أوكرانيات.. مأساة أجمل بنات الأرض

سردية تكتبها: أسماء خليل

سجلت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والمعروفة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما يقرب من 7 ملايين حالة عبور حدودي، نزحت خارج أوكرانيا منذ 24 فبراير الماضى ، وبعد أن شنت روسيا غزوتها على هذا البلد.

بلا مأوى.. بلا وطن.. هذه مأساة اللاجئين الأوكرانيين، وسبقهم فيها اللاجئين الفلسطينيين، والسوريين، وغيرهم من ضحايا التهجير القسرى، الذين يعيشون بالفعل مأساة، فى حين يهنأ غيرهم من سكان العالم بدفء المسكن، والعائلة، والكرامة الإنسانية واهتمام ذويهم.

تلك الأرواح

وبعيدًا عن بعض الأطماع السياسية بأدواتها المُتمثلة في القنابل والأسلحة والقمع، وبعد مرور تلك الشهور، على الحرب الروسية الأوكرانية، ماذا عن الأشخاص.. الأرواح.. النفوس التي تألمت وتشردت.. ما رأيهم فيما حدث لهم، وماذا هم يصنعون!!.. لنشاركهم، ولو من خلال الكلمات عالمهم لنراهم على قرب.

أرشيفية
أرشيفية

لا نعرف سوى الهدم

يقول فيكتور الرجل الأوكراني الذي تخطى الأربعين من عمره، لم أعهد ولداي التوأم البالغ أحدهما من العمر تسعة أعوام يتحدثان بأمر يخص السياسة أبدًا؛ فوجئت بأنهما يقذفان “فلاديمير بوتين” بالشتائم ويصفونه بالمجرم، لقد أثر فيهما أمر الحرب أيما تأثير، وبانتقالنا للمعيشة لدى أحد أقاربنا برومانيا؛ تغيرت حياتنا بشكل كامل واضطررتُ أنا وزوجتي لانكو ألكسندر بالعمل أي شيء، حتى نستطيع تأجير مكان يأوينا قبل معاملتنا كلاجئين جراء الحرب..
تعقب لانكو، لم يعد لدينا خيارات لعمل ما نحبه، لقد فرضت علينا الحرب ماذا نأكل، بعدما كان زوجي رجلًا ميسور الحال وكنا نعيش برغدٍ في الحياة، فقد كان يعمل مهندس بناء، لقد أصبحنا الآن لا نعرف سوى الهدم..

حياة لن تعود

رصدت كاميرا عالقة بيد أحد الصحفيين، عائلة أوكرانية مُشردة، لأم وأطفالها الثلاثة، يحتمون بأنقاض ماريوبول، في حزنٍ بالغٍ بدا على وجوههم مقترنًا بخوف من المجهول والمستقبل، وحينما حاول الصحفي الاقتراب من الأم التي بالكاد ما تكلمت، فقد كانت مصابة بيأس وإحباط شديدين، ولم تقل سوى“أحتاج إلى بناء حياة جديدة ، لقد سُرقت حياتي السابقة. ما زلت آمل أن أتمكن من العودة إلى أوكرانيا” .

يريدون الاستفادة مِنِّي

هكذا قالت “ألينا” البالغة من العمر 33عامًا،والتي هرعت من صوت القذائف أثناء تواجدها بالجامعة في “أوديسا” بأوكرانيا، فاضطرت للهروب إلى العاصمة “ويلز”، ثم وجدت موقعًا على شبكة المعلومات الدولية اسمه Beth’s Instagram (سجل أكثر من 87000 شخص من أوكرانيا على ذلك الموقع) يعلن عن إيجاد فرص عمل للاجئين الأوكرانيين، وكانت الوظائف المتاحة من أمثلة “جليسة أطفال”،،

آلينا
آلينا

سرعان ما كتبت ألينا لهم تلك الجمل “أحتاج إلى مكان آمن لأعيش فيه – لا أبحث عن المال أو عن عمل”، وقدمت صورًا لها ومعلومات حيوية عنها، وما يفيد أنها تدرس بمجال علم اللغويات، وهنا لاحظ شاب صديق للفتاة، ويبلغ من العمر 21 عامًا أن “الكثير يتطلعون إلى الاستفادة من اللاجئين”.

وبعد عدة أيام، جاءت رسائل للفتاة عبر موقع WhatsApp يخبرونها أنه تم اختيارها لوظيفة تمشية الكلاب؛ لكنها اكتشفت سريعا لها أن حقيقة الوظيفة “الاستغلال الجنسى”..

نعم يريدون استغلال اللاجئات الأوكرانيات في أغراض سيئة، تقول ألينا “لم أشعر بالراحة في اختيار شخص ما للعيش معي عبر Facebook”، وهذا ما تم عرضه عليها لاحقًا.

وتكمل: شعرت وكأنه سوق للحوم، ثم سمعت من كثيرين أن هناك فتيات أوكرانيات عُرض عليهن غرفة مع الجنس مقابل الأموال، بعدما كان غرض العمل ليس كذلك في البداية.. ثم قامت – بعد ذلك- بيث ، عالمة الطب الحيوي وزعيمة براوني؛ بمساعدة الفتاة لإيجاد حل لمشكلاتها..

كان زمان

“كاترينا” امرأة بالغة من العمر سبعة وثلاثون عامًا، أوكرانية المنشأ، درست في علم الترجمة، وكانت تعمل مترجمة فورية، حينما سمعت أول جرس إنذارٍ بالخطر، كانت بالمطبخ تقوم بصنع بعض الفطائر لابنتها “أولجا” البالغة من العمر عشرة أعوام، لم يكن باستطاعتها أن تبقى فى أوكرانيا بعدما وضعت الحرب أوزارها، لقد فضلت اللجوء إلى بولندا هي وابنتها الرقيقة؛ ولم يُفضل زوجها الرحيل، لقد كان مناضلًا على حد قولها.

تقول السيدة أن ما دفعها للرحيل هي أبنتها أولجا ولولا ذلك الأمر كانت ستتبع زوجها،، وتتذكر كاترينا تلك الحياة التي كانت تعيشها في بلدها الآمن المستقر، حيث كانت سعيدة بأسرتها الصغيرة، وتحكي في أسى كيف أنها تعيش الآن كجليسة أطفال بعدما كانت مترجمة، وتعود لماضيها وتتذكر وطنها وتصفته بـ “الجنة”، وتنهى حديثا آسفة بجملة مكونة من كلمتين: “كان زمان!”.

زر الذهاب إلى الأعلى