إسلام كمال يكتب: ما لا تعرفونه عن أم الرشراش
في مثل هذا اليوم، عام ١٩٤٩، وبعد ٩ أيام من الهدنة بين العرب والميلشيات الصهيونية في أرض فلسطين التاريخية عقب حرب ٤٨، تحركت قوة كبيرة من ميلشيا الهجاناة بقيادة إسحاق رابين جنوبا نحو أم الرشراش المصرية، ليرتكبوا واحدة من أكبر المذابح وقتها، ضد حوالى ٢٨٠ جندى مصرى.
واحتل الصهاينة أم الرشراش وحولوها لإيلات ، وأصبحت المنفذ الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر، ومثلت امتدادا استراتيجيا في غاية الأهمية لهم، ولم يصدق الصهاينة السهولة التى سيطروا بها على المنطقة لأن القوة الحامية المصرية لم تكن مسلحة بالشكل الكافي.
وبعدما قتل الصهاينة المصريين نزلوا لمياه البحر الأحمر محتفلين، ومنهم من نزلوا المياه عراة تماما، وغنيت واحدة من أشهر أغانى ما يسمونها بحرب الاستقلال على هذا المشهد العارى، وتحول صاحبها لرمز صهيونى، والمفارقة أن المخابرات المصرية جندته فيما بعد وفق المصادر الإسرائيلية ،وجعلت منه عميلا لصالحها لمدة وجيزة، لم تتجاوز العامين تقريبا، وتم القبض عليه، وسجن، وكانت من أول الهزات الحقيقية للتاريخ والرموز الصهيونية.
وأفخر أنى كنت ممن حركوا السكون عن أم الرشراش، وخصصت لها في برنامجى “من القدس” الذي كنت أتولى رئاسة تحريره في أوائل الألفينات بقناة النيل للاخبار، وكان يقدمه السفير المصري الأسبق بإسرائيل محمد بسيونى، رحمه الله، حتى إننى واجهت السيد أحمد أبو الغيط بالأمر عدة مرات خلال استضافته بالبرنامج وفي الكواليس، وكان وقتها وزيرا للخارجية، وكنت أساله من خلال السفير بسيونى لماذا لا نفعل مع أم الرشراش كما فعلنا مع طابا، وكان للأسف لا يقول كلاما صريحا وكلها تصريحات غير ممسوكة لدرجة أنه كان أحيانا ينكر مصرية أم الرشراش، وللاسف وقتها لم أكن أعرف بشأن المذبحة الصهيونية للشهداء المصريين، والتى أعترف بها رابين نفسه في إحدى حواراته، ومعروف عن رابين أنه كان بعد ذلك رئيسا للاركان الإسرائيلية، وهو ايضا رئيس الوزراء الذى اغتاله الارهابي الصهيونى إيجال عامير لمنع أى سلام حقيقي مع الفلسطينيين، وكانت تصريحات أبو الغيط دالة على صعوبة بل إستحالة الأمر.. والقصة لم تتغير مع غيره بالتبعية.
وأتعهد أمامكم أنى لن أدخر جهدا لأوثق في كتاب هذه الجريمة بالوثائق الصهيونية، وسأبحث في المصرية والغربية، ومن يريد مساعدتى فأهلا به، حتى يعرف أبنائنا حقوقهم، وحتى لا يضيع الحق.
وهذه القضية التاريخية الوطنية نالت الكثير من التسييس بعدما دخلت في تناحر ومزايدة سياسية بين الأنظمة والمعارضة، وبالذات الإخوان الإرهابيين، صهاينة الإسلام، مما طرف الحديث عنها، وأضاع الحقوق فيها طويلا.. ولذلك نحن نؤكد على ضرورة عدم تسييس مثل هذه القضايا الوطنية التاريخية، فلا تسييس في الحق.