إسلام كمال يكتب: الجنيه والأقصي!
“ما هو سعر الدولار اليوم؟!” .. السؤال الأعلى بحثا بين المصريين خلال العام المنصرم، والمتوقع خلال العام الحالى..هذا الملف المعقد الذي تجاوز كل اهتمامات المصريين، من كأس العالم لدورى كرة القدم والجرائم والحوادث التى تقع من حين للآخر، وكل الاهتمامات والإلهاءات بأنواعها المختلفة.
لا حديث تقريبا بين المصريين سواه، فهو يتعلق بالمأكل والمشرب والحياة الأساسية جدا الآن، الذي لا تفكير سوى فيها، لا حديث عن المستقبل ولا التطوير ولا التعليم .. فقط سعر كيلو الأرز، وأزمة “كيسين فقط لكل مستهلك لعبوة الكيلو”، التى رفعتها هايبرات وماركتات كثيرة، كحل لاختفاءه، بخلاف أسعار السكر والألبان والشاى واللحوم والدواجن والخبز الحر والأجبان وغيرها من السلع والمنتجات الأساسية، والتى تتغير بشكل يومى، وأحيانا أكثر من مرة في اليوم.
بالفعل، لا حديث عن أشكال إدخارية ما لتأمين المستقبل، أو تحقيق لحلم ما في السفر أو التعليم أو التطوير المهنى أو الاستثمار..هذه الأحلام الطبيعية لأى بشر في أى مجتمع متطور..لا سيطرة للإحباط والخوف من المستقبل، في ظل انهيار العملة ومعها الاقتصاد بشكل يجعل كل الأمور ضبابية أمام الجميع.
والأغرب من ذلك أن الإضعاف الجديد للجنيه، أو كما يسمونه التعويم للمرة الرابعة تقريبا، جاءت خلسة كالعادة، لكن في وقت ينخفض فيه الدولار فعليا حتى في السوق السوداء ، حيث كان قد وصل لأقل من معدله في البنوك نفسها، فقل عن ال٢٤ جنيه في الكميات الكبيرة، قبل ساعات من الضربة الجديدة للجنيه، وسط تساؤلات عديدة من مغبتها، خاصة إننا في فترة أعياد محلية وعالمية، ومعروف أن الدولار وأغلب سلة العملات تكون في راحة مع الأعياد، بلا حركاتها الجنونية، التى لم يعد يستطع الجنيه مواجهتها منذ فترة، والذي خارت قواه الشرائية لتقارب العشرين قرشا الآن مقارنة بالجنيه قبل ضربات التعويم المتتالية.
وللأسف، جاءت أنباء الشهادات الإدخارية الجديدة بفائدة ٢٥% لتزيد القلق من حال الاقتصاد المصري في العام الجديد، حيث أصبح يعتبرها المتابعون نذيرا شؤما، مثل سابقاتها شهادات ال١٨%، فأصبحت بالنسبة للمواطنين مؤشرا لانهيارات أكبر للجنيه.
المثير، وسط كل هذه الأجواء المبلدة بالغيوم، أن الرأى العام عادت ثقته في البرلمان بشكل ما بعد التغطيات الإعلامية المفاجئة حول هجوم ما من النواب على وزير التموين على طريقة “الواد محروس بتاع الوزير” في رائعة الكبير وحيد حامد، التى أبرزها النجم عادل إمام بانتقاده حال العيش، وفي نفس الوقت انتقاده المنتقدين..لكن ظل سؤال الرأى العام الخفي المعلن، هل يكون وزير التموين غير العابئ أساسا، كبش الفداء لمنظومة اقتصادية وغيرها عليها العديد من علامات الاستفهام، والتى عانى كثير من المصريين بسببها، وعندما يتكلم أى أحد يتهمونه بالجهل، وكأنهم هم من احتكروا المعرفة، رغم أن الواقع أثبت غير ذلك بالمرة.
كنت قد دعوت لمؤتمر اقتصادى قبلما يتم في العديد من مقالاتى، ومشكورا النظام استمع لدعواتنا، وبالفعل تم، لكن للأسف الأمور لم تستقيم بسبب الرؤي والألية التنفيذية، والتحدى يتعقد، ولا حل قريب للأسف، ومعاناة المواطنين تزيد، ولا أتصور أن حلول من نوعية “كباش الفداء” ستكون حلا واقعيا، فماذا حدث مثلا منذ إقالة أو إستقالة محافظ البنك المركزى السابق؟!.. أترك لكم التعليق.
كل هذا يحدث في منطقة عاصفة بالأزمات والتحديات، ليست بعيدة عنها المواجهات العسكرية والفوضي في أى وقت، وأخرها مثلا أزمة تدنيس الوزير الصهيونى الفاشي إيتمار بن جفير للأقصي، في محاولة لإشعال المشهد أكثر وأكثر، ولا أستبعد أن يقيمون كنيسا يهوديا داخل الأقصي قريبا، وهذا كله مناورة لما هو قادم، وطبعا نحن وغيرنا مشغولون بتحدياتنا الداخلية
ربنا يكون في عون مصر والمصريين، فليس لدينا غيره!