د. عوض حبيب يكتب: شَبَابٌ يَتَأرجَحُ بَيْنَ الْمُتَنَقِضَات

حينما بدأ الشباب يتلقى القيم والأخلاق المنضبطة من أسرته في بيته ثم المدرسة، ويترسخ في قلب مجتمعه – الذي يتربى وينشأ فيه – من القيم المتصلة بالحياة والموجهة للسلوك، وعلى أرض الواقع كانت الممارسات الحقيقية؛هنا بدأ التناقض..

إن ذلك التناقض بين ما رسخ في ذهنه وبين الممارسات الحقيقية في المجتمع؛ يمثّل مشكلة تؤدي إلى زعزعة الثقة في النظام العائلي، فالشاب يتلقّى موروثًا ضخمًا من التعاليم الدينية والقيم الحياتية، ثم يجد ما ينافي ذلك في البيت أولاً، ثم المدرسة ، ثم المجتمع،،

وهذا من أسباب الحيرة التي يعانيها الشباب المسلم وغير المسلم، ويتجلى التناقض في المجتمع الذي يعيشه، تناقض بين ما ورثوه وبين ما يعيشونه، وبين ما يُلقّنونه تلقينًا علي لسان الأب والأم، وبين ما يطلبه علماء الدين الغير معنيين بتجديد الخطاب الدين المواكب للعصر؛ هذا التناقض العجيب الذي سلط عليهم ومنوا به هو السر في هذه الحيرة المحبطة،،

وهو التناقض بين القول والفعل، هو الذي ذمه الله- سبحانه وتعالى- في القرآن وحذَّر منه المؤمنين فقال:
((يا أيُها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون. كبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) [الصف:2-3 ].
لقد سماه القرآن “النفاق “،،

إنَّ المتناقضات تعمُّ مجالات الحياة ، ومباحة في السياسة والعلاقات العامة، و المظاهر الاجتماعية، والممارسات الرسميّة والشعبية..

ولكن أكثر المتناقضات التي أثَّرَت بنفوس الشباب ودمرتها: تناقض الأقوال والأفعال الصادرة من الآباء والمربين والقادة؛ فالأب يُطالب بالصدق والأمانة، وهو يكذب في الهاتف، أو عندما يدقّ جرس الباب لمن لا يودُّ لقاءه!!..
والكثير يتحدثون عن الوطنية والتنمية وهم يتهربون من واجبات وظائفهم، ودفع الضرائب ، وينهبون الملكيات العامة، ويخربون بأفعالهم اقتصادهم، ويبدّدون ثرواتهم، ويعطّلون التنمية في أوطانهم،،

ومن ذلك الصنف -أيضًا – المعلمون عندما يهتمون بجمع المال، ويخونون الأمانة إن غابت عنهم رقابة البشر، ثم إنّ المدارس نفسها تعمّق هذا التناقض، فقد يقوم بعض المعلمين منعدمي الضمير حينما تقام المعارض، بتقديم أعمالًا هم من قاموا برسمها وتطريزها على أن الطلاب هم من قاموا بصنعها، فأين المصداقية أمام الطالب؟!..

حينما تكون الأسرة – باعتبارها اللَّبِنة الأولى بالعالم- تقوم بعمل الواجبات بدلًا من أبنائهم وتقبل المُعلِّمة ذلك مع علمها بكل شيء، حتى عمليات الغش في الاختبارات؛ فإنَّى للشباب بيت كل ذلك التناقض، الذي يلبس أثوابًا متعددة وينخر في حياة الأمم ويثبّتها حيث بدأت.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى