«سيسا المصرية ويونجا التركية».. حياة نساء نسين الأنوثة وعشن كرجال

كتبت: أسماء خليل

بعيدا عن الأنوثة والنعومة والرقة، تعيش بعض بنات حواء ولم يمر الزمن بحياتهن مرور الكرام، وإنما عمَّق أثرًا بالغًا داخل نفوسهن، وجعلهن تتخلين عن نعومة أياديهن وطلاء أظافرهن.. نساء وفيات رأين العالم بشكل مختلف فتبدَّى ذلك في سلوكهن الإيجابي بالحياة..
لم تجلس واحدة منهن مكتوفة الأيدي حيال مرض أبيها أو وفاة زوجها، وتترك الفقر والبرد ينخر بأجساد أولادها أو أخواتها، بل قمن وتحدين الظروف.

وما بين امرأة تخلَّت قليلًا عن أنوثتها، وأخري طمست الظروف على الرقة المعهودة للنساء؛ قررت صاحبات الحكايات التالية أن ينافسن الرجال في أعمالهم الشاقة وتحملهم المسؤولية بكل صلابة وجَلَد.
هى نماذج موجودة بالفعل حتى ولو لم تصدق أنهن موجودات فى مجتمعنا، أو مجتمعات قريبة منا..

“ سيسا المصرية”

حينما تراها لن تصدق – أبدا – أنها امرأة.. إنها رجل يعيش في ثِني امرأة، تعتقد أن هناك روحًا قد تلبستها لجعلها أقوى في مواجهة الحياة..

في ذلك المجتمع الذكوري قاسي الوطأة على امرأة تقف بمفردها وسط عمال البناء، أو تصليح السيارات، قررت سيسا ابنة مدينة الأقصر أن تسلك سلوك الرجال، وتتناسى أنوثتها ولو طوال الحياة.. من أجل ابنة.. وذكرى زوج رحل عن عالمها صغير السن وهي كذلك.. من أجل الحياة التي تسير ولا تتوقف على أحد.

سيسا امرأة فى زى رجل
سيسا امرأة فى زى رجل

اندمجت“ سيسا” وسط الحياة كرجل لفترة زمنية تبلغ 43 عامًا، وتحملت نظرة المجتمع لها، بل والكلمة التي تسعد بها كل أم بالعالم؛ فقد كانت ابنتها تناديها “بابا”.. أخفت عن العالم قصتها وقررت أن تؤلف قصة أخرى تكون فيها هي البطلة والسيناريست والمخرج وكل شيء.. الأهم أن تبقى على مسرح الحياة دونما خدش لكرامتها هي وابنتها.

إنها القصة الأغرب على الإطلاق، إنها ارتدت جلباب وعمامة الرجل الصعيدي، وتبدت حنجرتها من كثرة العمل وكأنها رجل.. كرَّم الرئيس “عبد الفتاح السيسي” تلك المرأة كواحدة من النساء الأكثر كفاحا بالعالم.

“يونجا التركية”

فتاة تركية عشرينية العمر، لم تتوانَ عن خدمة ورعاية أسرتها ولو بتخضيب يديها بـ“الأسمنت” بدلًا من الحناء، وقامت بأعمال لم تقم بها مثيلاتها من بنات جيلها، ولم تأبه بما يقوله الناس عنها وعن امتهانها لمهنة شاقة خاصة بالرجال.. منذ أن كانت فى الرابعة عشر من عمرها وهي تعمل في “محارة الحوائط”، وذلك لتعين أبيها الفقير الذي لا يكفي دخله سد عوز أسرته.

تقول يونجا في استضافة لها من أحد القنوات الفضائية أنها لم تهتم كون تلك المهنة خاصة بالرجال، فمن أين ستأتي بمصروفاتها لاستكمال دراستها، ومن أين سيقتات أخوتها الصغار وأبيها المريض الذي فقد عمله، ولكن فقط ما يضايقها أنه

ليس بإمكانها الاستمتاع بقضاء العطلات الرسمية على أقل تقدير، وليس باستطاعتها زيارة الأماكن السياحية.
كانت يونجا تلاحظ ما يفعله والدها – منذ صغرها- أثناء ممارسة عمله، وكيف يستخدم أدواته، وبمزيد من الذكاء استطاعت استراجاع تلك الخبرات التي اكتسبتها سابقًا وشيئًا فشيئًا أصبحت ماهرة بالعمل ويطلبها الزبائن.

“فتاة المترو”

مريم فتاة مصرية بالثانوية العامة، تقوم ليلا بعمل “ساندوتشات”، ثم تنام القليل من الليل؛ لتقوم في الصباح الباكر وتقف أمام محطة المترو لتبيع تلك المأكولات، ثم سرعان ما تتعجل أمرها في ساعة واحدة؛ لتلحق دروسها المدرسية..
يومٌ مشحونٌ تعيشه مريم، بيع وشراء واستذكار وعمل وأمل؛ لتساعد أسرتها البسيطة والدها كبير السن الذي خرج علي المعاش منذ سنوات، ولم تتقبل هي أو أسرتها أي مساعدة من أحد المؤسسات المعنية برعاية الفقراء، مؤمنةً بأن الفقر هو فقر العقول والنفوس وليس الأموال، رافعة شعار عنوانه الأوحد هو “ ممارسة العمل أسمى شيء بالوجود” .

مريم

شعرت مريم بأنها ثقل وعبء على أسرتها، فقامت من فورها وأقامت مشروعها المتنقل على سلالم المترو، وتسعد – بشكل يومي-وهي تحضر ما تحتاجه أسرتها ويقتات به أخوتها، وتنصح مريم شباب اليوم بالسعي والعمل مهما ضاقت بهم الظروف.

“ حواء الجزائرية”

تساعد أبيها وقامت بتنحية الأنوثة والأمومة حتى إن كان جسدها نحيلا، وقامت بمساعدة ذلك الوالد الفقير الضعيف بصحته القوى بابنته، تقوم تلك الفتاة بحمل أكياس الأسمنت والقيام بأعمال البناء وما يستلزم ذلك من قوة بدنية تنافي رقتها،،
لم تستطع رؤية أبيها وقد ضعُف في مواجهة تحديات الأسرة وتحمل نفقاتها، وتلك الأم المكلومة التي لا تريد تكفف جيرانها لمواجهة أفواه صغيرة لا تعرف قسوة العالم، قامت ولم تتوانَ وساعدت واستجمعت قواها حتى لو كان العمل شديد المشقة.
لم تشكو حواء الصغيرة، ولكنها مستمرة في مواجهة العالم بذلك العقل الكبير والأيدي الصغيرة والقلب النابض بالحب والعطاء.

حواء
حواء
زر الذهاب إلى الأعلى