طارق السيد متولى يكتب «يوميات زومبى» (18): إرهاب وإدمان وإفلاس

فى طريق العودة إلى القاهرة دخلنا مطار شرم الشيخ وقفنا فى طابور طويل أمام مكتب شركة الطيران لنحصل على بطاقات الصعود للطائرة بعد أن عبرنا بوابة الدخول وتعرضنا لتفتيش دقيق.

خلعنا المعاطف والأحذية والجوارب أيضا، وأذكر أننا فى الماضى كنا نعبر بدون هذه الإجراءات قبل ظهور الزومبى فكنا نعبر فقط خلال جهاز كشف المعادن لكن تصرفات الزومبى والإرهاب لم يترك لنا شيئا على حاله.

بينما نحن واقفون فى الطابور مصريين وأجانب أتى أحد الأشخاص ومعه عائلته، وبدلا من أن يقف فى نهاية الطابور مثله مثلنا تقدم إلى شباك الطيران مباشرة متجاهلا كل الواقفين والمنتظرين فى الطابور والغريب أن المسافرين فى بداية الطابور لم يعترضوا، ولما هم هذا الشخص أن يقدم التذاكر الخاصة به وبعائلته للموظف لم أجد بد من الإعتراض عليه وقلت له لابد أن تقف فى الطابور مثلنا فغضب وقال “أصل أنا مستعجل”.

تخيل بهذا المنطق الغريب يبرر عدم وقوفه فى الطابور وتعديه على حق الآخرين.

سألته ماذا تعنى بكلمة “مستعجل”؟!.. نحن جميعا مسافرون على نفس الطائرة فى نفس الموعد وطبعا السائحون الأجانب يشاهدون، وينظرون بتعجب وإندهاش، ولا يفهمون كلامنا بالعربية، لكن أحدهم أشار بيده بعلامة تأييد لاعتراضى على تخطى الطابور والدور.

وبعد الاعتراض انصرف الرجل إلى شباك آخر ليقوم بمحاولة أخرى وتركنا وهو ممتعض وينظر لى بغضب.

وصلنا بسلامة الله إلى القاهرة.

وعدنا إلى الروتين اليومى كانت رحلة جميلة فى مجملها افتقدت فيها صوت الباعة الجائلين وضوضاء القاهرة.

فى المساء جلست مع أصدقاء المقهى وعرفت بخبر وفاة الشاب صبرى الذى أدمن الترامادول بعد معاناة مع المرض
وهو فى ريعان شبابه.

خيم الحزن على الجلسة واتسم الحديث بالجد والحكمة على غير المعتاد، وتذكرنا شاب آخر سامح من أسرة طيبة فى الحى توفى أيضا بسبب إدمانه شرب نوع من أنواع أدوية الكحة الذى يحتوى على مخدر وذلك عندما شرب كمية كبيرة منه دفعة واحدة فحدث له هبوط حاد فى الدورة الدموية وتوفى فى الحال.

ظاهرة عجيبة إدمان الأدوية المخدرة لدى بعض الشباب كونها متاحة، ومن السهل الحصول عليها خصوصا أن الأدوية لدينا تصرف بدون روشتة الطبيب وبأى كميات وهذا ما لا تجده فى بلاد العالم المتقدم إذ يشترط وجود الروشتة لصرف الدواء وبالكمية المحددة بها .

أتى مدبولى صاحب محمصة قديمة فى الحى وانضم إلينا وهو مهموم، والده كان من أوائل وأكبر تجار الحبوب والحلويات فى مصر لكن الزمن لا يبقى على حال، بعد وفاة الوالد تدهورت التجارة ولم يتبقى لمدبولى سوى إيراد المحمصة القليل.

كان الناس فى الحى يطلقون عليه لقب المليونير الفقير فعلى الرغم من أنهم يمتلكون حوالى خمس عمارات فى الحى ومحمصة إلا أن جميع العمارات القديمة والمحلات الموجودة بها لا تدر عليه وعلى إخواته إلا مبلغا زهيدا حسب قانون الإيجارات القديم.

العمارات فى حالة جيدة يصعب إزالتها والحصول على الأرض التى تساوى ملايين الجنيهات فى الوقت الحاضر فكان مدبولى يعانى قلة المال وتكاليف الحياة رغم كل ما يملكه.

عدت إلى المنزل لأستعد للنوم فغدا نعود إلى العمل من جديد بعد إجازة قصيرة لكنها ممتعة.

نكمل فى يوم اخر من يوميات زومبى، فإلى اللقاء.

اقرأ ايضا للكاتب:

 

زر الذهاب إلى الأعلى