أسماء خليل تكتب: الوِرَش الصغيرة والصين الكبيرة
على عكس ما يعتقد العوام من الناس أن الصين واليابان بكل ما وصلتا إليه كدولتين عظيمتين؛ يعود إلى كثرة المصانع والشركات العالمية العملاقة، والاستثمارات المهولة الضخمة، لكن الحقيقة ليست كذلك على الإطلاق،،
بل يعود كل ما وصلت إليه تلك الدول من تقدم إلى المشروعات الصغيرة.. الورش البسيطة التي أصبحت أيقونة داخل كل بيت، ولك أن تعلم أن نمو اقتصاد الصين يعود 90%منه إلى المشاريع الصغيرة وليس الكبيرة، لتكون هي الركائز الأساسية للبلاد، حتى صادراتها، إنهم يقومون بتصدير المنتجات للعالم ، بما يعادل أكثر من 75% مما تنتج بلادهم من نتاج تلك المشروعات الصغيرة،،
إنهم يعملون بكل ما أوتوا من قوة، لا يعرفون المصطلح الشهير “البطالة”، ورغم كل الظروف، من غلاء المعيشة والعدد المهول للسكان الذي تخطى المليار نسمة، والقوى التنافسية العالمية التي تقتحم كل الأسواق العالمية، إلا أنهم قادرون ،،
الجميع يعمل بالمنازل، رجالا ونساءً ..أطفالا وشيوخًا ..بيوتهم وِرَش صغيرة لتلعب ذلك الدور التكاملي للاقتصاد الصيني، وتصبح هي المحرك الأساسي ووقود أوطانهم..
إنها الدروس التي تلقنها الصين للعالم، فمن تلك البيوت يخرج المخترعون والرائدون والمبتكرون الذين يغزون العالم،الذين يسهمون بزيادة الدخل القومي، وإيجاد ملايين فرص العمل للشباب،،
لعلك تتساءل الآن، لماذا لا تصبح بيوتنا مثل هؤلاء، وخاصة أننا أهل كتب سماوية ولا نعبد الشمس ؟!..وبعد قليل من التفكير ستكتشف أنه ليس بإمكان “ابن فلان” الذي تربى مُدللا رغم ضيق حال أبويه، أن يحول حجرته لورشة صغيرة، ثم يحمل منتجه ويقوم بتوزيعه بنفسه، أو أن يعتمد على التمويل الذي تمنحه الدولة للمواطنين ، ويقف بنفسه ويبيع منتجه بأسواق الأسر المنتجة،،
ورغم كل شيء، رغم الغلاء الذي استشرى بالكون والأزمات الاقتصادية العالمية، ما تزال النظرة الاجتماعية تشغل حيزا داخل بعض الشعوب، وما تزال واجهتهم التي يظهرون بها في الطرقات أهم مما يخفون داخل صدورهم من فقر وافتقار لإسعاد أنفسهم ،،
إن ما يبدو من تلك الدول مثل الصين كمثل شهير، هو “فيديوهات اليوتيوب”التي يأكلون فيها الحشرات والثعابين، أو الصورة الشهيرة الهزلية، التي يضربها الشباب كمثل للتهكم، وهو عرض عروسة صينية خالية من المواد الحافظة تعيش ببقاء المبنى!!..بينما ما لابد من إظهاره على السطح هو تصوير ورشهم، ومنتجاتهم والتطور الوقتي الذي ينمو كل خمس دقائق..
ليس الأهم أن ترتدي وتتصرف بما يعجب الناس، ولكن الأهم أن تعرف جيدا كيف تعيش سعيدا وسط الناس.