حمدي نصر يكتب: صافرة إنذار.. فكيف نستقيم ؟
الحمد لله خلق الإنسان وكرمه وعلى كثير من خلقه وفضله، فأرسل إليه رسله وأنزل عليه كتبه.. وبعد، فإن الإنسان خلقه الله ليعمر الأرض وفق منهج الله وهذا بحسن علاقة الإنسان بمن حوله وبما حوله بأن يستقيم على طاعة الله ويتق الله فى نفسه وفى كل من حوله وما حوله، وإذا حدث خلل فى هذه الاستقامة وهو وارد اضطرب الكون وتأثر كل شىء فيه بهذا الخلل.
ويؤكد هذا ما حولنا من أحوال البعض حين خرج عن منهج الاستقامة كثرة الأمراض وتعددت وتنوعت بل وعجز العلم عن مواجهة بعضها ووقف حائر فى أمر البعض الآخر، بل وتأثرت البيئة من حوله من حيوانات وحتى الجماد، هنا خلل فى الأخلاق فيما بين الإنسان وبين خالقه وفيما بينه وبين نفسه وفيما بينه وبين الآخرين هنا صافرة إنذار ليقف هذا الخلل ويراجع أهله أنفسهم حتى لايصل الجميع للهلاك والعياذ بالله.
والسؤال هنا إذا كان هذا الحال فكيف تكون البداية.. وهو أن يراجع كل إنسان نفسه ويتهمها قبل أن يُحاسب غيره ويتهم غيره ويبحث عن علله وأخطائه وهى مؤكد موجودة فيبدأ بإصلاح نفسه وتهذيبها ويعمل على استقامتها ثم يدعو بكل خير ومعروف غيره بعد تأهيل نفسه.
وقضيتنا هنا أن نعظم الأمور الصغيرة حتى تكبر فى أعيوننا فنتجنبها ونبتعد عنها، وبالتالى سنتراجع عن الكبائر، فقد استقام من كانوا قبلنا حينما حافظوا على المستحبات كأنها واجبات وتركوا المكروهات كأنها محرمات، ومنا من يأتى الواجبات على أنها مستحبات ولا يترك المحرمات بل يفعلها على أنها مكروهات إلا من رحم رب الأرض والسموات، والبعض يفعل هفوات كان السابقون يعدونها موبقات.
إذا بمحاسبة النفس حسابا شديدا رادعا زاجرا مع توبة نصوح من كل ذنب صغير أو كبير ومع تعظيم الصغائر حتى تنزل منزلة الكبائر التى ربما هانت هى الأخرى واعطاء كل ذى حق حقه مع السعى فى طريق الأعمار بالخير تستقيم النفس على الدرب ويسير الكون فى هدوء تام وتناغم كامل.
فمتى استقامت النفس استقام الكون، فهى دعوة للمراجعة اللطيفة مع المحاسبة الدقيقة والدعوة الرقيقة .
بقلم
حمدى أحمد نصر
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف