شريف عبد القادر يكتب: إزعاج الموتى فى مضاجعهم
كان يقال فى الماضى عن الأماكن السكنية الهادئة إنها تتمتع بهدوء مثل هدوء المقابر.
ومدافن القاهره القديمه الممتده من شارع صلاح سالم، والسيدة عائشة، والسيدة نفيسة، رضى الله عنهما، وعين الصيرة، حتى البساتين، عندما تم إنشائها كانت بعيدة عن المناطق السكنية وتتسم بالهدوء.
وبعد ثورة يوليو ١٩٥٢ تلاحظ عدم إحترام حرمة الموتى حيث تفتق ذهن الحكومة بإزالة مدافن ليشقوا شارع أطلقوا عليه اسم صلاح سالم وهو أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة..
ومع الاهتراء الإدارى فى الحقب المتتالية، بدأ الزحف العمرانى يتجه نحو المدافن حيث بدأت الهجرة المكثفة من الأقاليم وتأزم توافر سكن مناسب للبعض منهم لتبدأ سكنى المقابر التى بها حجرة ودورة مياه حيث كان الكثير من المدافن بها حجرة ودورة مياه يستخدمها أصحاب المدافن عند زيارتها طوال اليوم وربما يبيتون لليوم التالى.
وبعد أن أقلع الناس عن استخدام الحجرة واقتصار الزيارة لمدة ساعة أو أكثر قليلا أو أقل، لجأ “التُربية” لتأجير المدافن التى بها حجرة ودورة مياه.
وظل الزحف السكانى مستمر تجاه المدافن وأضيف إليه الورش وانشطه أخرى.
وإبان حكم مبارك فى فترة تفشى تولى رجال الأعمال الطرح نهر الذين ظهروا شيطانى ليتولوا مناصب وزارية وبرلمانية تفتق ذهن جمال مبارك وأحمد عز وحاشيتهما عما يسمى مصر ٢٠٥٠ أو ٢٠٣٠ واعلنوا عن نيتهم إزالة مدافن القاهره القديمة من شارع صلاح سالم وحتى البساتين واستثمار الأرض فى مشروعات عقارية ومنها إنشاء (خد عندك) مدينة ملاهى عالميه.
كما أعلنوا عن نيتهم استثمار أرض حديقة الحيوانات بالجيزة وحديقة الأورمان، ومستشفى العباسية للأمراض النفسيه .
ولكن أعترض شرفاء على رأسهم الدكتور زاهى حواس وتم إجهاض المخطط الإجرامى حيث أعلن دكتور حواس أن الحديقتين والمستشفى يعدا أثريتين، لأن عمر البناء فيهمان تجاوز المائة عام،
وبالتالى أغلب مدافن القاهره القديمة تجاوز بناءها ١٠٠ عام.
وما نخشاه مستقبلاً أن تظهر افتكاسات لإزالة المدافن القديمة، دون مراعاة لحرمة الموتى الذين تحللت جثامينهم بالأرض واستراحوا بعد معاناة منذ لاصوت يعلو على صوت المعركه ثم ربط الحزام حتى عام ١٩٨٠ ثم الخطط الخمسية، والعشرية، ثم أبو لمعة الإخوانى ووعده لو فاز بالرئاسة باستثمارات تتجاوز ٢٠٠ مليار دولار و لم يحدث أثناء السنه الكبيسة التى ابتلينا فيها بحكمه.
وسبب الخشيه هو إزالة مدافن من أجل إنشاء كبارى ومشروعات.
ونرجو فى زمن الجمهورية الجديدة إصدار قانون يمنع إزالة المدافن القديمه نهائيا.
وأن تقوم الدولة بترميمها على غرار ترميم عمارات القاهره الخديوية.
إن إزالة المدافن مؤخراً فى بعض المناطق ذكرتنى بأيام تجنيدى عام ١٩٧٧ حيث كان يتم إنشاء كوبرى السيدة عائشة، وعند ذهابى صباحاً للمعسكر الذى كان وقتها بأول طريق صلاح سالم كنت أضطر للنزول من الأتوبيس والسير حتى المعسكر بسبب تكدس السيارات وبطء احركة السيارات.
وفى ذلك المكان كان قد تم إزالة مدافن من أجل الكوبرى وللأسف كنت أشاهد جماجم وعظام ملقاه من أثر إزالة المدافنن وكنت أرفعها من طريق المشاة وأضعها جانباً.
ولا أعرف لماذا لم تقم إدارة الجبانات بالمحافظه برفع رفات الموتى قبل هدم المدافن ووضعها بمدافن عمومية، لأن فى الغالب أصحاب المدافن ليس بمقدورهم نقل رفات موتاهم، أو لا يعلمون بإزالتها لعدم توافر وسيلة اتصال بهم من قبل المحافظه وغالباً لا يتابعون الإعلام المرئى والمقروء.
كما أنه من العجائب أن المدافن التى تم إزالتها لم يعوض أصحابها بمدافن بنفس المساحه فغالباً ما تكون المساحه أقل كثيراً وربما يتحملون قيمة بناءها.
واخيرا نتمنى مراعاة حرمة الموتى واحترام المدافن وعدم التفكير فى استغلال أراضيها التى تحللت بها جثامين الموتى.