د. علي عبدالله يكتب: لا ترقع ثوبك القديم
ليس بالعقوبة فى القانون وحدها يتم الإصلاح، فالوعى والتعليم وإحياء الضمير المهنى والدور الجامعى والنقابى هاما ومحددا، ولابد من تهيئة المناخ حتى يتسنى للمهنى الملتزم ممارسة عمله بأريحية وبلا خوف أن يقع ضحية تفسير خاطئ للقانون أو جنوح لمن أوكل إليه تطبيقه.
ومنذ أيام وبلا مقدمات فوجئنا ورغم أننا المعنيين به، بتعديل بعض بنود قانون الصيدلة فى غياب أهله، واقتصر ذلك على تغليظ العقوبات دون تعديل حقيقى يضمن ويتماشى مع التطور ويمنع التجاوز، ولم يتم استشارة أهل الحل والعقد والخبرة من أبناء المهنة.
لم تشر التعديلات إلى منع أى من طرق بيع الأدوية خارج المؤسسات الصيدلية مثل التطبيقات الإلكترونية التى تبيع الدواء دون أى سند مهنى ولا قانونى، فى تحدٍ صارخ، ولم تشر التعديلات إلى منع بيع المستلزمات فيما يعرف بمحلات بيع المستلزمات الطبية، والتى تحاول يوما بعد يوم التمدد فى نشاطها لتبيع المحاليل وأدوية التخدير والمخدرات.
ولم يرى صاحب الاقتراح فكرة لم نراها، إلا في مصر وهى بيع الأدوية البيطرية فى محلات عُرفت بالصيدليات البيطرى، وعميت عينيه عن عيادات الأطباء التى تطفق مع المرضى على إجراء العمليات الجراحية أو التوليد، ومقاولا بالأدوية الصالح منها والطالح وعيادات الأطفال التى يتسرب إليها اللقاحات، وتُباع بالإضافة إلى قيمة الكشف، وإعطاء الحقنة والتى تصل إلى مئات الجنيهات.
لم يرى ولم يحس الانهيار الواضح فى اقتصاديات الصيدليات والتى يعجز أصحابها عن الوفاء بالتزاماتها، وبالتبعية حديثى التخرج الذين عزفوا عن العمل فى الصيدليات؛ لضعف المرتبات وغياب الدور المهنى الحقيقى، ولم تحاول الدولة إلزام الشركات سحب أدويتها منتهية الصلاحية أو غير المطابقة للمواصفات من الصيدليات، واختارت الطريق الأسهل لإراحة ضميرها لا لحماية مرضاها وتغليظ العقوبة على الصيدليات.
لم تطبق الحكومه نظام التتبع الدوائى والذى يحتوي على كود بكل علبة دواء، وهو بمثابة رقم قومى لكل علبة، يدون عليها تاريخ تصنيع و مسار التتبع حتى وصول العلبة إلى مثواها الأخير فى يد المريض، مما سيمثل نظاما لمنع الغش والتهريب والتقليد وضبط منظومة الضرائب وإرساء قاعدة معلوماتية رقمية هائلة، بل ولم يتم الالتزام بالقانون فى مؤسساتها، فترى خريجى الغلوم يعملون بدلا من الصيادلة فى صيدليات التأمين الصحى .. وبدلا من تطبيق النظام يصر مجلس الوزراء ترقيع ثوبه القديم وتغليظ العقوبات .