د.علي عبد الله يكتب.. عاش بدائه ومات بشرابه ودوائه
صرف الدواء له قواعد صارمة ووقتا كافيا لمراجعة تاريخ المريض الدوائى والمرضى وعاداته وغذاؤه، وما يحدث من استعجال المرضى لصرف دواءهم أو تسابق الصيدليات لتحقيق أرقام قياسية لسرعة صرف الدواء للمريض لهى جريمة فى حقهم، وقد اعددت دراسة عن زمن صرف أحد المضادات الحيوية بطريقة تضمن سلامة المريض وتقليص الاَثار الجانبية فوجدها تصل إلى الربع ساعة .
وهنا فى مقالى هذا استعرض لكم مثالا واحد أبدا لا يتبادر للأذهان خطورته، وهو إذا تناول مريض عصيرا للرمان أو جريب فروت .
ولهما وما يماثلهما فوائد عظيمة لا استغناء عنها من احتوائهم على مضادات أكسدة وفيتامين سى، إلا أنهما يحتوان أيضا على مركبات تسمى furanocoumarines وهى فى كل أشكال هذه الفاكهة سواء أكانت فاكهة كاملة أو عصيرها، وهذه المركبات هى المسؤلة عن تعطيل انزيمات الكبد، والتى بدورها تقوم بتكسير (هضم) الأدوية عند مرورها بالكبد لتحويلها لصورة جاهزة لاخراجها من الكلى عن طريق البول، وهذا يحدث لـ 50 نوعا من الأدوية، وهذن معناه زيادة تركيز هذه الأدوية فى الدم إلى الحد الذى يصل إلى أضعاف الجرعة الامنة، مما يسبب إلى اثار جانبية خطيرة تصل إلى الوفاه.
وعلى جانب اَخر يقل مفعول أدوية اَخرى يستلزم زيادة فى الجرعات، ومن الأدوية التى تزيد سميتها إذا شربت متزامنه مع تلك الأنواع من العصائر أدوية للسرطان، مضادات حيوية، القلب، وارتفاع ضغط الدم، لتقليل نسبة الدهون، زرع الأعضاء، هرمونات منشطات جنسية والقائمة تطول وإذا اخذنا مثالين لهذه الأدوية ودوا Ribociclib والذى يستخدم فى علاج سرطان الثدى، فإن عصير الرمان يؤدى إلى ارتفاع مستوى الدواء في الدم إلى المستوى السام، مما يحدث أثارا عكسية خطيرة مثل العدوى، خلل فى عدد كريات الدم، نزيف، وألم فى المعدة، فقد الشهية، قئ، اسهال، سقوط الشعر، إرهاق شديد، وقد يؤدى ذلك للوفاة.
ومثال اَخر مع دواء الـ felodipine الخافض لضغط الدم يرتفع تركيزة للضعف، إذا تناوله المريض مع عصير الرمان أو الجريب فروت، ليسبب هبوط وعدم انتظام ضربات القلب تورم.. إلخ.
وقد تحدث اَثارا جانبية اَخرى مع أدوية اَخرى مثل تلف الكبد والكلى وصعوبة فى التنفس وضرر العضلات، وقد يتأثر بطبيعة الحال كبار السن لتناولهم أكثر من دواء لأكثر من مرض، وقليل من هذه العصائر مثل كثيرة في ثمرة واحدة أو كوب صغير ممكن أن يحدث هذه الاَثار الجانبية، ولأن اثر المادة الموجودة فى العصير تمد إلى يوم كامل، فلا يصلح الفاصل الزمنى بين تناول العصير والدواء، ويجب إما تجنب تناول العصائر أو اختيار أدوية اَخرى لا تتفاعل.
ويجب على الصيادلة مراجعة الأدوية والعادات الغذائية والمشروبات قبل صرف العلاج؛ لتجنب الكوارث الناتجة بسبب تفاعلات الدواء والأغذية والمشروبات، مخطئ من يساوى بين كيس الدواء وكيس الخضار، ومعذور إن كان ذلك جهلا ومضلل إن كان يعلم ويحاول التهوين، ولأن الدواء مهنة تُمارس وليس سلعة تُباع، فيجب الحذر كل الحذر، وقد يتعايش المريض مع داءه لكن يقتله شرابه مع دوائه.