د. عصام المغربي يكتب: روشتة لـ « الصلابة النفسية » في مواجهة الحياة

يُمكِنُنا تعريف “الصلابة النفسية” على أنها إحدى الميزات الشخصية التي تتمثل بالقدرة على التعافي من “الانتكاسات النفسية” والفشل على مختلف الأصعدة والقدرة على اكتشاف الفرص واغتنامها، بالإضافة إلى تحسين الأداء وزيادة فرص النجاح في الحياة الشخصية والمهنية.

كما تعد الصلابة النفسية من أهم المصادر النفسية والاجتماعية، التي تجعل الفرد قادرًا على ضغوط الحياة، وكذلك تخفف من آثار التعرض لهذه الضغوط، وهي على علاقة بمصادر المقاومة الأخري؛ مثل تقدير الذات والمساندة الاجتماعية والصلابة النفسية من السمات الإيجابية للشخصية، والتي تعمل على مقاومة الآثار السلبية للضغوط، وتساهم في مساعدة الأفراد على الاستمرار في إعادة التوافق، وذلك باستغلال طاقتهم وقدراتهم الذاتية والاجتماعية وتغير من الخصائص النفسية المهمة للفرد؛ كي يواجه ضغوط الحياة المتعدد وتجعله قادرًا على التعامل الفعال مع أحداث الحياة بصفة عامة

ليس بإمكاننا التحدث عن “مفهوم الصلابة النفسية”؛ دون تعريف مفهوم “جودة الحياة”؛ إذ أنه متعدد الأبعاد، و بشيء يختلف من شخص لآخر، من الناحيتين النظرية والتطبيقية وفق المعايير التي يعتمدها لتقويم الحياة ومطالبها، والتي غالبًا ما تتأثر بعوامل كثير ة، تتحكم في تحديد مقومات جودة الحياة كالقدرة على التفكير واتخاذ القرار، والقدرة على التحكم وإدارة الظروف المحيطة، والصحة النفسية والجسمية والظروف الاقتصادية، والمعتقدات الدينية والقيم الثقافية، والحضارات التي يحدد من خلالها الأفراد الأشياء المهمة التي تحقق سعادتهم في الحياة.

الأشخاص الذين لديهم صلابة نفسية، يكونون أكثر تركيزًا في حياتهم ويكون أكثر مرونة وقدرة على التعامل مع مختلف الضغوط والتحديات، فصلابتهم النفسية تسمح لهم بالتكيف مع مختلف الظروف التي يتعرضون لها، وعلى العموم، فالصلابة النفسية لا تكتسب بسهولة؛ بل هي صفة يطورها الإنسان خلال حياته عبر تعامله مع مجموعة واسعة من الأشخاص، وتعرضه لمواقف وصعوبات كثيرة..

ومن أهم العوامل التي تساعد على تعزيز الصلابة النفسية:

“التحكم بالنفس” وهو القدرة على التحكم بردود أفعالك؛ لتجنب السلوكيات والتصرفات غير المرغوب فيها؛ وزيادة التصرفات المرغوبة وتحقيق أهداف نفسية إيجابية على المدى الطويل، وقد أظهرت معظم الدراسات أن التحكم بالنفس له تأثيرات مهمة على الصحة النفسية والجسدية.

وعلى العموم، فإن التحكم بالنفس والسيطرة على الانفعالات والمشاعر خلال المواقف القاسية في الحياة؛ يعتبر من أهم الخطوات الضرورية لزيادة الإرادة والعزيمة وتقوية الصلابة النفسية، فعند الانفعال نتيجة التعرض لبعض الضغوط؛ ستفقد السيطرة على نفسك ولن تتمكن من اتخاذ القرارات السليمة، وسينتهي بك الأمر بتفاقم المشاعر السلبية والضغوط.

ومن أهم النصائح الضرورية التي تساعد على زيادة التحكم بالنفس، هي: “تجنب الأشياء التي تحرض على الانفعال والقلق”: مهما كانت الأمور التي تزيد من القلق والانفعال، عليك أن تحرص دائمًا على تجنبها، ولعل أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي عبر إيجاد مصدر إلهاء آخر، كالذهاب في نزهة أو التحدث إلى صديق أو أي شيء.

“التخطيط مسبقًا للمواقف الصعبة” : يساعد تخيل المواقف الصعبة والتخطيط المسبق لها، على تنمية القدرة للتعامل معها بشكل أفضل عند حدوثها.

“ممارسة تمارين التأمل والاسترخاء” : تساعد تمارين التأمل على إبطاء سيل الأفكار، والتخلص منها والمشاعر السلبية وهذا ما يساعد على التحكم بالنفس بشكل أكبر.

“التركز على هدف واحد” : عادةً ما يكون العمل على تحقيق عدة أهداف دفعة واحدة من أهم الأمور التي تستنزف قوتك النفسية، وتمنعك من التحكم بالنفس بشكل فعال، ولذلك ينبغي عليك أن تحدد أهدافك بشكل جيد، وأن تركز كل طاقتك عليه.

تذكر دائمًا أن “السيطرة على النفس” هي المفتاح الرئيسي للسيطرة على كل شيء، وأن السيطرة على النفس تمنحك الشعور بأنك تتحكم في حياتك وأنك قادر على إحداث الفرق، وتغيير الأشياء وتقليل احتمال الفشل على مختلف الأصعدة.

“الالتزام تجاه النفس” : ويعني ذلك القدرة على التوجه إلى الأهداف، والاستعداد لتقديم الجهد والطاقة والوقت الضروري لتحقيقها، كما يعرف على أنه الدافع الداخلي لوضع أفكارك وعواطفك في المكان المناسب لتحقيق أهدافك.

عندما تكون على “درجة عالية من الالتزام تجاه نفسك”، فهذا يعني أنك قادر على تحقيق الأهداف والغايات بشكل فعال، وأن تزيد نجاحاتك على كافة الأصعدة والاستمرار دون أن يتشتت انتباهك، أما إذا كنت ضعيف الالتزام تجاه نفسك، فهذا يعني أنك ستفشل وستجد صعوبة كبيرة في تحقيق أهدافك وغاياتك،،

إن “التحديد الجيد للأهداف” واختيار الأهداف المناسبة، من أهم الخطوات لتعزيز التزامك لتحقيق أهدافك.

ركز على “الاستفادة من نجاحاتك”: اعمل دائمًا على الاستفادة من نجاحاتك بشكل إيجابي؛ لتعزيز الأفكار والمشاعر الجيدة، مما يزيد من التزامك للحفاظ على هذا النجاح والسعي، لتحقيق الأفضل ومن المهم أن تعمل على الالتزام بعادات وهوايات جديدة، كتنظيم الوقت ومشاهدة الفيديوهات التحفيزية، فهذا يعمل على جعلك أقرب لتحقيق أهدافك.

التزامك تجاه نفسك لتحقيق أهدافك يساعد على زيادة إرادتك، للوصول إلى ما تسعى إليه بالإضافة إلى زيادة الصلابة النفسية التي لديك.

“التحدي” هو دافعك وقدرتك على التكيف مع مختلف الصعوبات، وكلما زادت التحديات التي لديك زادت إرادتك وتحسنت صلابتك النفسية.

وبشكل عام، عندما يكون الشخص على درجة عالية من التحدي، فهو سيرى التحديات والشدائد كفرص لتغيير الأفكار والمحاولة، لإيجاد حلولا بديلة بدلًا من النظر إليها على أنها تهديدات، ما يزيد من قدرته على التكيف مع مختلف الظروف

“الثقة بالنفس”، وهي الإيمان بالقدرة على تحقيق الأهداف والتكيف مع مختلف الظروف والتأثير الإيجابي في حياتك وحياة الآخرين، وهي من أهم العوامل التي تساعد على زيادة الإرادة والعزيمة كما أنها تعزز من الصلابة النفسية، عبر توليد أفكار بأنك قادر على التكيف مع مختلف الظروف والصعوبات، عندما يكون الشخص على درجة عالية من الثقة بالنفس، فهذا يعني بأنه مؤمن بقدرته على النجاح، وإكمال المهام الموكلة إليه، فهو يتعامل مع الأمور ببساطة وسهولة ومهما واجهه من صعاب يكون واثق من قدرته على تجاوزها والاستفادة منها لتحقيق أهدافه.

اقرأ أيضا للكاتب:

د. عصام المغربي يكتب: المشكلات السرية والمراهقين

د. عصام المغربي يكتب: فوائد الذكاء العاطفي عند الأطفال

………………………………………………………………….
الكاتب: خبير علم النفس السلوكي والتنمية البشرية.

زر الذهاب إلى الأعلى