أمل محمد أمين تكتب: الدراما والمجتمع

قديما كان الذهاب للمسرح هو الوسيلة الوحيدة لمشاهدة القصص والحكايات في شكل دراما يؤديها الممثلين، لكن مع ظهور الإذاعة اتسع تأثير الدراما على المجتمع واختلف الوضع فبدل ان يذهب المشاهد إلى المسرح او السينما ليسبح في خيال المؤلف، اصبحت المسلسلات الإذاعية متاحة عبرالأثير لتحمل معها كافة أشكال المعاني والأفكار.

ثم ظهر التلفزيون ومعه إزداد تأثير الدراما وحلت المسلسلات ضيفا شبه دائم في حياة معظم العائلات التي تمتلك تلفازًا.

وإذا كان هناك احتمالية لعدم متابعة أو مشاهدة الدراما بمختلف أنواعها لاختلاف مواعيد البث؛ فان الانترنت غير الوضع تماما، وفرضت وسائل التواصل الاجتماعي الدراما على حياة الناس، فقد تستيقظ أحيانا لتجد رسالة على هاتفك المحمول عن ملخص لأحد المسلسلات أو عرض لأحد الأفلام فما لا تستيطع متابعته على الشاشة يمكن ان تراه على اليوتيوب، وتحولت الدراما من مجرد ترفيه إلى قوة جبارة لها قدرة كبيرة على تغيير سلوكيات الأفراد في المجتمع سواء بالسلب أو الأيجاب.

ولإن لكل عملة وجهين فنجد ان بعض الكتاب والمؤلفين حرصوا على تقديم نماذج ايجابية تشجع المجتمع على الفضيلة والأخلاق وفي المقابل قدم المتاجرين بالفن نماذج هابطة تحرض على العنف والجريمة.

و لا أعرف من بدأ  فكرة أن ينتفخ شهر الصيام بمئات الأعمال الفنية وأكثرها دراما ضعيفة أشبه ب”سلق بيض” وجدت لمجرد تحقيق أرباح للمنتجين من الاعلانات التي تأخذ مساحة من العرض اكثر من المسلسل في حد ذاته، وكيف لنا أن نتوقع الإتقان مع عرض اكثر من ٣٠ مسلسل في شهر واحد.

وكيف يستقيم للعقل أنه يمكن تقديم أعمال درامية مستقاة من موضوعات مهمة تخاطب الأسر اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً في قضايا نابعة من حياتهم ومشكلاتهم اليومية بأن تنجز بهذا الكم وفي وقت بسيط لا يمكن أن يتيح لهذه الجهات الإنتاجية من اختيار الموضوع وإعداده بشكل جيد وتقديمه بشكل مشوق وجاذب ليخدم الغرض.

لكن مؤخرا أصبحت الدراما بعيدة عن مناقشة مشاكل المجتمع الحقيقية بل واصبحت  الديكورات والأزياء في المسلسلات لا علاقة لها بحياة الناس العاديين، الذين في رأيي جاءت الدراما لتحاكيها، وتغوص فيها، وتعمل على تسهيلها، فنستعجب من القصور والفلل الفخمة والملابس والأكسسوارات التي يتنافس في عرضها الممثلون.

وطبعا لا يمكن تعميم هذا الضعف على كل المسلسلات فعلى سبيل المثال قدم مسلسل ” الكبير أوي” مفاهيم اخلاقية قيمة مثل ضرورة الحفاظ على العائلة، والعمل بجدية لكسب المال، وان جمال الروح اهم من الجمال الخارجي للأشخاص.

وربما كان أكثر ما ميز المسلسل بساطة الطرح مما يجعله سهل الاستيعاب حتى بالنسبة للأطفال في اطار كوميدي محبب للنفس.

فربما تتكرر مثل هذه الأعمال التي تعزز فكرة الفلاح المخلص لعائلته وبلدته وهو ما نحتاجه الأن.
وكم أتمنى ان يستخدم الفن دوره في تشكيل وجدان الشعوب لترسيخ القيم الأصيلة ومعالجة سلبيات المجتمع بمسؤولية وإرادة قوية.

فإذا كان للدراما قوة ثقافية مؤثرة في المجتمع لا يستهان بها، وذلك بسبب انتشارها الواسع، وقدرتها على الإبهار، وتخطى الحواجز الأمية، وصولاً إلى الجماهير؛ فمن الضروري أن تشتمل على مضمون جيد وهادف، يعكس واقع القضايا والمشكلات المجتمعية.

ويا حبذا اذا قام الفن بتشكيل وعي المجتمع وتقوية مشاعر العمل وحب الوطن وعرض النماذج الإيجابية في المجتمع.

اقرأ أيضا للكاتبة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى