أسماء خليل تكتب: قرار أم نصيب ؟!
وسْطَ زحام الحياة، بأفراحها واتراحها وصخبها وضجيجها، وبينما أنت قد قمت بفعل الكثير من الأشياء، ومررتَ بعديد من المواقف الحياتية؛ تجد نفسك متوقفًا لوهلة تراجعها قائلًا: هل كل ما فعلته بحياتي صحيحًا أم خاطئًا؟! ..هل كانت اختياراتي منضبطة وإلى أي حد؟!..
لتجد نفسك سرعان ما تقول “كل شيء نصيب”، وتفكر في أن ما قادك لفعل الكثير من الأشياء في حياتك، يعود للقدر وليس لك دخل به، ليقين داخل كل قاطني العالم بأن الإنسان مُسير وليس مُخيرًا، مُستندين إلي أن كل شيء مكتوب،،
وهنا يتجلى الفهم الخاطئ للأمور، وما بين الدين والدنيا هناك حياة يعيشها الإنسان، وكلما أخطأ يبرر أفعاله بالعودة إلى النصيب والاتجاه للقدرية التي يُفسرها الناس بشكلٍ خاطئ..
إذا كان كل ما يحدث للإنسان نصيب بصورة لا دخل له بها؛ فلماذا خلق الله – سبحانه وتعالى – له العقل؟!.. أوليس ليتدبر ويتأمل ويكون رد فعله متناسبًا مع تلك الهبة التي ميزته عن الحيوان،،
ليتضح الأمر بعد كثير من العمق والتحليل، أن الله تعالى، كتب ما فعلناه بشكل مسبق بناءً على اختياراتنا، إذ لماذا يحاسب الله تعالى المخطئ على خطيه!!.. حينما خلق سبحانه البشر عالم ويعلم كل ما يحدث لهم وسيحدث بشكل مُسبق، فهو يعرف ما سيفعله الإنسان في كل موقف من مواقف حياته، في ألواحٍ تم كتابتها ولن تتغير إلى يوم القيامة،،
الالتحاق بعملٍ ما قرار، الزواج قرار، كل المشاعر قرارات، الإنسان مُخير، ولكن الله سبحانه يعلم جيدا ما سيقوم بفعله، لذلك صدق القول “كل شيء مكتوب” ؛ فعلى المرء ألا يركن إلى أنه لا دخل له فيما يحدث بحياته،،
حينما تُقدِم على فعل أي شيء، فكر جيدا بناءًا على الحيثيات المُحيطة، فكر في صدى قرارك من الناحية النفسية والاجتماعية والبيئية، ومن كل النواحي، فلابد أن تعرف جيدا أن كل قرار تتخذه في حال لم يكن صائبا فإنه سيصيب فئة حولك بالضرر،،
فحين توجس الإنسان خِيفةً من أمرٍ ما، فينبغي عليه دراسته جيدا، وإذا لم يجده مناسبا لا يستمر، فالزواج- على سبيل المثال- تجد أحد الطرفين ربما يرى ما لا يراه غيره، ويحاول الاعتراض، لتجد من حوله يزينون له ما يحدث،وما يجري على لسانهم دائما إرجاع الأمور للنصيب،،
لتثمر تلك الزيجة عن أبناء مصابين بكثير من الاعتلالات النفسية، بالإضافة إلى أسرتين تلاقتا عن طريق النسب، يلحق بهم الضرر والضجر بمرور الوقت من تكرار مشكلات تلك الأسرة وعرضها عليهم ..
“تخيروا لنُطفكم”..هذا توجيه الرسول- صلى الله عليه وسلم – للشباب بأن يتخيروا من يتزوجون، لأن النُطف هي التي سيلحق بها الضرر، إذا لم يصلح أحد الزوجين، وهذا إقرار من النبي المرسل عليه الصلاة والسلام، بأن أمور الحياة اختيار، لأن تعاليم الدين ليست توقيفية، فالأمر لشيء يصلح أن يكون قانونًا لكثير من الأشياء،،
إنها دعوة للفكر.. للتأمل.. للتروي.. إنه فقط الفهم الصحيح، حتى لا تذل قدم المرء في الكثير، ثم يعود لسان حاله قائلًا : “كل شيء نصيب”..
إذا قام الإنسان بإعمال العقل والأخذ بالأسباب ومراعاة الظروف، وحدث ما ليس على هواه، فحينها يكون لله شأنٌ فيما يصاب به، ربما للابتلاء أو البلاء.