د. ناجح إبراهيم يكتب: المعجزات بين محمد والمسيح
كتب د. ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان: ” المعجزات بين محمد والمسيح ” وتم نشره في جريدة الوطن، وفى التالى نص المقال:
• أكرم الله أنبياءه ورسله بما أجراه علي أيديهم من معجزات تخرق العادات وتعطل نواميس الكون وسنته والتي يعجز عن فعلها سائر الناس.
• وقد ساق الله هذه المعجزات علي أيدي رسله تكريماً وتشريفاً لهم وشاهداً وبرهاناً علي صدق نبوتهم ورسالتهم وما جاءوا به من البينات والهدى, ودافعاً لمن شاهد هذه المعجزات للتصديق بالنبوة, ولذا باء بالخسران والخزي والفضيحة كل من ادعي النبوه كذباً مثل مسيلمة حتى صار اسمه مرتبطاً علي مر الزمان بالكذب “بمسيلمة الكذاب” وغيره مثل الأسود العنسي والمختار الثقفي.
• والمعجزة في الإصطلاح هي “أمر خارق للعادة أي جار علي خلاف العادة الكونية التي أجراها الله تعالي في الكون سالم عن المعارضة يظهره الله تعالي يد الرسول تأييداً له”.
• وهناك فرق بين المعجزة والكرامة, فالكرامة لا يدعى صاحبها النبوة فالكرامة للولي وليس النبي, وتظهر عليه لصدقه في أتباع النبي ولا تقع له إلا لاعتصامه بالاستنان الحق بالنبي, ولا تشترط العصمة.
• وهناك فرق بين المعجزة والسحر, فرغم أن السحر أمر خارق للعادة إلا انه لا يسلم من المعارضة بالمثل.
• وتتعدد المعجزات وتختلف من قوم لقوم ومن زمن لزمن لتناسب الزمان والأقوام, فقد اشتهر الناس في زمن عيسي عليه السلام بالطب وأتقنوه فجاءت معجزته من جنس ذلك فأحيا الموتى وابرأ الأبرص والأعمى, وأنزل الله عليه مائدة من السماء, وكلمهم في المهد, ولم يستطيع أحد من قومه تكذيب هذه الآيات العظيمة.
• أما أهم معجزة خالدة للنبي محمد “ص” فهي معجزة القرآن الكريم الذي سيظل خالداً حتى يرث الله الأرض ومن عليها, وقد تحدى الله به كل الأجيال منذ أكثر من 15 قرنا كاملة بأن يأتوا بمثله منفردين أو مجتمعين أو يأتوا بسورة أو آية وهذا التحدي قائم دون أن يجرؤ أحد علي شيء من ذلك.
• ومعجزة القرآن تكمن أيضاً في قوته ورصانته وتركيبه وأسلوبه ونظمه وبيانه ووضوحه وشموله لأعظم المعاني التي تتجدد مع تجدد التأمل والدراسة له حتى كأنك تسمع الآية لأول مرة وينقدح في عقلك من المعاني الكثير, وكذلك إعجازه في قوة تأثيره علي النفوس والقلوب حتى شهد بذلك العدو والصديق علي السواء مع وجوه أخرى كثيرة يصعب حصرها.
• ومن معجزات النبي محمد “ص” كذلك انشقاق القمر حتى صار فلقتين “اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ “, وقد وقع ذلك في عهد النبي.
• ومنها أيضاً الإسراء والمعراج فقد أسرى بالنبي إلي القدس في ليلة واحدة واجتمع هناك بالأنبياء وصلي بهم ثم عرج به جبريل إلي سدرة المنتهي فوق سبع سنوات وشاهد هناك من آيات ربه الكبرى كل ذلك في ليلة واحدة, ومنها نزول المطر باستسقائه مباشرة.
• ومنها حنين الجذع للنبي الكريم لما فارقه بعد أن صنع الصحابة له منبراً يخطب عليه “يقول راوي الحديث جابر بن عبد الله أنه لما قام يخطب علي المنبر سمعنا لذلك الجذع صوتاً كصوت العشار حتى جاءه رسول الله فوضع يده عليه فسكن”وفي راوية ابن عباس قال للنبي”لو لم احتضنه لحن إلي يوم القيامة”.
• ومن معجزاته تسيلم الحجر عليه وهو في مكة وهذا وارد في قوله (ص): “إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم عليَّ قيل أن أبعث إني لأعرفه الآن”, آيات كثيرة للنبي محمد يصعب حصرها في مثل هذه المساحة.
• أما أهم معجزات المسيح فتأتي في هذه الآية: “وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ “.
• وقد أرجع المسيح تلك المعجزات إلي الله سبحانه “جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ” وأقوى معجزات المسيح علي الإطلاق هو إحيائه للموتى ولم يعطها الله لأحد من خلقه سوى المسيح عليه السلام وكذلك خصه دون سواه بأن يصنع من الطين أشكال الطير ثم ينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله.
• ومنها إبراء الأكمة وهو الذي ولد أعمي وهو أصعب أنواع العمى شفاء, وإبراء الأبرص “البهاق” والأعمى, وهي أمراض تؤثر علي الإنسان اجتماعياً ونفسياً بشكل خطير, فالبهاق إذا أصاب آنسة فلن تتزوج عادة في كل العصور وإذا أصاب زوجة فإن مصيرها الطلاق أو نفور الزوج لا محالة.
• وفي روايات مختلفة من الأناجيل كان يبرئ المجذوم وهو أخطر الأمراض الجلدية قاطبة, كما جاء في الأناجيل أنه شفي المفلوج “المشلول” فقد دخل السيد المسيح كفر ناحوم وجاء إليه قائدً مناشداً له “يا سيد غلامي مطروح في البيت مفلوجا فرغب يسوع أن يأتي إليه ويشفيه,وكان القائد آمن بالمسيح واعتذر للمسيح لبساطة بيته فدعا المسيح لغلامه فبرأ فوراً.
• إن المتأمل في معجزات النبيين الكريمين محمد والمسيح عليهما السلام يجد أنها جاءت كلها ليست لتعضيد وتدعيم رسالتيهما فحسب ولكن جاءتا نفعاً للبشرية وسداداً لها ورحمة بها وهداية ونورا لها.
• سلام علي الأنبياء والمرسلين وسلام علي النبيين العظميين أولي العزم من الرسل محمد والمسيح.