لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: طريق الجلالة
استمتعنا خلال عيد الفطر المبارك، الماضي، بعطلة طويلة، أتاحت الفرصة للمواطنين من التقاط أنفاسهم، والاستمتاع مع أفراد عائلاتهم، ببعض الوقت، بعيداً عن صخب الحياة اليومي، فضلاً عما أتاحته تلك العطلة للمدينة من فرصة للراحة والهدوء بعيداً عن الزحام المروري، وما يسببه من اختناق وتلوث.
ومع طول تلك الإجازة، فقد رتبت أن أقضيها بين عائلتي وأولادي وأحفادي، في منطقة العين السخنة، أحد أجمل المناطق السياحية، في مصر، والتي تطورت بصورة مبهرة، خلال السنوات الماضية، وإن كانت جائحة كورونا قد حرمتنا من الاستمتاع بطبيعتها خلال السنتين الماضيتين.
تحركت من القاهرة، بالسيارة، على طريق السخنة، وقررت استكمال مشواري سالكاً طريق الجلالة، الحديث نسبياً، فرأيت معجزة من التخطيط والإنجاز والتنفيذ؛ طريق شُق بين سلاسل الجبال، على ارتفاع كبير، والذي يرجع قرار إنشاؤه، إلى زيارة سابقة للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حلق خلالها سيادته بطائرة هليكوبتر، فوق تلك المنطقة، ونظر للطريق القديم بين القاهرة والغردقة، المعروف باسم “طريق الموت”، نسبة للأرواح التي فُقدت عليه نتيجة للحوادث، فوجه، حينها، ثلاثة من قادة الهيئة الهندسية، لإنشاء هذا المحور الجديد، على أن يتم التخطيط والتنفيذ خلال عام واحد.
ورغم رد قادة الهيئة الهندسية بصعوبة ذلك، إلا أن إيمان السيد الرئيس بقدرات المصريين، كان الدافع لإتمام المشروع كما خُطط له، بمشاركة، وإشراف، الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وباستخدام أطنان من المتفجرات لشق الطريق بين الجبال.
وخلال تلك العملية الشاقة، ظهرت المفاجأة، في العثور على أكبر، وأغلى، محجر للرخام في الشرق الأوسط، فقرر الرئيس حظر تصدير الرخام الخام، ووجه بإقامة مدينة كنوز الجلالة، التي تضم مجمعاً صناعياً هائلاً، لتصنيع الرخام، وتصديره في صورة نهائية.
كما أُنشئت مدينة الجلالة الجديدة، المجهزة بكافة الخدمات، ومنها جامعة الجلالة، وكان الهدف الاستراتيجي هو فتح فرص جديدة للمواطن المصري.
والحقيقة أن طريق الجلالة يمثل إضافة حقيقية لقطاع السياحة؛ فقد كان السائح عند وصوله للغردقة، يجد على لوحة الإعلانات عروضاً سياحية، لرحلات اليوم الواحد سواء للقاهرة أو الأقصر.
وعندما كنت محافظاً للأقصر، كنت أستقبل يومياً نحو 5 آلاف زائر، من الغردقة، مستخدمين الطريق الواصل بين المدينتين في ثلاث ساعات فقط. بينما كانت رحلة القاهرة تستغرق 5 ساعات ذهاباً، ومثلهم للعودة، على طريق محفوف بالمخاطر، بما يدفع السائح بعد عودته منها لنصيحة باقي الأفواج بعدم الانضمام لتلك الرحلة.
أما اليوم، ومع وجود طريق الجلالة فسيتغير الوضع، تماماً، ممثلاً نقلة نوعية لقطاع السياحة. في تأكيد لأن هذا الطريق، وشبكة الطرق الجديدة، فاتحة خير وأمل للمصريين.
Email: [email protected]