لواء د. سمير فرج يكتب: دراسة تحليلية حول تقرير معهد استوكهولم للخطر النووي
أصدر معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام في تقرير مفاجئ هذا الاسبوع عرض فيه أن خطر استخدام السلاح النووي أصبح حقيقياً لأول مرة منذ عقود من الزمان.
وقال معهد ستوكهولم الدولي أن الترسانة النووية العالمية ستسجل أكبر نسبة نمو منذ الحرب الباردة مؤكدا أن الدول النووية تطور ترسانتها النووية بشكل خطير هذه الأيام.
وأكد التقرير أن عدد الأسلحة النووية في العالم سوف يرتفع في الفترة المقبلة بعد 35 عاماً من التراجع خصوصاً بعد الحرب الروسية في أوكرانيا وكانت القوي النووية في العالم أو كما اسميها أنا “النادي النووي” يتكون من تسع دول نووية وهم روسيا وأمريكا والصين وبريطانيا وفرنسا والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية.
ولقد أكد ذلك المفهوم كلمة الرئيس الروسي بوتن في كلمته الاسبوع الماضي في منتدي سان بطرسبرج الاقتصادي حيث أشار مرة أخري أن روسيا يمكن أن تستخدم السلاح النووي في حالة تعرض أمنها القومي لأي تهديد.
وتمتلك روسيا أكبر ترسانة نووية في العالم بإجمالي 7,977 رأساً نووياً أي ما يزيد بنحو 550 راسا نوويا من الولايات المتحدة الأمريكية وهذا يعني أن البلدان روسيا وأمريكا يمتلكان أكثر من 90% من الرؤوس النووية في العالم كله.
هذا النادي النووي يمتلك 12,705 رؤوس نووية في أوائل عام 2022 أي أقل مما كانت عليه أوائل عام 2021، بمقدار 375 راس نووي وكانت المفاهيم قبل الحرب الروسية الأوكرانية تقول أن عصر نزع الأسلحة النووية يقترب من نهايته لكن جاءت هذه الحرب لتغير هذه المفاهيم حيث ستبدأ فيها العدد العالمي للأسلحة النووية في الارتفاع مرة أخري منذ نهاية الحرب الباردة.
وجاء السبب في هذا التغير بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن إمكان اللجوء الي الاسلحة النووية في إطار الحرب الروسية الأوكرانية قبل بدء الحرب.
كذلك أكد تقرير معهد استوكهولم أن هناك دول مثل الصين وبريطانيا تقوم حاليا بتحديث ترسانتها النووية.
وأضاف التقرير أنه سيكون من الصعب بعد تصريحات بوتن الأخيرة احراز أي تقدم في إمكانية نزع السلاح النووي في السنوات المقبلة، حيث أن تصريحات بوتن المقلقة دفعت الدول أعضاء النادي النووي في إعادة التفكير في استراتيجيتها النووية في الفترة القادمة والتي ستهدف الي زيادة كل دولة لمخزونها النووي.
وعلي الجانب الأخر أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أن إيران تقترب من حيازة القنبلة النووية ما لم يتخذ العالم موقفاً حازماً تجاه ذلك خاصة أن رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية محمد إسلامي قد أعلن الأسبوع الماضي أن إيران قد قامت بتركيب أجهزة طرد مركزي جديدة، وبدأت ضخ غاز اليورانيوم فيها.
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قد أعلنت منذ أيام أنها لم تتلق توضيحاً من إيران بسبب وجود آثار يورانيوم مخصب عثرت عليها في ثلاث مواقع غير مصرح عنها في إيران.
كذلك أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران أغلقت 27 كاميرا مخصصة لمراقبة أنشطة إيران النووية وكل هذه الإجراءات لها دلائل علي سوء نية إيران.
وبالطبع يذكر أن محادثات فيينا التي انطلقت في إبريل 2021، من أجل إحياء الاتفاق النووي كانت قد توقفت منذ مارس الماضي بعد تعثر عدد من الملفات لعل أهمها أن إيران طلبت من الولايات المتحدة رفع اسم الحرس الثوري الإيراني من كشوف العناصر الإرهابية في العالم.
كذلك رفضت إيران أن يتضمن الاتفاق النووي علي تقليص نفوذها وحركتها في منطقة الشرق الأوسط كما طلبت ايران أن يتم رفع العقوبات الاقتصادية قبل التوقيع علي الاتفاق النووي.
وبتحليل ذلك التقرير نجد أنه من المنتظر أن تقوم ألمانيا التي ليست عضواً في النادي النووي الآن بالبدء في الحصول علي السلاح النووي بعد ما شعرت من الخطر الروسي، خاصة أنها أعلنت تخصيص 100 مليار يورو هذا العام لدعم قدراتها العسكرية التقليدية بعد ما شعرت بالتهديد الروسي مستقبلاً بعد حرب أوكرانيا، وأن احتمالات تدخل دول الناتو للتصدي لأي هجوم قادم أمراً غير محسوم.
لذلك قررت ألمانيا الاعتماد علي قوتها الذاتية بتدعيم قواتها العسكرية وبدأت بطلب شراء طائرات F35 من الولايات المتحدة الأمريكية.. ومن هنا احتمالية سنري دخول المانيا عالم القوي النووية في العالم لتستطيع أن تقف أمام تهديد الدب الروسي في الفترة القادمة.
وعلي الطرف الأخر سنجد اليابان أيضاً سوف تفكر بالتأكيد في ضرورة الحصول علي سلاح نووي خاصة أن جيرانها الأعداء روسيا والصين وكوريا الشمالية يمتلكان السلاح النووي لذلك اعتقد أن ألمانيا واليابان سوف ينضمان قريباً للنادي النووي العالمي.
أما إيطاليا فاعتقد أنها سوف تستمر في التمتع بالغطاء النووي لحلف الناتو حيث أن ظروفها الاقتصادية لن تسمح لها بذلك خصوصاً أنها بعيدة عن الاتصال المباشر بدولة روسيا.
وعلي مستوي الشرق الأوسط فإنه من المنتظر أنه بمجرد حصول إيران علي السلاح النووي بعد فشل مباحثات فيينا فإن هناك دول عربية في المنطقة سوف تفكر جديا في الحصول علي السلاح النووي أولهم مصر التي لديها حاليا مفاعلات نووية للاغراض المدنية ثم السعودية ودولة الإمارات وكذلك بعض دول الخليج الأخري التي ستصبح تحت التهديد المباشر للعدو الإيراني مستقبلاً.
وعلي الطرف الأخر سوف تزيد اسرائيل من مخزونها النووي لمجابهة القنبلة النووية الإيرانية وهكذا سيشتعل الصراع في منطقة الشرق الأوسط خاصة أن الأمور كانت قد أصبحت هادئة بعد حصول اسرائيل علي السلاح النووي ولم تفكر أي من دول الشرق الأوسط بعدها في امتلاك السلاح النووي.
وهكذا بدأ الرئيس بوتن بتصريحاته التي سوف تشعل الصراع النووي مرة أخري في العالم وها هي إيران قد تشعل الموقف في منطقة الشرق الأوسط من جديد، لذلك مازال الجميع يأمل أن تنجح الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية فى عودة إيران للاتفاق النووي 5+1 وتوقف نشاطها لإنتاج السلاح النووي حتي تهدأ الأمور علي الأقل في منطقة الشرق الأوسط.
أما في أوروبا واليابان فاعتقد أن الأمور سوف تشتعل من جديد خاصة من اتجاه ألمانيا واليابان للدخول في النادي النووي مع قيام باقي الدول في زيادة مخزونها من الرؤوس النووية في الفترة القادمة وهذا الأمر لم يكن في الحسبان.
علي أية حال فإن العالم يأمل أن يبتعد الصراع النووي لأنه دمار للبشرية أجمع.