أُطلق عليها باريس المنوفية.. كفر وهب.. نموذج مشرف للقرية المصرية
كتب: إسلام فليفل
حين يتحول الحلم إلى حقيقة، والإرادة والعزيمة إلى واقع ملموس، في قرية صغيرة من قرى المنوفية، تتشابه في الخصائص والظروف مع كل قرى مصر، ولكن تختلف عنهم فقط في الطموح والإرادة، فإنها تتحول من مجرد قرية صغيرة إلى قرية تشبة مدينة نموذجية تتوفر فيها كل سبل العيش والحياة الكريمة.
إنها قرية “كفر وهب”، القرية التى حظت على لقب أجمل قرية في العالم من قبل منظمة اليونسكو، حيث يعود ظهور تلك القرية المثالية الأولى بالعالم إلى حقبتي إبراهيم باشا وسعيد باشا ما بين عامي 1840-1850، على يد زيد أحمد وهب وأشقائه، والذي يرجع نسله إلى إبراهيم وهب، الذي جاء إلى مصر مع الفتح الإسلامي من الجزيرة العربية.
فقد حصل إبراهيم وهب أثناء توزيع الأراضي من الأتراك العثمانيين على 300 فدان، من “حاكم الخط”، الموكل بتوزيع الأراضي على المصريين، مقابل توريد المحاصيل إلى دولة العثمانيين، واستجلب المهاجرين من المدن إلى القرى فاستوطنوا القرية التي سميت على اسمه فيما بعد، ليؤدوا أعمال الزراعة والحصاد، كما استقدم عددًا من الأقباط سكنوا في “كفر عبده” المجاور لهم، وساعدهم في بناء كنيستهم ليضمن بقاءهم والعمل بزراعة الأراضي، ليستطيع الوفاء بتعهده أمام الدولة بعد الحصول على الأرض.
وقد لمعت “كفر وهب” كنموذج مشرف للبيئة الريفية، حيث كان غرس شجرة أمام كل منزل بالقرية هي بداية لتلك الإنطلاقة عام 1985 بالجهود الذاتية، لتتحول على مدار الأيام إلى لوحة تشكيلية بالشجر الممتد والمتشابك، يضفي منظرا خلابا ورائحة جميلة يستمتع بها ساكني القرية وزائريها، ومن ثم تقدمت محافظة المنوفية للمؤتمر بعرض نموذج “كفر وهب”، كواحدة من أفضل القرى النموذجية.
وحظت بشهادة دولية من منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحددة، التي اعتمدت في تطوير مرافقها على الجهود الذاتية، فيما يتعلق بملفات النظافة وتجميل البيئة وتوافر جميع مقوماتها، فقط بالجهود الذاتية لأهالي القرية، حيث بدأ أهالي القرية عملهم منذ سنوات، واستمروا في العمل مبتعدين تماما عن الروتين الحكومي، فقاموا بإنشاء مركز للشباب وميادين جمالية في القرية وعدد من المنشأت الحيوية، إضافة إلى الاعتماد على تجميل ونظافة القرية من خلال جمعية التنمية بالقرية.
ويقول محمد فوزي، أحد أبناء القرية، إن الفكرة بدأت مع د. مجدي عبد المقصود، أحد أبناء القرية، عندما كان طالبا بكلية الطب منذ عشرين عاما، إذ كان الطلبة يخصصون يوما لتنظيف الجامعة فقرر أن يفعل ذلك بقريته كفر وهب، ووجد استجابة من أبناء القرية الذين قاموا بالتنظيف وزراعة الأشجار، حيث امتلأت الشوارع حتى أن الزئر لكفر وهب يشعر أنه في حديقة عامة وليس في قرية.
ويضيف أنه تم زراعية ألفي شجرة مستديمة الخضرة من أشجار السرو والنخيل والرخامي والنيم، وضعت بصورة هندسية أمام منازل الأهالي لكي تمتص المياة الجوفية بالقرية، وتجعل منسوبها في حده الأدنى، وتضفي طابعا جماليا لشوارع القرية، إضافة إلى طرد الحشرات والناموس والذباب.
ويؤكد أن الأهالي قد تغلبوا على مشكلات تلوث المياة بإنشاء محطة للتنقية بالجهود الذاتية وفق أحدث تقنيات الفلترة، بحيث تخرج مياه لا تصلح فقط للاستهلاك الآدمي بل تصلح للغسل الكلوي، وتضم المحطة وحدة تعقيم بأشعة فوق البنفسجية لقتل البكتيريا وتنقية المياة بدرجة عالية.
وأكد أهالى القرية أن المشروع يعتبر حافزا قويا لباقي القرى، حيث إن النظافة مظهر من مظاهر التمدن لحضارى، مشيرين إلى أن بعض رجال الفكر والدولة وعدد من المحافظين السابقين قاموا بزيارة القرية وأبدوا حالة من الدهشة حيال تجربته، مما زاد حماستهم وقوي دافعهم ليبقوا في الصدارة وقدوة حسنة لباقي قري الجمهورية.