شريف عبدالقادر يكتب: شقة لبنت جمال عبد الناصر
فى سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى كانت لافتات شقق للإيجار كثيرة فى كل أحياء القاهره والمحافظات الأخرى.
وفى تلك الفتره كان المالك يتحمل قيمة استهلاك المياه وكهرباء السلم (والمصعد وأجر البواب إن وجدوا ) وقيمة العوايد السنويه ( الضرائب العقاريه) .
وكان بعض أصحاب العقارات ليس لهم عمل وكان يقتصر عملهم على الجلوس أمام باب العقار لمتابعة ما يخص العقار .
وكان فى تلك الفتره كثيراً من المستأجرين يفضلون تغيير السكن والحى كل عام أو أعوام قليلة وبعضهم لا يريدون الأنشغال بدهان حوائط السكن ويفضلون الانتقال لسكن لا يحتاج لذلك.
وكان بعض الملاك يعرضون تحملهم قيمة الدهان حتى لا ينتقل المستأجرين لسكن أخر. وكان الملاك يستخدمون عبارة “إحنا أهل” ليتراجع الساكن عن الانتقال لسكن أخر.
وعندما كان يتوفى مستأجر أو أحد من ذويه، كان المالك أحياناً يرفض الحصول على الإيجار عن شهر أو شهرين كنوع من المجامله .
وفى تلك الفتره ظهر مايسمى خلو رجل وقد فوجىء به الرئيس جمال عبدالناصر حسب رواية سمعتها من شخصية محترمة ومرموقة عاصرت أحداثهان حيث طلب عبدالناصر البحث عن شقة بمصر الجديدة بالقرب من مقره لتكون سكن زوجية لإبنته، وفوجىء بما يسمى “خلو الرجل” وكان وراء تفشيه فى مصر السوريين الذين نزحوا إلى مصر عقب الوحدة مع سوريا.
وعندما حكى عبد الناصر لعثمان أحمد عثمان عن خلو الرجل لشقة بمصر الجديدة وقيمته خمسمائة جنيه، فقال له عثمان بهذا المبلغ نبنى فيلا وبالقسط وسيتم بناء الفيلا أثناء بناء عمارات الميريلاند التى تطل على أرض الفيلا وبالفعل تم بناء الفيلا.
وفى السبعينيات من القرن الماضى وعقب الانفتاح الاقتصادى بدأ السماح لمن يبنى عقارا بأن يقوم بتمليك نصف شقق العقار وتأجير النصف الأخر، فبدأت الأساليب الملتويه تظهر ليتمكن المالك من تمليك كل الشقق وعدم الالتزام بتأجير الشقق.
ثم تطورت الأمور ليسمح بتمليك كامل شقق العقار المبنى حديثاً وكان فى تلك الفتره أحياء كثيرة تؤجر بها الشقق مقابل مبلغ نصفه للمالك ويقال عنه رايح. والنصف الأخر من الإيجار ولا يثبت فى بالعقد مثل الخلو.
ومع تفشى التمليك ارتفعت الأسعار بشكل غريب.
وأصبح المستأجرون يسددون قيمة استهلاك المياه وكهرباء السلم والمصاعد وأجر البواب والعوايد.
وفى الثمانينيات قامت الدوله بتمليك شقق المساكن الشعبيه لمستأجريها بأعتبارهم سددوا قيمة الشقق من الإيجار الذى كانوا يسددونه منذ بداية سكنهم.
ومع توالى السنوات والزيادة السكانيه وتخبط السياسات الاقتصادية فنتج عنه تدنى دخل الاغلبية، ليظهر بعد ذلك ما يسمى إيجار قانون جديد وغالباً ما يكون مغالى فيه لدرجة أن شقه صغيرة فى حارة سد بحى شعبى وبمنزل متهالك إيجارها يتجاوز الألف جنيه شهرياً.
ولأن المتبع أن الأحياء لا تصدر قرارات التنكيس إلا لمالك العقار برغم تحمل السكان قيمة التنكيس إلا أن الكثير من الملاك يرفضون استخراج قرار التنكيس بغية انهياره على السكان.
إن أرتفاع أسعار الأراضى والعقارات أصاب نسبة كبيرة من الملاك برغبة ملحة لطرد المستأجرين وكأنهم لم يحصلوا على خلو رجل وقت أن كانت القوة الشرائية للجنيه مرتفعة جداً، كما أن القيمة الإيجارية المحصله غطت قيمة بناء العقار عدة مرات.
وإذا كان يتم الآن مراجعة قانون المالك والمستأجر بالعقارات القديمة فلابد من الوضع فى الاعتبار قيمة دخل المستأجر أو ورثته وعلى أساسه تحدد نسبة الزياده الايجاريه، حيث يوجد بعض المستأجرين يحتمون بجدران الشقق التى يسكنوها ومنهم سكان بأحياء راقية.