أحمد عاطف آدم يكتب: رمضان “فلتر” القلوب والأرواح
مما لا شك فيه أن شهر رمضان المعظم يعد بمثابة فلتر، ينقي القلوب قدر استجابتها واستثمارها لهبته ونفحاته الربانية، يدفعها بقوة لا إرادية على تبني روح مختلفة من الحب والعطاء والتسامح، أبرز مظاهر تلك المشاعر الوهاجة تجدها فى البيوت بين الأهل وخارجها مع الأصدقاء، تنقلها زخات محملة بطاقة إيجابية هائلة – لكن يظل الاستغلال الأمثل لهذه النفحة السنوية العظيمة، هو ما يجب أن يتجلى أثره بأقدس علاقة على وجه الأرض بين آدم وحواء، داخل عش الزوجية، عندما تصل درجة الحميمية والاحتواء لأرقى وأبهى صورها، بالعطاء والتقدير المتبادل، وتغليب روح الود والتراحم، على صراع الهيمنة وفرض السيطرة.
وإحقاقًا للحق فإن العين الخبيرة، والحنكة التي يتميز بها آدم، يجب أن تقوده لرصد وتقدير، قيمة الطاقة المضاعفة لحواء خلال الشهر الكريم، من أجل الأسرة بأكملها عن طيب خاطر، فهي تقريبًا تصوم عن الراحة في سبيل زوجها وصغارها.. تذهب لعملها خارج البيت، ثم تعود لاستكمال رسالتها داخله، تؤدي حقوق زوجها، تتقرب إلى الله بالطاعات، وتتحمل كلفة إعداد الطعام فى أجواء مرهقة وضاغطة،، تفعل كل ذلك في سعادة منقطعة النظير، وتدعو الله أن يبارك في هذه الأيام، وفى شريكها وأبنائها، بروح الأم التي كرمها الله وأوصانا بها – فلما لا تكون أنت السند والمعين والأب والزوج البار، تهم للقيام ببعض الأعمال البسيطة والمعبرة، التي لن تكلفك كثيرًا – بل تبقيك سيدًا قوامًا للأبد، مثل مفاجأتها بإعداد العصائر الرمضانية، أو الذهاب للتسوق بدلًا منها، أو حتى تنظيف أواني المطبخ – فإن رفضت هي تكليفك بتلك المهام، فكلف نفسك أنت بطيب الكلم وتنويع مصادر الحب والدوافع المعنوية المشجعة.. فهي تستحق.
يقول الأديب الكبير والمفكر الراحل محمود عباس العقاد: “لا شيء يؤذي الروح أكثر من بقائها في مكان لا تنتمي إليه” .. تلك المقولة العبقرية تعد حكمة بليغة، ونصيحة باهظة الثمن لمن يعرف قيمتها، فهي تصف حال الطرف الفدائي، المكبل فى أسر العلاقة الزوجية، دون تقدير ولو رمزي لمشاعره المكبوتة، وعطاءه المجرد، شروخ وتصدعات تراكمت على مدى شهور، وربما سنوات، تجعله محبط غير سعيد، لكنه يقاوم من أجل باقي أفراد الفريق – لو أنه تنازل عن فدائيته وتضحياته وتمسك بالظفر بحريته، سيحكم على أعز ما يملك بالضياع – لذا.. أليس من حقه أن يأتي شهر الكرم مرة كل عام بدعوة سخية لترميم روحة المتهالكة والمتعبة على يد من يحب، حتى يستكمل مسيرته فى أمان.