البعثة الدائمة لدى الأمم المتحدة تعقد ندوة بعنوان “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”
نظمت البعثة الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف ندوة افتراضية حول الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تحدث خلالها وزير العدل المستشار عمر مروان، ووزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة نيفين القباج، ومساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان ورئيس الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان السفير خالد البقلي، والمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف السفير د. أحمد إيهاب جمال الدين .
كما ضمت قائمة المتحدثين ممثلين عن المجتمع المدني وشخصيات مستقلة تمثل المجتمع المدني من بينها السفيرة مشيرة خطاب رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، والدكتور حسام بدراوي والأستاذة منى ذو الفقار، والأستاذ نجاد البرعي، والأستاذ عصام شيحة، والأستاذ علاء شلبي، والدكتورة هبة هجرس، وذلك بمشاركة واسعة من رؤساء ووفود البعثات الدبلوماسية في جنيف وممثلي عدد من المنظمات والوكالات الأممية ذات الصلة.
أشار السفير د. أحمد إيهاب جمال الدين في الكلمة الافتتاحية الى ما تمثله الإستراتيجية من خطوة هامة على صعيد تعزيز أوضاع حقوق الإنسان في مصر، موضحاً أنها تعد أول وثيقة متكاملة تتناول تقييماً ذاتياً للفرص والتحديات، وتضع خارطة طريق للنتائج المرجو تحقيقها خلال السنوات الخمس القادمة، مستعرضاً أهم ملامح الإستراتيجية بمحاورها الأربعة التي تتناول كافة الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الإنسان الخاصة بالمرأة والطفل وذوي الإعاقة والمسنين، بالإضافة إلى التدريب وبناء القدرات.
وأكد مندوب مصر الدائم أن مراحل إعداد الاستراتيجية شهدت عملية تشاور مكثف مع كافة أصحاب المصلحة تمثلت في عقد العديد من جلسات الاستماع مع ممثلي البرلمان والمجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى الاستعانة بهيئة استشارية تضم خمس وعشرين شخصية مستقلة، للاستماع لشواغلهم ومقترحاتهم.
وأضاف أن الحكومة حريصة على اتباع ذات النهج التشاوري والتشاركي خلال مرحلة متابعة تنفيذ الإستراتيجية، مبرزاً في هذا الخصوص الدور الذي تقوم به اللجنة العليا لحقوق الإنسان في الإشراف ومتابعة عملية التنفيذ.
استعرض المستشار عمر مروان وزير العدل الإصلاحات الواسعة التي شهدتها البنية التشريعية في مصر مؤخراً في سبيل تعزيز كافة الحقوق لاسيما الحقوق السياسية والمدنية، وفي مقدمتها الحق في الحياة الآمنة وضمان النفاذ للعدالة والحق في المعاملة الإنسانية والكرامة واحترام مبدأ المساواة وعدم التمييز.
واستشهد بالخطوات غير المسبوقة التي اتخذتها الدولة لتعزيز قيم المواطنة والمساواة اتصالاً بحقوق المرأة وتعيينها في النيابة العامة والقضاء، وكذا احترام حرية الدين والمعتقد، فضلاً عن تسهيل إجراءات التقاضي بزيادة الاعتماد على التكنولوجيا بما أسفر عن تحسن ملحوظ في سرعة إنجاز القضايا، والاهتمام بتطوير السجون وانشاء مراكز للاصلاح وإعادة تأهيل، والعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان عبر تكثيف برامج التدريب.
تناولت الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي التسهيلات التي يتم توفيرها من جانب الوزارة لمنظمات المجتمع المدني في ظل القانون رقم ١٤٩ الخاص بممارسة العمل الأهلي ولائحته التنفيذية فيما يتعلق بإجراءات التسجيل وضوابط منح التمويل، فضلاً عن إنشاء منصة إلكترونية لتلقى الطلبات والبت فيها، بالإضافة الى قرار تمديد المهلة المقررة أمام المنظمات غير الحكومية لتوفيق أوضاعها لمدة عام آخر.
وأوضحت أن هناك ما يقرب من ٢٨ ألف جمعية أهلية أنهت بالفعل توفيق أوضاعها، كما قامت ٢٦٠٠ منظمة جديدة بالتأسيس من خلال الإخطار حتى الآن. وتطرقت سيادتها إلى الأنشطة المقترحة خلال عام ٢٠٢٢ للمجتمع المدني في مصر، وكذا الجهود المبذولة وطنياً لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية للأسر والفئات الأكثر فقراً وعلى رأسها مبادرة “حياة كريمة” حيث أكدت على أهمية دور المجتمع المدني في مساندة جهود الحكومة للنفاذ للمواطنين الأكثر احتياجاً في مختلف المحافظات.
من جانبه، أشار السفير خالد البقلي مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان ورئيس الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان إلى أن تنفيذ الإستراتيجية مسئولية جماعية تقع على مختلف جهات الدولة والشركاء بما في ذلك المجتمع المدني.
وأوضح الدور الإشرافي الذي تقوم به اللجنة العليا في متابعة عملية التنفيذ وقياس التقدم المحرز في مختلف المجالات لتحديد أى فجوات لمعالجتها أولاً بأول، وكذا طرح التعديلات التشريعية المقترحة على عدد من القوانين تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء ثم على البرلمان. وأبرز مساعد وزير الخارجية أهمية محور التثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان .
وأشار إلى أنه جار العمل على إعداد برامج تدريبية وحملات توعية في مجالات عدة من بينها التعايش المجتمعي وتقبل الآخر ومكافحة التحرش وختان الإناث، فضلاً عن إعداد حصر يتضمن قائمة الاحتياجات في مجال بناء القدرات لتلبيتها بالتعاون مع مختلف الشركاء الوطنيين والدوليين.
هذا، وشهدت الندوة حواراً صريحاً ومفتوحاً مع ممثلي المجتمع المدني الحاضرين الذين رحبوا بإطلاق الاستراتيجية وما تعكسه من وجود إرادة سياسية للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان، فضلاً عن الجهود المبذولة على صعيد حقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة، مشيدين أيضاً باهتمام الحكومة بالاستماع لشواغل المنظمات غير الحكومية خلال مراحل الإعداد.
وأكد المتحدثون في الوقت ذاته على أهمية تنفيذ الإستراتيجية وفق جدول زمني سريع، وتعزيز الشراكة القائمة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن إيلاء مزيد من الاهتمام بالإصلاحات التشريعية في عدد من القوانين الهامة، وكذا تطوير آليات التعامل مع الشكاوى وتسريع إجراءات التقاضي وتعزيز آليات دولة القانون.
كما أشاروا لأهمية السماح للمنظمات غير الحكومية بلعب دور فاعل في متابعة تنفيذ الإستراتيجية بما يسهم في انجاح الإستراتيجية وترجمتها لواقع ملموس.
وأكدت السفيرة مشيرة خطاب رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان على الطبيعة المستقلة للمجلس واهتمامه بمتابعة عملية تنفيذ الاستراتيجية، مشيرة إلى أن المجلس يعتزم عقد جلسات تشاورية مع ممثلي المجتمع المدني للاستماع لشواغلهم ومقترحاتهم بالنسبة لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وكذا لضمان إشراكهم في أنشطة عام ٢٠٢٢ للمجتمع المدني في مصر. كما أشارت لأهمية تعزيز التعاون الدولي كأداة هامة لتنفيذ الإستراتيجية عن طريق تبادل الخبرات والإسهام في بناء القدرات.
وأكدت على أهمية تكثيف جهود الإصلاح التشريعي والمؤسسي من خلال مراجعة القوانين لضمان اتساقها مع التزامات مصر الدولية لاسيما تلك المتعلقة بمنع التمييز على أي أساس وحرية التعبير عن الرأي وحرية تدفق المعلومات، منوهةً إلى استعانة المجلس بمتخصصين اعلاميين لمراجعة ميثاق شرف اتصالاً بحرية التعبير عن الرأي.
في ختام الندوة، أعرب السفير د. أحمد إيهاب جمال الدين عن الشكر للمتحدثين في الندوة ولممثلي الدول المختلفة والأمم المتحدة على مشاركتهم البناءة والموضوعية، مؤكداً على الإرادة السياسية الأكيدة للدولة المصرية على وضع الإستراتيجية موضع التنفيذ.
وأضاف أنها وإن كانت الأولى إلا أنها لن تكون الأخيرة، وإنه من المنتظر أن تتولد قوة دفع يتم البناء عليها في المستقبل لتحقيق المزيد من الإنجازات في خطط متتالية تصل بمصر إلى ما يطمح إليه شعبها من تطوير يليق بمكانتها وبدولتهم الجديدة.
وأشار جمال الدين إلى أن مصر لديها حركة حقوقية نشطة ومتنوعة تقوم بدورها كشريك فعال لا غنى عنه للدولة في مجال الارتقاء بكافة حقوق الإنسان، ومن المؤكد أن منظمات حقوق الانسان المصرية ستضطلع هي والمجلس القومى لحقوق الإنسان بدور هام في مجال متابعة تنفيذ الإستراتيجية وتقديم تقارير تقييم دورية في هذا الخصوص. واختتم مندوب مصر الدائم بدعوة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ومختلف شركاء التنمية إلى تشجيع ومواكبة الجهود المصرية وتقديم الدعم والمساعدة الفنية المطلوبة، بالإضافة إلى الدراسات والتشريعات المقارنة والتجارب الناجحة في البلاد الأخرى للاستفادة منها في خطواتهم لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.