أحمد عاطف آدم يكتب: ومن «الفيس» ما قتل
كل يومٍ قصة جديدة أو أكثر تطل علينا من نوافذ التواصل الاجتماعي، معظمها تدور أحداثها على صفحات “الفيس بوك”..
التفاصيل الجديدة التي نشرها موقع “اليوم السابع” الإخباري، كانت لشاب ربطته علاقة “فيس”، بفتاة ” تدرس الطب بإحدى الجامعات الخاصة، أخبرها بأنه يعيش ويعمل بمدينة الغردقة، بينما تعيش هي بمفردها في شقة بالتجمع الخامس، طلب منها أن ترسل له صورًا شخصية، فلم تمانع وأرسلتها على الفور، ثم تطورت علاقتهم العاطفية ووصلت لذروتها، عندما طلبت الفتاة من حبيبها “الفيسبوكي” أن يذهب للقائها بشقتها!؟.
لبَّى الأخير النداء وذهب إليها، وخلال تواجده معها – ساومها بالصور التي بحوزته (لم يذكر اليوم السابع نوع المساومة)، تطور الأمر واحتدت المناقشة بينهما، سرعان ما تحولت لاشتباك بالأيدي، لكمها الشاب فى رقبتها، وعلى إثر تلك الضربة فقدت الوعي، ثم تركها وغادر الشقة، ومع عدم استجابة الطالبة الجامعية لاتصالات والدها، اضطر للذهاب إليها، طرق الباب لكن دون جدوى، فقام بكسره، وإذ به يُصدم برؤية ابنته جثة هامدة، اتصل بالشرطة، وعندما أتى رجالها، فتشوا هاتفها ووصلوا لأحد الأرقام الذي اتصل بها قبل وقوع الحادثة، كان هو رقم هذا الشاب الذي قتلها، بعد أن خرج من شقتها، وهو يعتقد بأنها مغشيًا عليها بسبب لكمته، ولم يشك أنها فارقت الحياة، تم القبض عليه واعترف بما سبق.
الأحداث ربما تتنوع فى تفاصيلها من جريمة لأخرى، بسبب قدرة الفتك الهائلة للحد الثاني من سلاح مواقع التواصل، مثل “الفيس بوك” وغيره من المتسكعين بعشوائية وحرية، في سماء الشبكة العنكبوتية – لكن تبقى عزيزي القارئ طبيعة المادة التي تمثل قوام هذا النصل المدمر لأجيال متلاحقة من الشباب، هي بسبب التصميم على استخدام المعيار الخاطئ لمفهوم الحرية عند أرباب الأسر، بعد أن أطلقوا العنان لأبنائهم في كل شئ منذ الصغر، بصفة خاصة الأوساط الاجتماعية المستقرة ماديًا – مقارنة بالأقل استقرارًا، وذريعة حريتهم المزعومة وغير المسئولة، هي اختلاف الزمن وأدواته التكنولوجية عن ذي قبل، واعتقاد الأهل بأنه يجب غض الطرف كليًا عن فلذات أكبادهم، وتركهم يلاحقون العصر بإيجابياته وسلبياته دون توقف – حتي لا يعانوا معرفيًا مثلهم، وفى نفس الوقت يرفض معظمهم وبشكل قاطع، فكرة التطور الانتقائي للفصل بين الصالح والطالح من الأمور، ومن ثم القدرة على التوجيه والتأثير فى أبنائهم.
الفتاة تفوقت والتحقت بأحد الجامعات الخاصة لدراسة الطب – إلا أن والدها نسي أنها تخطت منذ فترة قصيرة مرحلة المراهقة – أو لازالت تعيشها، فبارك اقتراحها العيش بمفردها في شقة تكون قريبة من جامعتها، وللأسف الشديد فإن الرجل توفرت لديه الإمكانيات المادية لتنفيذ هذا الطلب لابنته، وشرع فيه وحققه، استنادًا على ثقته اللامحدودة في نجلته فقط – لكنه لم يراعِ وجود أخطارٌ كثيرة قد تلاحقها من كل اتجاه – منها تدفق هرمونات الأنوثة وصراع الحاجة والعيب، الذي قد تنتصر فيه الطبيعة الإنسانية للنفس الأمارة بالسوء على الثوابت التربوية، التي ربما قد تكون نشأت عليها – أو لا وجود لها من الأساس، كما تناسى أنه لم يحصنها جيدًا، بإعطائها جزءًا من وقته، ومناقشتها في أحداث يومها وتحسس الأخطار التى تواجهها لدعمها بالنصيحة.