طارق متولى يكتب: يوميات زومبى (32) زومبى متنوع
“الواحد كل يوم بيتفاجأ بزومبى لم يكن يتوقعه”.. فمشكلة الزومبى أنه يكون كامنا أحيانا ولا يظهر إلا بعد فترة.
من حيث العمر هى أقدم صيدلية فى الحى، بل كانت الصيدلية الوحيدة فى المنطقة لفترة كبيرة أصحابها ثلاثة دكاترة محترمين جدا من عائلات الأجانب الذين كانوا يعيشون فى مصر، شقيقين رجال وشقيقتهم سيدة أنيقة تشبه الخواجات كانت تجلس على ماكينة الحساب.
كان الشقيقان الرجال يتعاملون من الزبائن بكل احترام ويقدمون الاستشارة الطبية للبسطاء ويقومون بإعطاء الحقن فى الصيدلية للمرضى، ظلت هذه الصيدلية على مدار خمسون عاما تعمل واشتهرت واشتهر أصحابها بكفاءتهم ودماثة أخلاقهم.
اليوم وأنا عائد من عملى فى حوالى الساعة الرابعة عصرا مررت على الصيدلية العتيقة لشراء دواء للصداع فوجدت باب الصيدلية مغلق من الداخل طرقت على الباب الزجاج فخرج لى رجل لا أعرفه ولا يبدو عليه أنه صيدلى جديد أو شىء من هذا القبيل، وقال لى إن هناك جرد الآن والبيع متوقف فانصرفت، ولم ابتعد قليلا حتى شاهدت الدكتور الصيدلى الذى اعرفه جيدا ونشأت بيننا صداقة بحكم الجوار والتعامل فترة طويلة من الزمن، يخرج وحوله مجموعة من الرجال ويتجه إلى سيارته الموجودة أمام الصيدلية ويفتحها لهؤلاء الرجال ليقوموا بتفتيشها ويستخرجوا من شنطة السيارة مجموعة من الكراتين والشنط ويعودوا إلى داخل الصيدلية.
بعد برهة خرج الجميع مرة أخرى ثم قام رجال بتشميع الصيدلية واقتادوا الدكتور معهم فى سيارة الشرطة.
تعجبت كثيرا ولم أصدق ما أراه وخطر فى بالى أول ما خطر تعسف الأجهزة الرقابية مع أصحاب المحلات والأنشطة التجارية وإشفقت على أصحاب الصيدلية المحترمين حتى جاءت الأخبار فى المساء وعرفت أنهم للأسف يتاجرون فى الأقراص المخدرة المهربة بل ويعطون الحقن المخدرة لمدمنى المخدرات فى الصيدلية فى الخفاء وكان هذا سبب معرفة رجال الأجهزة الأمنية عندما وقع فى أيديهم أحد المدمنين وبحوزته مجموعة من شرائط الأقراص المخدرة واخبرهم أنه يشتريها من الصيدلية المذكورة.
شىء لا يصدق كيف لهؤلاء الصيادلة القدامى المحترمين أن يفعلوا هذا ويضحوا بتاريخ الصيدلية وتاريخهم ؟.
لا يوجد تفسير عندى سوى أن الزومبى الكامن داخلهم قد تمكن من الخروج والسيطرة على أفعالهم .
فى المساء وجدت ازدحام فى ميدان الحى، الذى أسكنه، وكاميرات تصوير وبعض الفنانين المعروفين، اتضح أنهم يصورون اجزاء من فيلم سينمائي وهذا كثيرا ما يحدث فى الحى، نظرا لطبيعته القديمة الشعبية ووجود قصر السكاكيني باشا العريق فى وسط الميدان.
اندفع عيد العامل لدى المعلم إبراهيم صاحب مطعم الحى إلى المخرج ليسلم عليه وعلى الفنانين والمعلم إبراهيم واقف أمام المحل يشاهد التصوير وزحام المارة الذين وقفوا ليشاهدوا الفنانين المعروفين ويتفحصوهم.
عيد لم يكتف بالسلام على المخرج بل راح يقف بجانبه ويحدثه عن موهبته فى التمثيل ويطلب منه تجربته فى أى دور فتدخل المعلم ابراهيم وقال للمخرج ساخرا:
“عيد ده بيمثل حلو قوى ده حتى طلع قبل كده فى فيلم الشموع السوداء”.
فتعجب المخرج ونظر لعيد الشاب الصغير وقال للمعلم إبراهيم:
“متهيأ لى أنه صغير شوية وفيلم الشموع السوداء فيلم قديم جدا”.
فرد المعلم ابراهيم: “لا ما هو كان عامل دور روى (الكلب) فى الفيلم “.
وضحك وضحك الجميع وبدأ التصوير وكثير من المارة ومن الأطفال يتسللون خلف الممثلين ليظهروا فى الكاميرا مما جعل المخرج يفقد أعصابه وينهى التصوير وأخذ كل من المخرج والفنانين يستقلون سياراتهم الفارهة ويغادرون والناس تنظر لهم كأنهم كائنات من كوكب آخر.
نكمل فى يوم اخر من يوميات زومبى فإلى اللقاء.