سماح عطية تكتب: الأجندة الحياتية والقرار !
“إزاي بعد ما عشتوا مع بعض كل السنين دي…. وخلفتوا العدد ده من الأطفال لاقيتوا نفسكم مش مستحملين بعض فجأة… ؟!”.
سؤال يبدو منطقياً، يُحترم، لكنه “أجوف” و “مُجرّد” من كل مشاعر الحزن والألم والحسرة وضياع الروح والأحداث الذي عاشها متلقي السؤال الذي يواجه صيغة سؤال استنكاري أقرب ما يكون إلى “إصبع اتهام” يجبر المتلقي على أن “يدافع عن نفسه” ويعطي مبررات مقنعة لآخرين لم “يعيشوا تفاصيله”.
لا توجد أحداث في الكون (طبيعية كانت أو من صنع البشر)، تأتي فجأة، كل ما يحدث حولنا نتيجة تراكمات لأحداث ومواقف.. أي قرار يتم اتخاذه هو حصيلة أوقات صعبة أو حلوة.. حصاد توقعات وأمنيات ورؤى وخذلان ودعم وشدّ وجذب.. فلا يوجد حدث اجتماعي يتم في يوم وليلة.
الزوجان اللذان ينفصلان بعد 10، أو 20، أو حتى 40 عاما، ليس للأمر علاقة بطول أو قصر المدة وعدد الأطفال الذين تم إنجابهم خلال تلك الفترة، وإنما الحدث يتعلق بأمرين: أولهما أن هناك هدفاً أسمى وأقوى من “مجرد” قوة تحملهما لبعض، وهو أن يكون بينهما هدف يجعلهما مستمرين في العلاقة “غير المُرضية” لكليهما، وبانقضاء الهدف يحدث الانفصال، ولكن خلال هذه الفترة يتم استنزاف روح وقلب أحد الطرفين، أو كليهما.
أما الأمر الثاني فيتعلق بـ”الأجندة الحياتية” لكل منهما، بمعنى أن أي علاقة بين اثنين يتخللها كل يوم أحداث جيدة وأحداث سيئة، وتبدأ سطور وصفحات الأجندة الحياتية في الامتلاء (ما بين جيد وسيء)، فإذا زادت عدد صفحات “الجيد” وتلوّنت بألوان السعادة، فسوف تستمر العلاقة، أما إن زاد عدد صفحات “السيء” وكساها اللون الأسود، فهذا “نذير” باقتراب نهاية العلاقة.
النهاية التي تكون مع زيادة “السيء” في الأجندة الحياتية، لدرجة أنه تأتي لحظة لا نرى فيها أي “جيد”؛ فالسواد الحالك يسيطر على الأجندة ويجعل لا مكان فيها للأبيض، وقد يستغرق الأمر سنوات يولد فيها أطفال (زاد عددهم أو قلّ).
الانفصال ليس قراراً اقتصادياً أو فيزيقياً أو كيميائياً يأتي فجأة في لحظة…
الانفصال قرار يأتي وفقاً للأجندة الحياتية، ولا يتخذ وهي ملونة بألوان الحياة الحلوة، وإنما يأتي مع أجندة غطى صفحاتها السواد، فلم يعد بها مكان للأبيض، ربما يستغرق الأمر سنوات طويلة تشهد مولد أطفال كثيرة!
ويظل السؤال “العقيم” الذي يشغل بال البعض إجابته، رهن الأجندة الحياتية لكل علاقة بين اثنين، باختلاف التفاصيل المُهلكة أو الحافظة، التي تتلون على مهل، دون وجود لـ”زر” يضغط عليه أحدهم فيقرر الاستمرار أو الانفصال.