احتفالات الصعيد بـ”شم النسيم”.. تلطيخ الجدران بالعدس وتكسير البصل على أعتاب المنازل
كتب: إسلام فليفل
دقت ساعات الربيع لتعلن عن قدوم نسائمه على ضفة الجنوب، وتطرق أبواب أهل الصعيد لتخرج معها عادات وحكايات الاحتفال بموسم جديد، تاركين الشتاء على أعتاب المنازل، ففى شهر أبريل، يبدأ أهالى الصعيد، مسيحيون ومسلمون، الاستعداد لـ”شم النسيم”، وتبدأ طقوس الاحتفالات معهم بما يسمى “خميس العدس”، حيث تبدأ المراسم المختلفة فى الإعلان عن نفسها يومًا تلو الآخر، فتملأ رائحة العدس فى هذا اليوم النجع بأكمله، تدخل من بيت إلى بيت آخر، ويُحضر الرجال العدس الأصفر قبلها بأيام، وتبدأ السيدات فى صباح يوم الخميس فى إعداده، ليكون الوجبة الأساسية فى هذا اليوم، ثم يلطخون جدران الحوش به حتى يأكله الذباب ولا يأتى على الدار باقى أيام السنة.
ومع غروب شمس الخميس، تشرق شمس يوم آخر يحمل معه حكايات أخرى داخل بيوت الصعيد، وهى “جمعة المفروكة” أو الجمعة البيضاء أو الجمعة السعيدة كما يطلقون عليها، اعتقادًا منهم أن الجمعة الحزينة عند الأقباط حزنًا منهم على صلب السيد المسيح، وتكون فرحًا عند المسلمين لنجاته من يد اليهود، فتبدأ السيدات فى الخبز والعجن وإعداد “المفروكة”، وهى أكلة صعيدية مشهورة، عبارة عن خليط يجمع بين الدقيق والماء، فتصبح عجينًا، ويعدون بجانبها الفطير المشلتت، والعيش الرحّ.
وفى صباح شم النسيم، ومع شروق الشمس، تبدأ الأمهات بكسر بصل على أعتاب المنازل ويسكبون عليها بعض الماء لجلب الرزق، واحتفالًا بهذا اليوم السعيد يبدأ الشباب والفتيات والأطفال والأسر فى التجمع ليتوجهوا إلى شط البحر، أو إحدى الأراضى الزراعية، كما يحمل احتياجاته، فمنهم من يحمل بوتاجاز عين واحدة لعمل الشاى، ومنهم من يحمل شنطة بها الشاى والسكر والأكواب وحصيرة للجلوس، والبعض الآخر يحمل الكرة وورق الكوتشينة وشنطة الخس والرنجة.
ويختار الأب مكانًا قريبًا من شاطى النيل للجلوس، يبدأ الأطفال فى اللعب والعوم بالماء أو لعب الكرة ووقتها تمتلئ المنطقة بالجميع فرحًا بشم النسيم وعيد الربيع.