعش، يقول له: “هَوّن عليك،لستُ بملِك! إنما أنا ابن امرأةٍ كانت تأكل القديد بمكة”, إنَّ مجد هذه الكلمة وحدها يرجح بفتوح الغزاة كافة وأبّهة القياصرة أجمعين,أنت بأجمعك يا رسول الله في هذه الكلمة وما أضخمها – أيها الصادق الأمين”.
• وتحدث عن أخلاقيات صاحب الرسالة فقال بحسب وصف زوجاته ناقلي سيرته وأحاديثه” فقد قالت له إحداهن: “والله لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”, ووصفته أخرى،بقولها: “كان الرسول قرآناً يمشي على الأرض “.
• نظمي لوقا رحمه الله اعتبره من أعظم المفكرين المصريين والعرب, ورغم ذلك لم يعجب المتعصبين من الفريقين,وكان كل فريق يعتبره دسيسة علي الآخر,إن كانت لي كلمة في نهاية المقال فهي إعجابي بشخصية وفكر د/نظمي لوقا وتقديري العظيم له, رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.