د.ناجح إبراهيم يكتب: لا .. لمنكري المعراج
كتب د. ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان: “لا .. لمنكري المعراج ” وتم نشره في جريدة الشروق وهذا هو نص المقال:
• ما من نبي إلا أكرمه الله بالمعجزات التي تخرق العادات وتعطل نواميس الكون وسننه ويعجز عن فعلها سائر الناس, وذلك تكريماً وتشريفاً للرسول من جهة وشاهداً وبرهاناً علي صدق نبوتهم ورسالتهم من جهة ودافعاً لمن شاهدها وعاينها للتصديق بالنبوة.
• فعيسي بن مريم عليه السلام كان يحيي الموتى ويبرأ الأكمه والأبرص والمشلول وهذه من أقوى المعجزات.
• وموسي عليه السلام هزم السحرة جميعاً بعصاه التي أكلت ثعابينهم جميعاً, وشق الله له البحر الأحمر فجعل فيه اثني عشر طريقاً.
• أما إبراهيم عليه السلام فألقي في النار فصارت برداً وسلاماً عليه ولم تحرق سوى قيده, وكذلك يونس التقمه الحوت ثم لفظه سالماً.
• والنبي محمد عليه الصلاة والسلام ليس بدعاً من الرسل وله من المعجزات الكثير وأهمها معجزته الخالدة القرآن العظيم الذي تحدى به الله البشرية.
• ومن معجزاته انشقاق القمر فصار فلقتين”اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ”.
• ومنها الإسراء والمعراج فقد أسرى بالنبي إلي القدس في ليلة واحدة واجتمع هناك بالأنبياء وصلي بهم, ثم عرج به جبريل إلي سدرة المنتهي عندها جنة المأوي مروراً بسبع سموات وشاهد من آيات ربه الكبرى.
• والإسراء مجمع عليه وثابت بنص القرآن الكريم”سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”.
• والمعراج أيضاً ثابت بنص القرآن”وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَـٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا یَرَىٰ وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰۤ إِذۡ یَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا یَغۡشَىٰ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ”.
• فقد أشارت الآيات صراحة لوصوله “ص” إلي جنة المأوى وأنه رأي من آيات الله الكبرى, وقد روى أحاديث الإسراء والمعراج أكثر من 27 صحابيا, وجاءت قصته في كل كتب السيرة والأحاديث والتفسير.
• وكان الإسراء والمعراج بالجسد والروح ولم يكن مجرد رؤيا مناميه وإلا ما أثارت جدلاً وما أحدثت فتنة وقتها وما كان هناك ضرورة لقوله تعالي”وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ”فالرؤيا عينية, وقد جاءت كلمة “أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ” دلاله علي ذلك.
• ومنذ أيام خرج علينا إعلامي مصري ليتحرش بالقرآن وبالنبي وبثوابت الإسلام ويعلن في جرأة لا تستند لعلم أو فقه أن قصة معراج الرسول وهم وكذب, وأنها لم تأت في أي كتاب حديث أو سيرة, دون أن يكلف نفسه ليطالع القرآن ويتأمل الآيات التي سقناها من قبل وآخرها “أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى”ولم يكلف نفسه بالنظر في كتب الحديث والتفسير والسيرة.
• هذا الإعلامي وأمثاله صدق صعود الأمريكان والسوفيت إلي القمر واستكثر علي قدرة الله أن يعرج بنبيه الكريم خاتم المرسلين إلي رحلة المعراج بعد الإسراء, ويكذب بمنتهي الفجاجة ما اجتمع عليه الصحابة وعلماء الإسلام جيلاً بعد جيل.
• والرجل ليس فقيهاً ولا معروفاً بالتفقه في الدين وهو يكره معظم الصحابة ولم يضبط مرة يثني علي أحد من الصحابة بل ينهال علي أكثرهم طعنا وسباً حتى من أجمعت الخلائق عليه مثل أبي بكر وعمر وغيرهما حيث لم يسلما من لسانه.
• وأغرب شيء في الحياة أن يجدد في الطب من ليس من أهله,أو يجدد في الهندسة من لم يدرس الهندسة أو في الكيمياء من لم يدرسها ويعيش فيها ومعها, ولكن نجد ذلك في بلادنا البعض يدعي التجديد في الدين وهو ليس من علمائه أو فقهائه أو مريديه, ويشن الغارة تلو الغارة علي هذا الدين وحده دون سواه, وكأن حواري هذا الدين “الصحابة” جمعوا سوءات الكون, وفي الوقت الذي يهيل التراب علي الصحابة يقف احتراماً لهذه الفنانة أو تلك, يا أخي علي الأقل الصحابة أولي فهم حملة الدين والإسلام وكما يختار الله رسله يختار أصحابه, فلتقف احتراماً للفريقين.
• وتراه تارة يرى القمني مثلاً أستاذاً له ويكيل له الثناء والمديح, والقمني كان يكذب صراحة الرسول الكريم “ص” ويقول صراحة أنه اختلق الرسالة, وأنه لا يؤمن بالقرآن وأن رسالة محمد من تأليف بني هاشم طلباً للمجد وتارة يلحد ويدعو للإلحاد.
• وصنيع هذا الرجل كصنيع أستاذه في إهالة التراب علي كل عطاء لدين الإسلام, فلم يضبط أحدهما يمدح عالماً أو قائداً أو زاهداً أو عابداً أو ناسكاً أو سياسياً أو عسكرياً أو فقيهاً من فقهاء الإسلام, وكأن هذه الأمة لم تلد خالد بن الوليد, عمرو بن العاص, أبو عبيدة, علي بن أبي طالب..إلخ من عظماء الإسلام.
• والبعض يعتبر هذا رأيا يجوز فيه الاختلاف, هذا سب في الرسالة والرسول, وهذا طعن وتكذيب لهما, والغريب في الأمر أن المعراج بالذات لم يكذبه أحد في تاريخ الإسلام سوى أبو لهب وأبو جهل وأمثالهما.
• ومذهب الشيعة أيضاً ينص صراحة علي الإيمان بالمعراج فيقول الصادق الجعفر بن محمد “ليس من شيعتنا من أنكر أربعة أشياء وذكر أولهم المعراج” وذلك في كتاب صفات الشيعة للشيخ الصدوق ونقل أيضاً عند موسي الرضا قوله “من كذب بالمعراج فقد كذب رسول الله” وفي مجمع الطبرسي وهو من أئمة الشيعة الكبار قوله “المعراج نقل عن طريق التواتر”.
• ثوابت الدين تختلف عن متغيراته, وليست لعبة في أيدى مذيع أو أعلامي يلعب بها كما يشاء, وكلنا يعلم أنه لا يستطيع ذلك اللعب أو حتى بعضه في مساحات أخرى, خوفاً من العقاب الدنيوي, ولكن الإسلام وثوابته هي الحيطة الواطية التي يصعد عليها كل من أراد الشهرة والترند.
• هناك فرق بين الرأي ومساحاته المعروفة وبين السب والقذف وخاصة إذا كان في حق الصحابة أو التكذيب للنبي والقرآن.
• هناك فرق بين الاجتهاد والتضليل وتكذيب القرآن, الاجتهاد يأتي من مجتهدي العلم, وهل هناك أحد يجتهد في الجراحة وليس بجراح, هذا قتل للمريض, وللدين وتجريح في أعظم رسول ورسالة بجرأة غير مسبوقة.
• ما أغرب بعض الإعلاميين الذين يتحدثون عدة ساعات وحدهم في كل القضايا والمجالات والتخصصات وكأن الوحي نزل عليهم في كل هذه المجالات, يا سادة تعلموا من BBC , سكاي نيوز, وغيرهما.
• يا سادة اعرفوا للدين قدره, واضبطوا كلماتكم, كما تحسبون كلماتكم بالسنتيمتر مع البشر, فالله يمنعكم من الناس, ولكن الناس لا يمنعونكم من الله.
• الدين فخرنا, والرسول شرفنا, وثوابت الدين علينا أن نكون معها في صلابة الحديد, ومع متغيراته في مرونة الحرير, هدى الله الجميع للصواب والعقل والأناة.