د. ناجح إبراهيم يكتب: هكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يداوي
• حاصر جيش الرسول صلى الله عليه وسلم مكة من كل الجهات.. هتف سعد بن عبادة: اليوم يوم الملحمة.. اليوم تستحل الحرمة.. رد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم سريعا ً مصححا ً ومعلما ً “اليوم يوم المرحمة اليوم تعظم الكعبة”.. عزل الرسول سعدا ً لكنه لم ينس فضله وسبقه.. داوى جراح عزله بأن عين ابنه مكانه.. فإن كره مرارة العزل سكنت نفسه بتعيين ابنه.. وللابن من الأب مكانه.. هكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يداوي الأخطاء دون أن يسيء لأحد.. أراد أن يكون يوم الفتح يوم فرحة وسعادة للجميع.. وليس يوم دماء وأشلاء وجثث.. لم يقلد السابقين أو اللاحقين من القادة الذين يسيرون بين أشلاء أعدائهم في زهو وكبر وعنجهية.
• دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، مكة فاتحا ً بطريقة تختلف عن جميع الفاتحين.. فهو مطاطئ الرأس حتى كادت لحيته تمس عنق راحلته .. إنه يتواضع لربه وللناس بل ولأعدائه وخصومه في أعلى لحظات الفخر والعلو في دنيا القادة وهي لحظة الانتصار.. إنه لا يريد قتل أهل مكة ولا إذلالهم .. إنه يريد هدايتهم وصلاحهم وخيرهم.. فقد رفض أن يدعو عليهم من قبل بالهلاك.. رغم أنهم عذبوه وأهانوه وشتموه وطردوه وأصحابه من أحب البلاد إليهم.. لم يتغير قلبه عليهم ولم تبدل قسوتهم رحمته إنه أكبر من التشفي والانتقام وأسمي من ذلك.
• إنه ينظر إليهم جميعا ً كمشروع هداية.. هكذا نظر إليهم في الحديبية.. وكذلك اليوم.. فلم ينظر إليهم يوما ً بمقاييس القوة والضعف.. ولكن نظراته إلي الناس جميعا ًهي نظرة المحب لهم الراغب في صلاحهم وخيرهم..
• يا سيدي يا رسول الله : كنت رائداً في مدرسة الصبر واليقين تلك المدرسة التي خرجت المئات من أصحابك الصابرين علي البلاء الثابتين في الملمات, خرجّت فى مدرسة الصبر العظيمة التي دشنتها بـ صهيب الرومي الذي نال وسام ” ربح البيع يا صهيب ” بعد أن ضحي بكل أمواله, وآل ياسر الذين نالوا وسام ” صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ” حينما صبروا وتحملوا, وأنس بن النضر الذي صبر علي تمزيق جسده علي أيدي المشركين في قريش فنال وسام ” لو أقسم علي الله لأبره “.
• وتخرج فيها بلال بن رباح الذي نال وسام ” بلال سيدنا ” لصبره علي مر العذاب علي أيدي أمية بن خلف .
• وتخرج فى مدرستك يا سيدي يا رسول الله عمر بن الخطاب الذي صبر علي مر الحق والعدل السياسي والاجتماعي ومحاسبة نفسه وعماله وأسرته فنال وسام ” الفاروق ” الذي يفرّق بين الحق والباطل والعدل والظلم.