د. ناجح إبراهيم يكتب: رمضان جانا.. وفرحنا به
كتب د. ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان”رمضان جانا .. وفرحنا به”وتم نشره في جريدة الشروق السبت وهذا هو نص المقال:
• شهر رمضان يحبه أهل الدين والدنيا معاً,أهل الدين لرواج تجارتهم مع الله, وأهل الدنيا لرواج تجارتهم مع الناس أو لاجتماع الخيرين معاً للناس جميعاً, لا كساد في شهر رمضان الكل رابح, الصائمون,العابدون, القائمون, التجار, شركات السياحة, رجال الأعمال, الصناع, الزراع, المسلمون المسيحيون, الكل يساهم في صناعة الخير, التجار المسيحيون أنفسهم يجهزون شنط زكوات وصدقات في شهر رمضان ويساهمون في موائد الرحمن.
• رغم غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار,لن يجوع فيه صائم, لن يذل فيه عابد, لن يضام فيه قائم, تكفل الله بإطعامهم وإكرامهم وأرزاقهم وأقواتهم.
• صدقات رمضان وزكواته هي السند الأول للفقراء, هي المصدر الأساسي لاستمرار.
• لم أقابل أحداً في حياتي إلا ويهيم حباً في شهر رمضان مسلمون مسيحيون, تجار, صناع, شركات سياحة, عباد, صالحون, عصاة, تائبون, كلهم يرى في شهر رمضان خيره ورواج تجارته مع الله أو مع الناس أو معهما.
• شهر رمضان بين إحدى عشر شهراً الأخرى أشبه بيوسف عليه السلام بين أحد عشر كوكباً هم إخوته من الأسباط, فلا تقتلوه ولا تبخسوه فضله ولا تلقوه في الجب ولا تبيعوه بثمن بخس, لهو ومسلسلات ستعاد مرات أو جلسات علي المقاهي أو محرمات في كل الشهور وهي أعظم جرماً فيه, بل”أكرموا مثواه” وتفرغوا له, وأحسنوا لقياه , عسي أن ينفعنا في الدنيا , أو نتخذه شفيعاً لنا يوم القيامة , فيشفع فينا الصيام والقرآن معاً.
• فشهر رمضان قصير ” أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ” وقدومه كالعبور لا يقبل الفتور ولا التكاسل والغفلة , فضلاً عن العصيان والكبائر , وكلما تكاسلت فيه فعش بقلبك ومشاعرك مع قوله تعالي” أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ “.
• كل الكون يتغير في شهر رمضان الأرض والسماء وعالم الإنسان والشيطان , فالجنة تفتح أبوابها , والنار تغلق أبوابها , والشياطين تصفد وتقيد , والتجار يفرحون وتنعش تجارتهم , والفقراء يسعدون ويطمعون ويرزقون , والرحمات تتنزل والمساجد ترتفع منها الصلوات والتكبيرات , والقرآن يتلي , والأطفال تبتهج وتلعب , والكساد الاقتصادي يزول , والزينات تملاً الشوارع وتنادي الملائكة في السماء : يا باغي الخير أقبل , ويا باغي الشر أقصر.
• البدايات التي لا ترضي الله نهاياتها لا ترضي أصحابها , فاجعل بداية الشهر بداية لاستقامتك علي طريق الله” فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ “فهذه الآية وأخواتها شيبت الرسول “صلي الله عليه وسلم” وهو من هو في الانقياد والاستسلام لربه.
• الصوم نصف الصبر , والصبر نصف الإيمان , والصوم هو أعلي تعبير عن الإرادة الإنسانية , كما يعني حرية الاختيار, وكفي بقوله “الصوم لي” فضلاً للصيام علي سائر الطاعات.
• الصوم يخلصك من المساحات السوداء في داخلك , ويضيء المساحات المظلمة فيها بنور العفو والتسامح لتغفر للذين شتموك أو ظلموك أو أهانوك أو أكلوا لحمك غيبة.
• الصيام يزرع المساحات الخضراء في جوانب نفسك , ويجعل نفسك تنطلق من سجن الشهوات إلي رحابة الطاعة , فتكون لله وبالله ومع الله وحده.
• إن صنعت الخير فلنفسك وإن أسأت فعليها هذه رسالة القرآن الواضحة للناس جميعاً, ففي الإحسان قال “مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ”, وفي الشكر قال”وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ”, وفي التزكية”وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ” الطاعة لنفسك فالله غني عنك, لا تمن علي الله بطاعتك , ولا تدل عليه سبحانه بمعروفك, وأشكر الله أن هداك للخير.
• أما في المعصية فالقرآن يقرعك” وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ”, “فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ” علي نفسها جنت براقش, لن تضر الله بعصيانك, ستقع الكارثة وسيكون الويل لك, الله لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين, فأعمل لنفسك الخير وخاصة في شهر رمضان.
• قال رجل لصاحبة قل لي كلمة تشوقني للجنة فقال: فيها رسول الله, وأضيف: وفيها أنبياء الله العظام وحوارييهم وفيها الصحابة والصالحون والشهداء من كل العصور لمن يريد لقياهم والتمتع بجوارهم , فضلاً عن رؤية الله ورضوانه , لو تخيلت فقط أنك ستقابل أبا بكر وعمر وعثمان وعلي أو عمر بن عبد العزيز, وتجالسهم وتصحبهم لكفاك ذلك شوقاً للجنة.