أحمد عاطف آدم يكتب: أصحاب ولا أضل

منذ عدة أيام طفت على سطح الرأى العام أزمة جديدة لسقطة فنية كانت بطلتها منى زكى، حيث ظهرت الفنانة المصرية بفيلم تم تصويره فى لبنان، بعنوان “أصحاب ولا أعز”، شاركها بطولته مجموعة من الفنانين اللبنانيين بالإضافة للأردنى “إياد نصار”، من خلال تعريب النسخة الأصلية لفيلم إيطالي هو “غرباء بالكامل” – وربما كانت التفاصيل غريبة أيضًا، وستظل كذلك، لأن الشذوذ والدياثة والانحطاط وغياب النخوة وارتفاع صوت البجاحة، هى قيم مجتمعية لم ولن تكون من ثوابتنا الدينية أو العربية، بل سينبذها القرآن والإنجيل وكل الأديان السماوية حتى قيام الساعة.

اقرأ أيضا للكاتب:

وبعيدًا عن التفاصيل سالفة الذكر التي لن أخوض فيها كثيرا، لأنها استُهلكت بما فيه الكفاية، حتى أنني فضَّلتُ الانتظار طيلة الأيام الماضية بعد عرض الفيلم، كي تكتمل الصورة أمامي من كل الاتجاهات، وأستطيع إضافة منظور جديد للقارئ.

لاحظتُ أن الفيلم لم يشخصه أبطاله فحسب، بل شاركهم آخرين من “ولاد كارهم”  – معظمهم دافع عن منى زكي وتهكَّم على منتقديها مثل تامر حبيب وإلهام شاهين، ومنهم من دافع بطريقة مستترة عنها مثل الفنان الكبير محمد صبحي عندما هاتفه الإعلامي سيد على ببرنامجه “حضرة المواطن”، للسؤال عن رأيه، فقال صبحي فى بداية كلامه بأنه لم يشاهد الفيلم لكنه سمع “طراطيش كلام”، وأضاف تعليقًا على منتقدي العمل: “هما شافوا بعض اللقطات أو كدا وبيعترضوا، آه ممكن أوي دا شئ يحترم، ممكن تقول رأيك، لكن يا اخوانا انتوا مش واخدين بالكوا إن دى منصة أمريكية، نمرة اتنين كل الممثلين مش مصريين ما عدا منى زكي.

وقاطعه سيد علي قائلًا “تلميذتك اللى أنت اكتشفتها”، فرد صبحى “أيوه”. واستكمل صبحي كلامه قائلا:

“اكتشفت ببساطة شديدة جدًا أننا بنجلد منى زكي وهي خارج إطار العمل الفني داخل مصر، ولكن أنا محتاج برده يا أستاذ سيد إنى أشوف الفيلم علشان أقدر أناقش صح”.

وأنا أسأل الفنان محمد صبحي هنا سؤالًا على غرار اسم مسرحيته الشهيرة “وجهة نظر”، وأقول له: “ألم تسمع يا فنان ضمن “طراطيش الكلام” حول الفيلم بأن منى زكي التى وصفها لك مقدم البرنامج بأنها تلميذتك، تخلع فيه ثوب الخجل والعفاف التى تتميز به المرأة برمزية لا تليق، ووافقت على أن تجسد دور زوجة مصرية، زوجها يقصر فى حقوقها، فتفضل رد تقصيره بخيانة الأمانة معه فى كل اتجاه، كما وافقت على الاشتراك بعمل يرمز فيه زوجها ” إياد نصار” – إلي زوج مصري يشجع صديقه الشاذ على شذوذه والجهر به…. إلخ.

التفاصيل والتصريحات التى تلت العمل المضلل هى من وجهة نظري – تعد المصيبة الأكبر – والزاوية الأهم من الفيلم نفسه، فى ظل تسكع منصات الخراب مثل “نتفيلكس” بالسماء المفتوحة على مصرعيها، واستحالة توقيفها أو منع محاولة “غربنتها” لكل ما هو شرقي وعربي محافظ، ليبقى الشيء المفجع حقًا هو ضياع أمانة الكلمة، على لسان فنان كبير بحجم صبحي وربما غيره، وتركيزهم فقط على نقد الجماهير لا العمل أو القائمين عليه وبشكل واضح.

لذا من الضروري أن يستفيق مثل هؤلاء، لأنهم إن لم يفعلوا قبل فوات الأوان – فلن يقف الأمر عند فيلم “أصحاب ولا أضل” بل سيمتد الأمر إلى تشويش بوصلة أجيال وأجيال وتضليل اتجاههم الصحيح للتفريق بين “الصح والغلط” وخلط المفاهيم، وطمس هوية القدوة والتمادي فى طريق اللاعودة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى