د. ناجح إبراهيم يكتب: «الشعراوى» مخاطباً كل العصور

كتب د. ناجح إبراهيم، مقالا بعنوان: “الشعراوى” مخاطباً كل العصور، ونشرته صحيفة “الوطن”، وفى التالى نص المقال:
من أجمل آيات القرآن قوله تعالى فى سياق قصة الحكيم العظيم لقمان «وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْراً كَثِيراً».. والحكمة لا يمنحها الله إلا للخواص والصالحين والزاهدين.. فالحكمة لا تنبعث فقط من العقل السليم، ولكن لا بد من أن يدعم هذا العقل قلب نقى صافٍ، ونفس شفافة لا تحمل حقداً ولا نفاقاً ولا كذباً ولا مكراً ولا غدراً.

فالتقوى تورث الحكمة ومحبة الخالق والمخلوق، وكذلك الأخلاق الكريمة والكرم والجود والشهامة. ويُعد الشيخ الشعراوى من حكماء عصره.. ومشارب الحكمة عند الشعراوى كثيرة، فهو يملك نفساً زاهدة، وقلباً طيباً ودوداً وعقلاً وعلماً وفكراً وكرماً وجوداً وشهامة وتصوفاً وتعبّداً.

وأعظم ما فى حِكم الشعراوى أنها تصلح لكل العصور، ويمكنك أن تقرأها بعد سنوات طويلة فتشعر وكأنها قيلت اليوم، فقيمة خلودها وبقائها أنها مستمدة من الكتاب الخالد ومن تعاليم النبوة الخالدة.

ومن حِكمه الكثيرة التى أعجبتنى وأسعدتنى ما يلى:

– لا تكافئ من أطاع الله فيك إلا أن تطيع الله فيه ولا تكافئ من عصى الله فيك إلا أن تطيع الله فيه.

– باب الانكسار لله ليس عليه زحام فادخل على الله منه.

– إذا توكلت على شخص فإما أن يتغير عليك أو يموت عنك أو يزول سلطانه، وإذا توكلت على الله فإنه الحى الذى لا يموت ولا يزول سلطانه.

– كان الشعراوى حينما يدخل على صاحب سلطان يخشى بأسه وكيده، يقول: أقبلت عليكم بلا إله إلا الله، تقضون حوائجى بمحمد رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، وألجمت أفواهكم بلا حول ولا قوه إلا بالله.. لا كرب وأنت رب.

– إذا رأيت فقيراً فى بلاد المسلمين فاعلم أن هناك غنياً سرق ماله.

– إياك أن ترد الأمر على الله تعالى، فإن كنت لا تصلى فلا تقل وما فائدة الصلاة، وإن كنت لا تُزكى فلا تقل تشريع الزكاة ظلم للقادرين، وإذا كنت لا تطبّق شرع الله فلا تقل هذه الشريعة لم تعد تناسب العصر الحديث، فإنك بذلك تكون قد كفرت، ولكن قل إن فرض الصلاة والزكاة وتطبيق الشريعة حق، ولكننى لا أقدر على نفسى، فارحم ضعفى يا أرحم الراحمين، إن فعلت ذلك تكون عاصياً فقط.

– اعمل لوجه واحد يكفيك كل الأوجه.

– حواسك مُسخّرة لك بأمر الله فى الدنيا، وهى مسبحة وعابدة، فإذا أطاعتك فى معصية تلعنك فى الدنيا، لأنك أجبرتها على فعل أمر لا تحبه، ولذلك تشهد عليك يوم القيامة «يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ».

– لا تحزن إذا أرهقتك الهموم، وضاقت بك الدنيا بما رحبت، فربما أحب الله أن يسمع صوتك وأنت تدعوه.

– من ابتغى صديقاً بلا عيب عاش وحيداً.. ومن ابتغى زوجة بلا نقص عاش عزباً.. ومن ابتغى حبيباً بلا مشكلات عاش باحثاً.. ومن ابتغى قريباً كاملاً عاش قاطعاً لرحمه.

– إن الذين يحاولون أن يقصروا الإسلام على الشعائر المعروفة والأركان الخمسة يريدون أن يعزلوا الإسلام عن حركة الحياة لصالح لهم.

– إن لم تستطع الصدع بالحق فلا تصفق للباطل.

– المال جزء من الرزق، ولكن هناك رزق الصحة ورزق الولد ورزق الطعام ورزق فى البركة، وكل نعمة من الله سبحانه وتعالى هى رزق وليس المال وحده.

– لا تعبدوه ليعطى، بل اعبدوه ليرضى، فإذا رضى أدهشكم بعطائه.

هذه بعض عظات وحِكم الشيخ الشعراوى الذى ملأ الدنيا علماً وفكراً وكرماً، والمتأمل فى هذه الحكم يجدها تصلح لكل الأزمنة وفيها عمق شديد وتأمل وخبرة ممتدة عبر السنين.

رحم الله الشيخ الشعراوى الذى ملأ الدنيا علماً ودعوة وحكمة.

اقرأ للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى