مبدعون في صمت.. تفوق الصم وضعاف السمع في مجال الروبوتات
مؤسس جمعية أصداء: الصم تميزوا في لغة البرمجة.. والدولة لها دور قوي في دعمنا
عضو بجمعية أصداء: تميز الصم جذب الشركات الراعية لدعمنا
كتب: إسلام فليفل
صنعوا المستحيل، لأنهم لا يريدون الاستسلام، ولم يعرفوا غير الإصرار، ولم يصطحبوا سوى الأمل، فهم ليسوا فئات خاصة لإعاقتهم، بل لقدراتهم التي أبهروا بها العالم، فقد اخترقوا بعقولهم المبدعة عالم البرمجيات، وشاركوا في المسابقات والمحافل الدولية في مجال تصميم وبرمجة الروبوتات، وذلك بالرغم من افتقادهم للدعم المجتمعي في بعض الأحيان، وإعاقتهم السمعية التي لم تقف حاجزاً أمامهم، بل كانت دافعا للتحدي والنجاح، لذلك قمات “بيان”، بدخول عالم الصم من مصممي الروبوتات، والتحدث إليهم.
محمد هشام، عضو ببرنامج تصميم وهندسة الروبوت بجمعية أصداء للارتقاء بالصم، روى لـ”بيان”، أنهم شعروا بقيمتهم الإنسانية، بل واستطاعوا رفع وعي المجتمع بقدراتهم، وتغيير صورتهم بأنفسهم، من خلال تفوقهم في مجال الروبوت، فتمكنوا من المشاركة في المسابقات والمحافل الدولية، والعربية والأوروبية، مضيفًا أنهم حصلوا على الكثير من الجوائز منها كأس أفضل مشروع روبوت في أمريكا وسط كافة فرق العالم.
وقال محمد صلاح، عضو بجمعية أصداء، أن مجتمع الصم منغلقًا على نفسه بسبب ارتباط تواصلهم بلغة خاصة بهم، وعلى الرغم من أنهم يمثلون 9%من تعداد السكان بمصر، إلا أن ارتباطهم ببعضهم البعض جيد من خلال التكنولوجيا عبر “الفيديو كول”، ولغة الإشارة سواء بمدارسهم، او جمعياتهم الأهلية، أو من خلال تجمعاتهم في المقاهي، فهم مجتمع يتواصل جيدا فيما بينهم، وشجع تفوق الصم في مجال الروبوت الكثيرين على التعرف بالجمعية حتى يلتحقوا بها، خاصة بعد تميز البعض، ومشاركتهم في مسابقات دولية، فالجمعية لديها أكثر من 150 مدربًا من الصم في مجال الروبوت.
وأضاف نادر شريف، عضو آخر بالجمعية، أن أكبر المشاكل التي واجهتهم في الماضي، هي تدني مستوى التعليم بمصر، فالتعليم بها متاح من خلال لغة الإشارة، وحركة الشفاه، والتي لا يدركها الصم جيدا من خلال مدرسي المدارس، نظرا لعدم خبرتهم، فبعد أن إستغرقوا 14 عاما في سنوات الدراسة يحصلون على مستوى متدني من التعليم يصل إلى حد الأمية، موضحا أن الرؤية مظلمة في تطوير وتحسين تعليم الصم في بعض المدارس بمصر.
وقال سامي جميل، مؤسس جمعية أصداء للارتقاء بالصم وضعاف السمع بالأسكندرية، أن الجمعية عضو في الاتحاد الدولي للصم، والاتحاد العربي للهيئات العاملة في رعاية الصم، مضيفا أن الجمعية تضم نحو 200 عضوًا من الصم وضعاف السمع، وتخدم 400 في مجال تصميم وبرمجة الروبوت، و9000دارس من الصم في مجال تدريب الحاسب الآلي، موضحا أنه تم اختيار مجال الروبوت، لأن تعليم الصم يعتمد على الذاكرة البصرية مع انعدام الذاكرة السمعية، والروبوت يحقق هذه الاستراتيجية في التعليم، بالإضافة إلى ما يحققه من اكتساب العديد من المهارات كالنخيل، كما أنهم يجدوا عملهم مباشرة، فالروبوت معلم ذاتي للصم.
وأضاف جميل أنه رغم لغة الصم الإشارية إلا انهم تميزوا في لغة البرمجة، وشاركوا في العديد من المسابقات المحلية والدولية في اليابان، وأمريكا، وروسيا، وحققوا التميز، والإبهار للجميع، وغيروا وجهة نظر المجتمع إليهم، وبالتالي سارعت وزارة الاتصالات إليهم، لينظموا مبادرة رواد تكنولوجيا المستقبل.
وأوضح أن الجمعية تسعى إلى اقتناص الفرص، وحصد المكتسبات، وإدراجهم بالمبادرات المتاحة من كافة المؤسسات مثل الحصول على منح للدراسة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، ومنح وزارة الاتصالات ومبادرة مليون مبرمج عربي، وهيئة فولبرايت الأمريكية بمصر، وأكاديمية cisco للشبكات والنظم، بالإضافة إلى منح للدراسة الجامعية بأمريكا.
كما ذكر جميل أن الجمعية توفر لهم منهجا متميز، لتدريس اللغة العربية للصم، من خلال استراتيجية التعلم المرئي باللغة المرئية، كما تتيح تدريس منهج icdl للصم باللغة الإنجليزية مدعما بلغة الإشارة، موضحا أن الفرق بالجمعية حققت العديد من الإنجازات، ومنها في السنوات الأخيرة، حصد المركز الأول بين الفرق المصرية في الأولمبياد الدولي للروبوت بكوستاريكا، والمركز الثاني والثالث والرابع في أداء الروبوت المصارع الياباني “السومو” في الأولمبياد الدولي للروبوت، بالإضافة إلى المركزين الأول والثاني في أداء الروبت بين 40 فريقًا من السامعين، فضلا عن كأس لجنة التحكيم في مشروع الروبوت.
وأشار جميل أخيرا أن الدولة لها دور قوي وفعال في دعم المخترعين من الصم، حيث تبنت الدولة العديد من المبادرات التي تطلقها الجمعية، مع الإعتماد علينا في نقل خبراتنا للعديد من المدارس وجمعيات الصم بمصر، لتحقيق نقلة نوعية حقيقية في عالم “قادرون بإختلاف” كما خطتت له القيادة السياسية، ليس هذا وفقط بل تعتمد الجمعية على الشركات الراعية في إطار من المسئولية المجتمعية لها، موضحًا أن تميز الصم في هذا المجال هو الذي دفع الشركات أن تنجذب لدعمهم.