بيان وتدبر: {13} سورة العلق
حلقات تكتبها: رشا ضاحى
يقول رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه عن كتابه: { هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ }.
ويصف قرآنه: { هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ }.
.. هذا هو القرآن الذى أنزله الله فى هذا الشهر رمضان على قلب عبده محمد صلى الله عليه وسلم، ليتخذه خلقه دستورا لدنياهم وآخرتهم.. فتعالوا نتدبر آياته ونبحث فى معانيها لنعمل بمراميها.
{13} سورة العلق
نتحدث اليوم عن سورة العلق وهي سورة مكية ويتناول محور السورة: بيان كمال الإنسان بالعلم والوحي الباعث على تعلق العبد بربه وخضوعه له، ونقصه بمخالفة ذلك.
بيان السورة:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ﴾ (1)
اقرأ – أيها الرسول – ما يوحيه الله إليك، مفتتحًا باسم ربك الذي خلق جميع الخلائق.
﴿خَلَقَ الإِنسانَ مِن عَلَقٍ﴾ (2)
خلق الإنسان من قطعة دم متجمدة بعد أن كانت نطفة.
﴿اقرَأ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ﴾ (3)
اقرأ – أيها الرسول – ما يوحيه الله إليك، وربك الأكرم الذي لا يداني كرمه كريم، فهو كثير الجود والإحسان.
﴿الَّذي عَلَّمَ بِالقَلَمِ﴾ (4)
الذي علّم الخط والكتابة بالقلم.
﴿عَلَّمَ الإِنسانَ ما لَم يَعلَم﴾ (5)
علم الإنسان ما لم يكن يعلمه.
﴿كَلّا إِنَّ الإِنسانَ لَيَطغى﴾ (6)
حقًّا إن الإنسان الفاجر مثل أبي جهل ليتجاوز الحدّ في تعدّي حدود الله.
﴿أَن رَآهُ استَغنى﴾ (7)
لأجل أن رآه استغنى بما لديه من الجاه والمال.
﴿إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجعى﴾ (8)
إنّ إلى ربك – أيها الإنسان – الرجوع يوم القيامة
فيجازي كلًّا بما يستحقه.
﴿أَرَأَيتَ الَّذي يَنهى﴾ (9)
أرأيت أعجب من أمر أبي جهل الذي ينهى.
﴿عَبدًا إِذا صَلّى﴾ (10)
عبدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم إذا صلّى عند الكعبة.
﴿أَرَأَيتَ إِن كانَ عَلَى الهُدى﴾ (11)
أرأيت إن كان هذا المنهي على هدى وبصيرة من ربه؟!
﴿أَو أَمَرَ بِالتَّقوى﴾ (12)
أو كان يأمر الناس بتقوى الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، أيُنْهى من كان هذا شأنه؟!
﴿أَرَأَيتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلّى﴾ (13)
أرأيت إن كذّب هذا الناهي بما جاء به الرسول،وأعرض عنه، ألا يخشى الله؟!
﴿أَلَم يَعلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرى﴾ (14)
ألم يعلم ناهي هذا العبد عن الصلاة أنّ الله يرى ما يصنع، لا يخفى عليه منه شيء؟!
﴿كَلّا لَئِن لَم يَنتَهِ لَنَسفَعًا بِالنّاصِيَةِ﴾ (15)
ليس الأمر كما تصور هذا الجاهل، لئن لم يكفّ عن أذاه لعبدنا وتكذيبه له، لنأخذنّه مجذوبًا إلى النار بمقدم رأسه بعنف.
﴿ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ﴾ (16)
صاحب تلك الناصية كاذب في القول، خاطئ في الفعل.
﴿فَليَدعُ نادِيَهُ﴾ (17)
فليدع حين يؤخذ بمقدم رأسه إلى النار أصحابه وأهل مجلسه يستعين بهم لينقذوه من العذاب.
﴿سَنَدعُ الزَّبانِيَةَ﴾ (18)
سندعو نحن خَزَنة جهنم من الملائكة الغلاظ الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، فلينظر أي الفريقين أقوى وأقدر.
﴿كَلّا لا تُطِعهُ وَاسجُد وَاقتَرِب﴾ (19)
ليس الأمر كما توهم هذا الظالم أن يصل إليك بسوء، فلا تطعه في أمر ولا نهي، واسجد لله، واقترب منه بالطاعات، فإنها تقرّب إليه.
وبعد هذا البيان المختصر للآيات نتعرف على بعض هدايات التدبر:
▪︎ (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)
افتتحت السورة بالأمر بالقراءة باسم الله , وستُخْتَم بالأمر بالسجود ؛ لأن القراءة مفتاح الوصول إلي حقيقة الخالق وعبادته.
▪︎ (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ)
إن الذي خلقك من علقة صغيرة , ثم كملك صورة وخلقة , هو الذي يأمرك أن تقرأ لتكتمل عقلا وعلما.
▪︎ (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ)
لا تنتظر أن تنهي أعمالك لتجد وقتا للقرآن !
بل ابدأ به، يكرمك الله ببركة في أوقاتك وأعمالك وجهدك وطاقتك.
▪︎ (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)
علم بالقلم أهمية التدوين والكتابة لحفظ العلم من الضياع فحري بالمسلم تسجيل ما ينفعه وينفع غيره .
▪︎ (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)
كل علم أو اكتشاف هو بفضل الله وحده يمن به على من يشاء .
(كلا إن الإنسـٰن ليطغىٰ • أن رءاه استغنى)
سـخِّـر غناك في طاعة الذي أغنـاك .
▪︎ (أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى)
إنها آية عظيمة! “تضبط النوزاع… وتقوي الوازع”.
▪︎ (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب)
إذا ظلمك أحد فاسجد واقترب فسوف تنتصر، إذا صدك أحد عن دينك فاسجد واقترب فسوف تثبت، إذا أحزنك أحد فاسجد واقترب فسوف تفرح .
نلتقي غدا إن شاء الله.. دمتم في رعاية الله وأمنه.
اقرأ أيضا فى هذه السلسلة: