لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: الجيش المصري في المركز 12 عالمياً والأول على مستوى الشرق الأوسط
صدر التقرير السنوي لمنظمة جلوبال فاير باور “Global Fire Power” في موعده من كل عام، في شهر يناير، ليحدد ترتيب القوات العسكرية، التقليدية، غير النووية، من حيث القوة، مصنفاً الجيش المصري في المرتبة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط، من بين خمسة عشر قوة عسكرية، وفي المركز الثاني عشر، على مستوى العالم، من بين 140 دولة. تعتمد منظمة جلوبال فاير باور “Global Fire Power” على عدة عوامل للتقييم، لترتيب قوة الجيوش، تصل لنحو 50 مؤشر، موزعين على عدة فئات رئيسية، أهمهم القوة البشرية، وحجم وتطور الأسلحة والمعدات العسكرية، ثم حجم الإنفاق العسكري، والموقع الجيوسياسي للدولة، والقوة اللوجستية، وموارد الدولة الطبيعية، وغيرهم.
وبناء على تلك المؤشرات والعوامل، الموضوعية، التي يكون لكل منها وزن نسبي عند تحديد القوة العسكرية لأي دولة، فقد جاء تصنيف الجيش التركي في المرتبة الثانية بمنطقة الشرق الأوسط والثالث عشر عالمياً، يليه الجيش الإيراني في المرتبة الثالثة بالشرق الأوسط والرابع عشر عالمياً، أما الجيش الإسرائيلي فجاء في المرتبة الرابعة لمنطقة الشرق الأوسط والثامن عشر عالمياً، واحتل الجيش السعودي المرتبة الخامسة بالشرق الأوسط والعشرون عالمياً، بينما الجيش العراقي في المرتبة السادسة في المنطقة والرابعة والثلاثون عالمياً، وبعده الجيش الإماراتي في المرتبة السابعة في المنطقة والسادسة والثلاثون عالمياً، وحل الجيش السوري ثامناً في منطقة الشرق الأوسط، والجيش الكويتي في المرتبة التاسعة، أما المرتبة العاشرة في المنطقة فكانت من نصيب الجيش الأردني، يليه، بالترتيب، قطر وعمان واليمن والبحرين ثم لبنان.
ويُلاحظ من ترتيب المراكز هذا العام، استمرار خروج الجيش الإيراني من ترتيب أقوى عشر دول في العالم، بعدما اعتاد منافستهم في عهد شاه إيران، وهو ما يرجع لاعتماد نظام الحكم الديني المتطرف، بداية من عصر الخوميني، إلى تقليل الاعتماد على الجيش النظامي، والتركيز على الحرس الثوري، الذي يضمن الولاء للإمام وليس للدولة، فتم، عمداً، إضعاف الجيش النظامي لحساب إرساء الحرس الثوري، وهو ما له بالغ الأثر السلبي، منذ ذلك الحين، على مركز الجيش الإيراني ضمن ترتيب العشر الأوائل.
كما تلاحظ، هذا العام، تقدم مصر مقارنة بتصنيف العام الماضي؛ فبعدما كانت في المركز الثالث عشر، تقدمت للمركز الثاني عشر على مستوى العالم، خلفاً لكل من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحتل المركز الأول كأقوى الجيوش التقليدية، يليها في الترتيب، روسيا، ثم الصين، والهند، واليابان في الترتيب الخامس عالمياً، وهذه الدول الخمس لم يتغير تصنيفها طوال الأعوام الثلاثة السابقة، أو حتى ما قبلها، باستثناء المركز الخامس، الذي كانت تتبادله اليابان وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا. أما المركز السادس، في الترتيب الحالي، فشغلته كوريا الجنوبية، متقدمة على الجيش الفرنسي الذي احتل المركز السابع، يليه الجيش البريطاني في المركز الثامن، ثم باكستان في المركز التاسع، والبرازيل في المركز العاشر، يخلفهم إيطاليا في المركز الحادي عشر، ثم مصر في المركز الثاني عشر عالمياً.
وتشير التقارير إلى أن نجاح مصر في أن تكون أقوى جيوش المنطقة يرجع لعدة أسباب، على رأسها قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي اتخذه فور توليه رئاسة البلاد، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، بتنويع مصادر السلاح، بعدما كان اعتمادنا مقصوراً، لمدة تزيد عن 40 عاماً، على السلاح الأمريكي. والحقيقة أن ذلك القرار لا يقصد منه، أبداً، التقليل من أهمية السلاح الأمريكي، لكن المقصود منه إيلاء الأولوية القصوى للجيش المصري، في تحديد احتياجاته، بما يتناسب مع متطلبات الأمن القومي المصري، ووفقاً للشروط التعاقدية المناسبة، بما يحقق استمرارية توافر قطع الغيار، والدعم الفني لهذه الأسلحة. كما كان لتكرار التدريبات العسكرية المشتركة مع العديد من الدول، الفضل في اكتساب الجيش المصري لقدرات وخبرات قتالية جديدة، انعكست على ارتفاع تقييم قوته العسكرية.
واعتماداً على قرار تنويع مصادر السلاح، ولمجابهة التهديدات التي تواجهها مصر على الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، قررت القيادة المصرية تعزيز القدرات العسكرية، وخاصة القوات البحرية، التي أصبحت القوة السادسة بحرياً في العالم، بهدف تأمين استثماراتها وثرواتها البترولية في البحر المتوسط، بالتوازي مع تأمين حدودها في البحر الأحمر، والمجرى الملاحي لقناة السويس، الشريان الرئيسي للدخل القومي المصري. بل وزادت مصر من قدراتها البحرية، من خلال عمليات تصنيع الفرقاطات الفرنسية والإيطالية في الترسانة البحرية بالإسكندرية، مع تصنيع لنشات الصواريخ المختلفة. كما دعمت قدراتها بشراء قمر صناعي عسكري، من فرنسا، يحقق للقوات المصرية الحصول على المعلومات، مع تأمين اتصالاتها خارجياً، وداخلياً.
يضاف لذلك نجاح مصر، منذ تولي الرئيس السيسي، في تطوير مصانعها الحربية، وهو ما انعكس، في قدرتها على تنظيم دورتين من معرض الدفاع “أيديكس”، الذي عرضت خلاله أسلحتها المتطورة، ومنها الطائرة المسيرة بدون طيار. وجاء إنشاء القواعد العسكرية المصرية الجديدة؛ قاعدة 3 يوليو في البحر المتوسط، وقاعدة برنيس في البحر الأحمر، وقاعدة محمد نجيب، كأكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط، لتأمين الاتجاهات الشمالية الشرقية، والشمالية الغربية، لترفع من تقييم القوات المسلحة المصرية سواء إقليمياً أو عالمياً.
ورغم أن عقيدة مصر واستراتيجيتها، كانت، وستظل، السياسة الدفاعية، إلا أن قواتها المسلحة النظامية، القوية، تضمن ردع كل من تسول له نفسه مجرد تهديد أمنها القومي، أو تهديد ثروات شعبها ومقدراته.
Email: [email protected]