بيان وتدبر: {30} سورتا الفلق والناس
حلقات تكتبها: رشا ضاحى
يقول رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه عن كتابه: { هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ }.
ويصف قرآنه: { هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ }.
.. هذا هو القرآن الذى أنزله الله فى هذا الشهر رمضان على قلب عبده محمد صلى الله عليه وسلم، ليتخذه خلقه دستورا لدنياهم وآخرتهم.. فتعالوا نتدبر آياته ونبحث فى معانيها لنعمل بمراميها.
{20}
سورتا الفلق والناس
نتحدث اليوم عن سورتى الفلق والناس (المعوذتين).
سورة الفلق
نبدأ بسورة الفلق وهي سورة مكية ويتناول محور السورة: تقرير توحيدَي الربوبية والألوهية؛ بتعليم النبي وأُمَّتِه وتربيتهم على الاعتصام بالله والاستعاذة به من شرور خلقه، وأنه الذي يكفي الإنسان شرَّ كلِّ ذي شرٍّ، ويحفظُه من كلِّ سوءٍ ومكروهٍ.
بيان السورة:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿قُل أَعوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ﴾ (1)
قل – أيها الرسول – : أعوذ وأعتصم برب الفلق، وهو الصبح.
﴿مِن شَرِّ ما خَلَقَ﴾ (2)
من شرّ ما يؤذي من المخلوقات.
﴿وَمِن شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ﴾ (3)
ومن شر ليل شديد الظلمة إذا دخل وتغلغل، وما فيه من الشرور والمؤذيات.
﴿وَمِن شَرِّ النَّفّاثاتِ فِي العُقَدِ﴾ (4)
ومن شر الساحرات اللاتي ينفخن فيما يعقدن من عُقَد بقصد السحر.
﴿وَمِن شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ﴾ (5)
ومن شر حاسد مبغض للناس إذا حسدهم على ما وهبهم الله من نِعَم، يريد زوالها عنهم وإيقاع الأذى بهم.
سورة الناس
وهي سورة مكية يتناول محور السورة:
تقرير توحيدَي الربوبية والألوهية؛ بتعليم النبي وأُمَّتِه وتربيتهم على الالتجاء إلى الله، والاستعاذةِ به ليكفيَهم شرَّ شياطين الإنس والجنِّ، الموسوسين لهم بتزيين طريقِ الشَّرِّ.
أما عن بيان السورة:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿قُل أَعوذُ بِرَبِّ النّاسِ﴾ (1)
قل – أيها الرسول – : أعتصم برب الناس، وأستجير به.
﴿مَلِكِ النّاسِ﴾ (2)
ملك الناس المتصرف في كل شؤونهم، الغنيِّ عنهم.
﴿إِلهِ النّاسِ﴾ (3)
إله الناس الذي لا معبود بحق سواه.
﴿مِن شَرِّ الوَسواسِ الخَنّاسِ﴾ (4)
من أذى الشيطان الذي يوسوس عند الغفلة، ويختفي عند ذكر الله.
﴿الَّذي يُوَسوِسُ في صُدورِ النّاسِ﴾ (5)
الذي يبثُّ الشر والشكوك في صدور الناس.
﴿مِنَ الجِنَّةِ وَالنّاسِ﴾ (6)
من شياطين الجن والإنس.
وبعد هذا البيان المختصر للآيات نتعرف على بعض هدايات التدبر للسورتين:
▪︎ (قُل أَعوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ)
سورة الإخلاص والمعوذتين، 3سور مفتتحة بـ(قل) تلقين للنبي وأمته من بعده.. وخلاصة القول: إن الله مستحق للعبودية وحده المستعان به على الشرور.
▪︎ (قُل أَعوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ)
اقرأ سورة الفلق وتفاءل، أليس الذي أزاح ظلمة الليل بانفلاق الصباح بقادر على تفريج كربك وتيسير أمرك ؟
▪︎ (مِن شَرِّ ما خَلَقَ)
كم فيها من الشمول؟! فهي تشمل كل من فيه شر أنس وجن وجماد..
بل نفسي يا رب إن كان فيها شر فاحمني منها،
فكثيرا ما نستعيذ من الشرور الخارجية، لكن غالبا ما نغفل عن الاستعاذة من عدونا الداخلي أنفسنا الأمارة بالسوء!
▪︎ (ومن شر النفاثات في العقد)
مبتغى الشيطان للسحر : نفسٍ شريرة وريق نجس وخيط معقود،والمؤمن غافل ولكن الله جل جلاله يحميه .
▪︎ (وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ )
لا يحسدك إلا من استحكم الشر قلبه.
▪︎ (ومن شر حاسد إذا حسد)
إن الله جمع الشرور في هذه السورة وختمها بالحسد ؛ليُعلم أنه أخس الطبائع.
▪︎(قُل أَعوذُ بِرَبِّ النّاسِ)
لا يستهينن أحدكم بوساوس النفس , فكم من وسوسة انتهت بالمرء إلي أبعد الضلال , وذلك يقتضي الاستعاذة منها؛ تحصنا بالله واعتصاما به .
▪︎(مَلِكِ النّاسِ)
جرت عادة الناس إذا أصابتهم نازلة أن يلجؤوا إلي أكابرهم وذوي السطوة فيهم؛ طلبا للحماية والمعونة , أفلا نتوجه إلي ملك الملوك بطلب العود والملجأ ؟
▪︎(مِن شَرِّ الوَسواسِ الخَنّاسِ)
إن من مكائد الشيطان أن يشغلك بالمفضول من العمل عن الفاضل.. وأمثلة ذلك كثيرة ؛؛ منها كمن يشغله بقيام الليل عن صلاة الفجر، أو يشغله بحضور المحاضرات وله والد في حاجته، أو يشغله بأجهزة التقنية بحجة الدعوة إلى الخير ويفوته الكثير من الغنائم في رمضان.
ولنفقه أن الاعمال الصالحة ليست كلها بدرجة واحدة، فالأعمال تتفاضل فإذا رأى منك الشيطان أنك يجب أن تصلي وتعمل عملا صالحا أشغلك بالمفضول عن الفاضل.
فكونوا حريصين على ذلك ؛ واستعينوا بالله أولاً وآخراً.. وقد كان السلف حريصون على معرفة تفاضل الأعمال وحريصون على التفقه فيه.
▪︎(الَّذي يُوَسوِسُ في صُدورِ النّاسِ)
الشيطان يحرص علي اغواء الإنسان عن طريق إفساد قلبه أولا، لأن قوة الإنسان في قلبه، فهو مركز الهوي والضلال وهو محل نظر الله وحسابه.
▪︎(مِنَ الجِنَّةِ وَالنّاسِ)
من أبناء جنسنا من البشر من هم شر مكانا ووسوسة من شياطين الجن , ألا فاحذروا رفاق السوء فإنهم أسُّّ البلاء .
▪︎(مِنَ الجِنَّةِ وَالنّاسِ)
يتسلط على الإنسان شيطانين: شيطان من الجن: يوسوس ويزين، ويلبس!
وشيطان من الإنس: يغري ويقنع، ويدلس، والاستعاذة منهما هي النجاة.
وقدمنا فى الحلقات الثلاثون من “بيان وتدبر” قصار السور، ونعدكم أن نواصل فى وقت لاحق إن شاء الله.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وهمومنا ومغفرة لذنوبنا اللهم آمين وصلي اللهم على سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
.. كل عام وحضراتكم بخير.
اقرأ أيضا فى هذه السلسلة:
-
http://بيان وتدبر: {29} سورة الإخلاص
-
-
https://www.facebook.com/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D