أمل أمين تكتب: لماذا يتآكل جلبرت
كنت في سن المراهقة عندما شاهدت فيلم What Eating Gilbert Grape والذي يترجمه البعض: “ماذا يأكل جلبرت من الداخل” وأترجمه أنا ” لماذا يتآكل جلبرت”.
الفيلم أمريكي أنتج عام 1993 ويحكي قصة “جلبرت جراب” ويقوم بدوره جوني ديب، وهو صبي بقال عمره 24 عامًا يقضي معظم وقته بين عمله في البقالة، والرعاية بوالدته “بوني” (دارلين كايتس) التي تعاني من السمنة المفرطة، وشقيقه الأصغر “أرني” الذي يقوم بدوره الممثل ليوناردو دي كابريو، ويعاني آرني من ضعف عقلي ويبلغ من العمر 18 عامًا.
كان رب العائلة قد شنق نفسه قبل سبع سنوات، ومنذ ذلك الحين أمضت والدة جلبرت، معظم أيامها على الأريكة تشاهد التلفاز وتتناول الطعام.
ونظرًا لأن سمنة بوني المرضية تجعلها غير قادرة على رعاية أطفالها بمفردها، فقد تحمل جلبرت مسؤولية إصلاح المنزل القديم وحماية أرني، الذي اعتاد تسلق برج المياه في المدينة ، بينما كان الأخوات آمي (لورا هارينجتون ) وإلين (ماري كيت شيلهاردت) تقومان بالباقي.
وتزداد الأمور صعوبة عندما يتم افتتاح سوبر ماركت جديد ضخم من فئة FoodLand ، مما يهدد بقالة لامسون الصغيرة حيث يعمل جيلبرت. بالإضافة إلى ذلك ، يقيم جيلبرت علاقة غرامية مع امرأة متزوجة ، بيتي كارفر (ماري ستينبرغن ).
وبينما جلبرت يغرق في دوامة الأحداث وتكرارها تظهر امرأة شابة تدعى بيكي (جولييت لويس ) وجدتها ، حيث تسبب تعطل مقطورتهما في أن تظلا حبيستا المدينة الصغيرة.
لكن ظروف حياة “جيلبرت ” غير العادية وصمته ووحدته تهدد علاقتهما الرومانسية الناشئة.
وحتى عندما يقرر جلبرت قضاء بعض الوقت مع بيكي لمشاهدة غروب الشمس، يترك جيلبرت أخوه آرني وحده في حوض الاستحمام ويطلب منه أن يجفف ويرتدي ملابسه بنفسه على غير العادة، لكن للأسف عندما يعود جلبرت إلى المنزل في وقت متأخر يجد أن أرني لا يزال في الحمام حتى صباح اليوم التالي يرتجف في الماء البارد ؛ و يتفاقم ذنبه بسبب غضب عائلته ويزاد احساس جلبرت بالندم عندما يصبح إرني مريضا برهاب الماء ويتوقف عن الاستحمام .
ثم تتفاقم المشاكل عندما يتشتت انتباه العائلة في إحدى المرات ويعود آرني إلى برج المياه الذي يحاول دائمًا تسلقه ويتم القبض على أرني بعد أن تم إنقاذه من أعلى البرج ، مما جعل والدته – التي لم تغادر المنزل منذ أكثر من سبع سنوات – تصبح أضحوكة المدينة أثناء ذهابها إلى مركز الشرطة لتطلق صراح أرني بعد أن فشل محاولات جلبرت في هذا.
وفي يوم عيد ميلاد أرني يحاول جلبرت إرغامه على الاستحمام بعد أن أصابه النتن من قلة الاستحمام، وهنا يحاول أرني الهروب من الحمام لكن جيلبرت يمسك به و يضربه عدة مرات.
ويفيق جلبرت من نوبة غضبه يملؤه شعور الذنب فيأخذ شاحنته وهو مذعور من نفسه ويهرب إلى خارج البلدة، كما يخرج أرني أيضًا ويذهب إلى بيكي، التي تعتني به في المساء وتساعده في التغلب على رهابه المائي وتظل معه حتى يعود إلى أخواته.
وبعد أن تُطمئن بيكي جلبرت وتستمع إلى قصته كاملة يعود إلى منزله خلال حفلة عيد ميلاد آرني الثامن عشر ليعوض عائلته بسبب نفاذ طاقته ويلاطف أرني حتى يحصل على غفرانه، كما يعتذر جلبرت لأمه عن سلوكه ويتعهد بألا يخجل منها أو يتركها تتأذى بعد الآن.
وتعترف هي بحجم العبء الذي أصبح على كاهله منذ رحيل أبوه وهرب أخوه، وتغفر له ضربه لآني ثم يعرّفها على بيكي – وهو أمر كان مترددًا في فعله سابقًا.
بعد الحفلة ، صعدت بوني الدرج إلى غرفة نومها لأول مرة منذ انتحار زوجها. حاولت أرني لاحقًا إيقاظها لكنها اكتشفت أنها ماتت. يريد الأطفال حماية كرامة والدتهم فمن المستحيل إخراجها من المنزل وهي بهذا الحجم؛ فيفرغون منزل عائلتهم من ممتلكاتهم ويضرمون النار بها فيه، ويحرقونها إلى رماد ويحرقون المنزل.
وبعد مرور عام ، تدير إيمي مخبزًا بينما تتطلع إلين إلى تغيير المدارس. وينتهي الفيلم بمشهد لجيلبرت وهو ينتظر بجانب الطريق مع آرني ، الذي يبلغ الآن التاسعة عشرة من عمره ، في انتظار عودة المقطورات السياحية مرة أخرى، وبالفعل تصل بيكي مع جدتها وتلتقطهما ليبدأوا حياة جديدة.
أن هذا الفيلم من أفضل الأفلام التي تحدثت عن المعاقين عقليا وما تعانيه عائلاتهم خلال الرعاية بهم كما تلقي الضوء على مرض الاكتئاب الصامت الذي كان يعاني منه جلبرت وأبوه.
عندما تشاهد الفيلم يبهرك أداء ليوناردو دي كابريو على الرغم من حداثة سنه ويطغى وجوده على أداء ديب الباهت بعض الشيء والمناسب لشخص مصابة بالاكتئاب لا تضحك ولا تنفعل ولا تتفاعل بل تؤدي مسؤولياتها وفقط.
بالطبع يمكن ملاحظة استغلال المرأة المتزوجة لهذا الفتى الشاب الذي كانت ظروفه العائلية الصعبة تجعله فريسة سهلة لكل الأمراض النفسية والاجتماعية، وربما كانت ستصل به الأحداث إلى الانتحار كوالده لولا ظهور بيكي.
بالنسبة لي كان من الممتع مشاهدة الفيلم مرة أخرى فهو من الأفلام الرومانسية القليلة التي أداها جوني ديب قبل أن ينخرط في الأفلام ذات الإنتاج الضخم وإن كان أحد أفضل الممثلين البارعين التي جادت بهم السينما الأمريكية خلال القرن الماضي.