عاطف عبد الغنى يكتب: تميم فى مصر.. ما وراء الزيارة ؟
هذه هى الدنيا وأحوالها وتقلباتها، وهذه هى السياسة التى لا قلب لها ولا تعرف لغة المشاعر، ولكن تقودها المصالح والمنافع، هذه المصالح والمنافع التى وحدت أوروبا بعد حربين عالميتين دمرت دولا، وأبادت مدنا، وقتلت ملايين البشر.
.. هى السياسة التى اقنعت الرئيس السادات أن يستقل طائرة ويتوجه بها إلى تل أبيب بعد سنوات من المعارك والحروب، وشهور من توقف القتال، أعقاب حرب أكتوبر 1973.
الأمير تميم بن حمد، أمير قطر ضيفا على مصر فى زيارة رسمية ليومين.. (يااااااه)، أخرجها فى زفرة طويلة لأنها ملخص حكمة أن لا أحد ولا شيئ، يبقى على حاله.
ومهما اختلفنا أو اتفقنا – لاشك – هى بالفعل زيارة مهمة وخطوة شجاعة، تحسب للقيادتين السياسيتين فى مصر وقطر.
والزيارة سوف تبنى على ما تم الاتفاق عليه فى قمة العلا، المنعقدة فى جدة بالسعودية فى شهر يناير من العام الماضى 2021 والصادر عنها بيان مصالحة، بعد خصام وشقاق بين دول الخليج وقطر، ومصر – بالطبع – فى قلب هذه المصالحة، وطرف أساسى فيها.
وهدف المصالحة كان السعى لتسوية كافة المسائل العالقة بين الدول الأطرف، واستئناف آليات التعاون الثنائى بين كل دولة من دول المصالحة وقطر، وأهم ملفات التعاون من وجهة نظر البعض هو التعاون الاقتصادى.
أمير قطر فى القاهرة، ما هى المكاسب المادية التى ستعود على مصر وقطر من وراء الزيارة ؟!.. ما هى الاتفاقات، والاستثمارات المنتظرة ؟!
حسنا.. سوف يتم إطلاق مجلس أعمال مصري – قطري مشترك، يتكون من رجال أعمال، يشتغلون على تعزيز العلاقات الاقتصادية ومجالات الاستثمار والتجارة بين البلدين، وسوف يتم توقيع اتفاقات ومشروعات، لكن أليس هناك حديث إلا عن الدلالة الاقتصادية للزيارة، وتجاوز دلالاتها السياسية خشية الوقوع فى خطأ أو تجاوز؟!.
وأرى أنه لا حرج فى أن نقتحم السياسة، خاصة وأن هناك جانبا إيجابيا نستطيع أن نشيد فيه بالدبلوماسية المصرية وعلى رأسها الرئيس السيسى، وتعاطيها، وتعاطيه، وتعاملها، وتعامله، مع تداعيات الأحداث الصعبة والمتشابكة الناتجة عن أحداث ما سمى بالربيع العربى، وهباته.
ومنذ أن تولى الرئيس السيسى الحكم، والدبلوماسية المصرية تتجه إلى حل المشاكل والأزمات الخارجية التى تواجه الدولة المصرية، بالصبر والحكمة، وكسب المعارك بالتركيز على المصالح المشتركة، والمنافع المتبادلة، وليس بالشقاق والفراق.
والآن العالم بأجمعه يمر بفترة حرجة للغاية بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، والتى تمثل مخاض ميلاد نظام عالمى جديد، ويجب أن نتوقف نحن العرب، وننحى خلافاتنا البينية، وننظر على مواضع أقدامنا قبل أن نخطو، وأن يحدث هذا على مستوى المجموع، لأن الخطر يواجه السفينة العربية، ولا يستثنى دولة دون أخرى.
وبعبارة أخرى هناك انعطافة، وتحول كبيران يتعلقان بعلاقات العرب بأمريكا، وإسرائيل، خلال الأيام والشهور القليلة القادمة، وأمريكا وإسرائيل واقعيا كيان واحد وليسا كيانين، وسوف تتوقف نتيجة هذا التغير سلبا أو إيجابا على محددين هامين، أولهما القضية الفلسطينية والتفاصيل الخاصة بالقدس، والثانى عمل أمريكا وإسرائيل على ضم مزيد من العرب لما يسمى بـ “اتفاقات السلام الإبراهيمى”، (مع البحث عن مسمى أخر بعد أن بات هذا الأخير سيىء السمعة)، أو التطبيع، وكلا المحددان سوف يؤثر على الأخر بشدة، وتنعكس النتيجة على القضية الفلسطينية التى أتصور أن فصولها الختامية تكتب بالفعل الآن، ويتشكل معها مصير المنطقة.
اقرأ ايضا للكاتب:
-
عاطف عبد الغنى يكتب: هدايا « بابا نويل أمريكا » فى زيارته المرتقبة للعرب
-
عاطف عبد الغنى يكتب: الجندر.. الوباء القادم