دور المسنين.. عقوق للوالدين أم ردّ للجميل

الحاجة أمينة.. ركبت أول “توك توك” لدار المسنين بسب مضايقات أبنائي

الحاجة وفاء.. خفت أموت لوحدي.. الدار هنا “وَنَس”

كتب: إسلام فليفل

تعتبر دور المسنين ظاهرة مثيرة للجدل بصورة واضحة وتثير استنكار شريحة واسعة في مجتمعاتنا العربية، حيث يرفضها الكثيرون باعتبارها شكلاً من أشكال عقوق الوالدين، فيما يجد فيها البعض حلاً عملياً لمشكلة هرم أحد الوالدين وتحوله إلى عبء على أحد الأبناء أو بعضهم، وهو حل إيجابي في حال مرض أحد الوالدين، إضافة لكونه يخلص الوالدين من الوحدة القاتلة في حال انشغال الأبناء.

تحكي الحاجة أمينة، 78عاما لـ”بيان” عن أسباب تواجدها في دار بركة السبع للمسنين بمحافظة المنوفية فتقول، بعد وفاة زوجي تنازلت عن شقتي لأحد أبنائي ليتزوج بها، إلا أنه وبعد فترة قصيرة بدأت المضايقات وأساليب الإزعاج الكثيرة من جانب أبنائي، وبمجرد أن زادت هذه المضايقات قررت ركوب أول “توك توك” متجهه للدار، وتؤكد على أنها مرتاحة ولا تنوى على ترك الدار أبدا.

الحاجة امينة
الحاجة امينة

لم تعد دور المسنين ملجأ لمن تركهم أبناءهم فقط، فهي أيضا ملاذا للخلاص من الوحدة، حيث تقول لنا الحاجة نعيمة 80عاما، أنها جاءت إلى دار المسنين بعد أن فقدت زوجها وأبناءها، وأصبحت وحيدة في بيتها، لا تجد من يرعاها ولا يزورها، فقررت التبرع ببيتها وقطعة أرض لإحدى الجمعيات الخيرية والعيش في دار المسنين، بحثا عن الرعاية والصحة الصالحة.

وتحكي لنا الحاجة وفاء-أولى نزيلات الدار- إنها لم يرزقها الله بالزوج، وبعد أن تقدم بها العمر وجدت نفسها وحيدة في بيتها، فقررت الانتقال للعيش في دار المسنين، فتقول “خفت أموت لوحدي، الدار هنا ونس”.

أما الحاجة تهاني 64 عاما- تقول إنها تزوجت في سن كبير، وبعد زواجها بستة أشهر مات عنها زوجها وأصبحت وحيدة، فقررت  المجيء إلي الدار، وأكدت أن الدار بها كافة التجهيزات وأساليب الرعاية الصحية، وأنها سعيدة بوجودها وسط زميلاتها اللاتي أصبحن مثل أسرتها.

ويعد الاهتمام بالمسنين من سمات الدول المتقدمة بحسب أستاذ علم الاجتماع الدكتور أحمد سعد، الذي أشار إلى أن هناك اهتمام عالمي بتلك الفئة يمكن ملاحظته في ظل جائحة كورونا، مشيرا إلى أنه عندما تم التوصل إلى لقاحات حظي المسنين بالمرتبة الثالثة بعد الجيش والأطباء.

ولفت سعد خلال حديثه مع “بيان” إلي أن كل المعتقدات والأديان تحترم كبار السن وتدعو لذلك، لكن المشكلة ليست في التعاليم والقوانين وإنما في التطبيق، ونحن في المجتمعات الشرقية لدينا أعراف لاحترام الكبير متوارثة عبر الأجيال، لكن مع مرور الوقت قد تتوارى تلك التقاليد والأعراف، وطالما أن الأعراف لا تفيد، فإن القانون أقوى في تنظيم تلك العلاقة.

وروى استاذ علم الاجتماع عن حالات كثيرة رآها في بداية عمله في مجال علم الاجتماع، بأن أحد أركان العملية التعليمية والبحثية كانت زيارة دور المسنين، ووصف ما كان يصيبه من “قشعريرة” عندما يرى كبار السن في أوضاع صعبة.

وتمنى سعد أن تكون لدى مصر منظومة إلكترونية متكاملة في كيفية التعامل مع المسنين وتوفير الرعاية والراحة لهم، بحيث تكون تلك المنظومة في المدرسة يتعلمها الأبناء ثم تكون في الإعلام ويطبقها المجتمع، علاوة على ذلك هناك جانب مهم جدا وهو صحة المسن أو الرعاية الصحية له.

ونوه إلي أن بعض دور المسنين لا ترحب بالمرضى منهم، وإذا حدثت أعراض مرضية للمسن تتصل الدار بأهله ليأخذوه، وفي بعض الأحيان يكون الأولاد في سفر، وهنا تكون الكارثة، لذا يجب أن يكون بجانب دار الرعاية دار أخرى ملحق بها مستشفى، وهذا غير موجود لدينا.

وأضاف إلي أنه على الرغم من حسن الرعاية التي تقدمها أغلب دور المسنين لساكنيها، إلا أنها تظل ألما لدى البعض، إن الوالدين وكبار السن هم بركة الحياة، وجبت علينا رعايتهم، فإن اضطرتنا ظروف الحياة لوضعهم في دار المسنين فيجب علينا ألا ننساهم.

زر الذهاب إلى الأعلى