فى بيتنا مسنّة كيف نتشارك معها الحياة ؟!.. د. إيمان عبد الله تجيب
كتبت: أسماء خليل
لا يخلو بيت عربي من وجود “أم” كبيرة فى السن، وجودها يشكل جزءًا من حياتنا، سواءً هي والدة أو حماة أو خالة أو عمة أو جدة، وما برحت المشكلات الناتجة عن عدم التكيف الاجتماعى للمرأة في ذلك السن تؤثر على جميع أفراد الأسرة..
وفى السطور التالية تقدم دكتورة “إيمان عبد الله ”أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد الأسري لقراء “بيان” مجموعة من الحلول المقترحة لعلاج المرأة في تلك السن، مؤكدة فى البداية على ضرورة إشراك المرأة المُسنة، من قِبل أولادها أو أحفادها في بعض الأعمال، حتى ولو لم ترغب في ذلك، أو لا تردن – بأي شكل – المشاركة في الأعمال المنزلية أو اليدوية أو …إلخ..
توهم المرض
توضح أستاذ علم النفس أنه من أهم الأسباب التي تجعل الأم المُسنة لا تريد المشاركة في الحياة والقيام ببعض الأعمال الموجهة إليها؛ هو “توهم المرض” ، فربما يكون ما أصيبت به من اعتلالات هو أمر يمكن التكيف معه بتناول بعض الأدوية ولا بأس، ولكن الوهم بأن كل شيء صغير أكبر حجما مما يبدو عليه؛ يجعل النتائج سيئة للغاية، وأيضًا يأتي“جذب الانتباه” هو أحد أسباب إيهام المحيطين بمدى خطورة ما تعانيه ليهتم من حولها، وتوضح أن القلق الجسدي يؤدي إلى الأعراض العُصابية، مما يؤدي إلى الاكتئاب، وكذلك الألم النفسي آلامه مبرحة جدا يجعله متوترًا وغير راضٍ عن حياته، تتوقف كل الحياة على ما يعانيه الجسد وفقط.
الثقافة والمعرفة
ترى عبد الله أن الماضي بما يحتويه من خبرات لابد أن يكون له البصمة العليا لاسترجاع المعرفة وإعمال دور الثقافة، فالاضطراب العصابي يزداد نتيجة الوحدة المرتبطة بالآلام الجسدية بدلا من الاستنارة بضوء تلك المعرفة، فمن المؤكد أن المُنشغل بالقراءة والإلمام بالعلوم والأخبار وبما يجري بالعالم ستختلف حياته عن المُتقوقع المنغلق على ذاته،،
رسالة إلى الأمهات
توجه استشاري العلاقات الأسرية رسالة إلى الأمهات، أنه كلما كان اعتمادكن على الآخر؛ كلما كنتن أكثر عبئا وحملا على من حولكن، عليكن بالنظر لأنفسكن ولكن بشكل مختلف، فلا تنظري لجسدك الذي أصابه بعض الاعتلالات، ولكن انظري لروحك التي مازالت شابة وبإمكانها فعل الكثير، فإذا تناست آلامها فباستطاعتها عمل مشروعًا منزليًّا، ليس الغرض منه ماديا، ولكن سيكون للجانب المعنوي النصيب الأكبر، أو تقوم بتعليم الصغار علم نافع، أو حتى فنون الطهو والتطريز إذا كانت لا تملك الكثير من العلم لتعلمه لغيرها..
وحدة من نوع آخر
وتستكمل دكتورة إيمان، مُشيرة إلى أن المرأة – عند الكِبر – تكون وحدتها من نوع آخر، مختلف عن الرجل، بسبب الجانب العاطفي والانفعالي، فتتسم وحدتها بأنها أكثر حدة، فهي لم تكن من عادتها الخروج والجلوس على المقاهي وقضاء الأوقات مع الأصدقاء، فتجد نفسها أسيرة تلك الوحدة، التي تشكل الجزء الأعظم من حياتها ..
مشكلات عصرية
تؤكد دكتورة إيمان أن تلك المعاناة الخفية التي تعانيها الأمهات في ذلك السن، هو ما يدفعها لاختلاق المشاكسات مع زوجة ابنها وزوج ابنتها، بل وكل من حولها، ما يُحيل الحياة إلى جحيم حقيقي.. لذلك على المحيطين إدراك ذلك وعدم التعامل بشكل فظ معهن ومحاولة الاطلاع على سمات تلك المرحلة وكيفية علاجها.
القيمة والتقاعد المزدوج
تقول أستاذ علم النفس، حينما تنظر الأم المُسنة لنفسها وقد تقاعدت عن عملها بإحدى المؤسسات أو الشركات – إذا كانت موظفة – وكذلك التقاعد عن المسؤوليات المنزلية من إدارة وتربية للأبناء، هنا تشعر بألا قيمة لها بالحياة فيزداد اكتئابها، وتشعر كذلك بضغوط لا حصر لها دونما صوت، ولكن لابد هنا من وقفة مع النفس لمراجعتها، لأن تلك المرحلة هي مرحلة حتمية لمرور الإنسان عليها، لابد أن يكون إيجابيًّا ويساعد نفسه، فعلى المرأة ألا تبالي بذلك التقاعد وتخلق آفاقا جديدة للعمل، وتعلم جيدا أن ما تعانيه من آلام جسدية له علاج، فما يزال الطب في تقدم مستمر.