عاطف عبد الغنى يكتب: مقال مهم لمفكر عربى إصلاحى
معلقا على مقال منشور فى صحيفة “الشرق الأوسط اللندنية، غرّد “A.Sultan عبد العزيز سلطان” صاحب حساب @drazizsultan فى “تويتر” على حسابه قائلا: “كيف دمرت الأيدولوجيا الإسلامية المناهج العلمية في المملكة السعودية وسطّحت الوعي وكيف جارا إصلاحها، مقال طويل للدكتور عبد الغني الكندي يستحق القراءة لعل وعسى تنتقل عدوى الإصلاحات إلى دارنا”.
والمقال المشار إليه للمفكر والكاتب السعودى الشاب عبد الغنى الكندى، وهو الجزء الثانى من مقاله المعنون بـ : “الحوكمة وأسلمة السياسة والعلم والفن: تسطيح الوعي” والمنشور الجزء الأول منه فى ذات الصحيفة قبل فترة من الزمن، ويبدو أن الكاتب، انشغل عن قرائه ومتابعيه، ببعض المسئوليات الوظيفية، والتكليفات الثقافية فى بلده المملكة السعودية، كان الله فى عونه، لذلك تأخر قليلا فى نشر الجزء الثانى من مقاله.
ندخل إلى الموضوع:
الكاتب الشاب، الكندى الثلاثينى على ما أتصور، ينتمى إلى جيل، مشحون بالثورة، مهموم بشئون وطنه المملكة السعودية، ومحيطه الأكبر العربى، هذا الجيل الذى تم القذف به مباشرة إلى مرجل التغيير، فى وقت لا يحتمل رفاهية التردد ولا التأجيل، وزمن استدعى التغيير دون إذن، فليس هناك من بد، إما المقاومة أو الاندحار، والاندثار.. كان هذا هو الخيار لا مناص، دون مبالغة، أو تزيد، وهو اختيار للقدر، يختار الأفعال والمواعيد، والبشر، فى إطار حكمة كونية نافذة.
الكندى كان من هذا الجيل، وتزيد عليه المسئولية كونه من أرباب الفكر، وقد حمل مثل غيره فى هذه الفئة الواجب الكفائي عن أفراد الأمة، بما وهبهم الله من نعمة العقل والتبصر، والرأى والرؤية، وباقى الصفات التى ترتكز عليها الأمم والشعوب، بله البشرية فى مسيرة التقدم، والارتقاء إلى العلا.
وبعد هذه المقدمة التى تخص الكاتب، دعونا نستعرض بعض مما قاله، ودعا إليه فى مقالته التى أتصور أنها بالفعل مهمة للباحثين فى شأن المشروع الحداثى، والتنويرى، ليس للمملكة السعودية فحسب ولكن للأمة العربية بأكملها:
اقتباس أول:
يقول الكندى “استكمالاً للمقال السابق الذي أشرت فيه إلى أن السياسة والعلم والفن مشاريع قابلة للإفساد إن تسللت إليها الآيديولوجيا، أو في حال أقحمت هذه المنظومات الثلاث نفسها بالآيديولوجيا فإنها ستفسدها بالضرورة. وهذا الأمر يعني أن العلم والسياسة والفن لا دين لها، وتظل منجزات حضارية، وجزءاً من المشترك الإنساني والموروث الثقافي للبشرية جمعاء. وضمن هذا السياق، أكدتُ أن الاهتمام بعملية الفصل المنهجي والفكري بين تلك المنظومات العقلانية الثلاث والآيديولوجيا؛ مسألة في غاية الأهمية والخطورة لأي مشروع نهضوي وتربوي، وشرط سابق وضروري لأي عملية حوكمة إدارية أو ترشيد عقلاني للمؤسسات الحكومية بشكل عام، ولمؤسسات التعليم بشكل خاص”.
مقدمة مهمة للنائمين – مازالوا – فى وحل الأيديولوجيات، وهم يظنون أنهم نائمون فى العسل، وهى دعوة للإفاقة والاستفاقة.
وبعد المقدمة يذكّر الكاتب أنه استعرض الجهود الإصلاحية للقيادة الوزارية السابقة في التعليم العام فى بلده المملكة السعودية، ويرى أنها قدمت منجزات تاريخية وغير مسبوقة من حيث تحديث المناهج المدرسية في كل ما يتصل بالعلم والسياسة والفن، فنقحت ما يقارب من مائتي ألف خلل معرفي في تلك المناهج المدرسية، ومن بعدها الوزارة الحالية الحريصة على اتباع نهج الاستمرارية في الحفاظ على المنجر التاريخي لسابقتها دون القطعية مع إصلاحاتها أو تغييرها.
ثم يقول الكاتب إنه لم يتناول (فى مقاله الأول) إصلاحات القيادة الوزارية السابقة في مؤسسات التعليم العالي والجامعات الحكومية والخاصة، وهو ما يتطرق إليه في مقاله الثانى، ومن هذا المقال اسمحوا لى مرة أخرى بالاقتباس التالى.. يقول الكندى:
“وفي حقبٍ زمنية ليست ببعيدة، حفز الغرور الآيديولوجي والأنا المتضخمة عند بعض الأساتذة العقائديين من ممارسة نمط مغالٍ فيه من الهيمنة والوصاية الفكرية على باقي التخصصات الأكاديمية، وتهميش مناهجها ونظرياتها وقواعدها المعرفية، وكل مسوغات استحقاقات تلك الوصاية لهؤلاء كانت امتلاكهم أدوات الخطاب الوعظي، وبعض أدبيات المعرفة الشرعية.. وبسبب هؤلاء الباحثين العقائديين، أصبح خريجو العلوم السياسية وتخصصات العلوم الإنسانية والطبيعية الأخرى لا يختلفون كثيراً عن خريجي العلوم الشرعية؛ من حيث الوعي العلمي ومنهجية التفكير، وأسهموا بالتالي في خروج جامعاتنا من الريادة العالمية، وفي تآكل تصنيفاتها الأكاديمية على مستوى العالم”.
وحتى لا أطيل عليك عزيزى القارىء، وأنا لا أنتوى شرح المقال، أو تلخيصه هنا، ولكن أريد أن أحيلك إلي الاطلاع عليه مباشرة ، حتى تنال نفع النَهل من المنبع، ويمكنك قراءة المقال كاملا عبر الضغط على الرابط التالى:
(اضغط هنــا).
وقبل أن أغادر، أريد فقط أنبه المفكر الشاب لمصطلح “الأيدولوجيا الإسلامية” وهو مصطلح قادم لنا من الغرب، ولسنا نحن من صكه، واستخدمه فى البداية، لكننا وقعنا فى الفخ حين اسرفنا فى استخدامه، على الرغم من أن الإسلام دينا، وليس أيدلوجية، وهو إنتاج إلهى، وليس اجتهادا بشريا، وهو منهج صالح للدنيا والآخرة إذا لم نخلطه بالفكر البشر الذى يقبل الاختلاف عليه.. وكنت دائما ومازلت أنبه لهذا ، وافضل بدلا عن المصطلح السابق، استخدام وصف “الأيدولوجيا الإسلاموية” فى إشارة إلى محاولة البعض أسلمة الأيديولوجيات، أو أدلجة الإسلام، الذى لا يقبل الأدلجة، وأقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم.