تايوان بين أمريكا والصين ودور الدبلوماسية فى الصراع.. دراسة
بيان
هذه دراسة مهمة للباحث إحـسـان كـاظـم، منشورة فى عدد من الدوريات باللغة الإنجليزية تحت عنوان:
(Taiwan between America and China and the Role of Diplomacy)، وترجمتها: “تايوان بين أمريكا والصين ودور الدبلوماسية”.
وفى التالى نقدم لقارىء بيان الدراسة كاملة مترجمة إلى العربية.
المقدمة
مما لا شك فيه أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا هي التي تشغل العالم حالياً على الساحة الدولية وهذه هي البؤرة الأولى للصراع الدولي صراع أدى إلى حرب بين روسيا وأوكرانيا في الحقيقة ليست أوكرانيا وحدها، بل خصم روسيا حلف الناتو الغربي بزعامة الولايات المتحدة سيتحدث الباحث عن بؤرة الصراع الدولية الثانية أزمة دولية وتاريخية أزمة دولية كبيرة وصراع محتمل جداً بأنه قد يؤدي إلى حرب كبيرة قد تجر العالم إلى حرب عالمية نووية شاملة باستطاعتها تدمير كوكبنا المسمى الأرض ثمانية مرات هذا ما صرح به الخبراء وهذا هو سبب حبس العالم أنفاسه العالم على “كف عفريت” كما يقول مراقب سياسي خبير.
بعد استعراض الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي (في السادس والرابع من أغسطس 94 الحرب العالمية الثانية لكي تري العالم انها القطب الأوحد والوحيد وأنها هي صاحبة اليد العليا بامتلاكها سلاح جديد وفتاك فريد من نوعه تفاجأ العالم بأسره من سلاح القنبلة النووية.
ما هو السلاح النووي بالضبط؟ السلاح النووي ھو جھاز يستخدم تفاعلاً نوویاً لإحداث انفجار یكون الانفجار أكبر بكثیر من ذلك الذي یحدث في المتفجرات التقليدية مثل مادة الديناميت (TNT)، عندما ینفجر سلاح نووي، تخرج منھا أربعة أنواع من الطاقة: موجات انفجارية وضوء مركز وحرارة وإشعاع یمكن أن یكون السلاح النووي في صورة قنابل أو صواريخ عندما ینفجر السلاح النووي، تخرج كرة كبیرة من النار كل شيء داخل ھذه الكرة الناریة یتبخر ویحمل لأعلى یؤدي ذلك إلى ظھور سحب على شكل سحابة فطر.
“السلاح النووي (Nuclear Weapon): هو القائم فيما يحدثه من تفجير هائل على انشطار أو التحام الذرة، خاصة تلك المنبثقة عن معدني اليورانيوم، وأيضاً البلوتونيوم. وهذا السلاح يقتل كل الأحياء، ويدمر المنشآت تدميراً شاملاً. ويتضمن ما ينتج عن استخدامه وتصنيعه من إشعاع قاتل على المدى الطويل وهو أخطر أسلحة الدمار الشامل، وأكثر الأسلحة فتكاً بالأحياء والمنشآت.
تقاس قوة انفجار القنبلة النووية بوحدة الكيلوطن، والميجا طن. الكيلوطن الواحد يعادل ألف طن من مادة «ت. ن. ت» المتفجرة. أما الميجا طن الواحد، فيعادل مليون طن، من نفس المادة. وبالطبع، تتفاوت القدرة التدميرية للقنبلة النووية بحسب حجمها، وما تحتوي عليه من كمية تفجيرية. وكلما علت قدرة القنبلة التفجيرية، زادت قدرتها التدميرية، واتسعت. وعند انفجار قنبلة نووية ذات 1 ميجا طن (مثلاً) فإن منطقة الدمار الأشد ستمتد في دائرة نصف قطرها 4.83 كيلو متر، ومساحتها 18.3 كم2، ومركزها «نقطة الصفر»، أي مكان انفجار القنبلة. وفي هذه الدائرة سنشهد القتل الفوري، والتدمير الهائل، لكل من فيها، وما فيها من أحياء. كما ستنهار كل المباني المقامة داخل هذه الدائرة.
تلك هي الأضرار الفورية التي تنجم عن إلقاء قنبلة نووية بسيطة (نسبياً). أما الأضرار اللاحقة، فهي أدهى وأمر. فأضرار السلاح النووي تتعدى التدمير الفوري المباشر، لتنزل بالضحايا تدميراً كاسحاً لاحقاً، يتمثل في: ما ينجم عن الكرة النارية، والسحابة النووية، من لهب، يتعدى نقطة الصفر بكثير، ويطلق «الإشعاع الحراري» (Heat Radiation)، الذي يقتل معظم من يتعرضون له فوراً، أو بعد أيام، أو شهور قليلة. ويشعل المزيد من الحرائق. إضافة إلى الريح القوية العاصفة التي تهب من مركز الانفجار، وتقتل وتدمر كل ما في طريقها، من أحياء، ومنشآت. وكذلك «الإشعاع النووي» (Nuclear Radiation) القاتل، الذي يعلق بالجو لمدد طويلة، ويتسبب في مقتل وإعاقة أغلب الذين يتعرضون له. هذا، إضافة إلى الأضرار الهائلة التي تلحق بالبيئة، أرضاً ومناخاً، وتستمر لسنوات”
الدولة العظمى والكبرى تمتلك الأطنان والأطنان من الأسلحة النووي القادرة على تدمير العالم ثمانية مرات كما ذكر الباحث سابقاً ولازالت الدول للأسف تحاول ان تزيد من ترساناتها العسكرية على الرغم من كل الاتفاقيات وعلى رأسها اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT). والتي هي بلا جدوى في رأي الباحث فبعد ان كانت الولايات المتحدة هي الوحيدة والمتصدرة التي امتلكت السلاح النووي بعد فترة وجيزة امتلكته عدة دول.
جدول يوضح عدد الدول التي تمتلك السلاح النووي حسب اخر إحصائية
لقد بين الباحث ما هو السلاح النووي وعرف درجة خطورته على العالم وخطره على البشرية بأسرها.
ما سبب صراع ما بين الصين وجزيرة تايوان؟
تتميز العلاقات الدولية، كما هو معروف بسيادة عنصر الفوضى (Anarchy) في معظمها بمعنى عدم وجود جهة عليا (أو سلطة حاكمة) تتولى عملية التوزيع السلطوي للقيم في المجتمع الدولي.
وايضاً سيادة قانون الغاب ويعني هذا ان القوي يأكل الضعيف، ومسلم ايضاً بأن “جوهر” العلاقات فيما بين الدول يتمحور حول ظاهرتي التعاون والصراع.
بالطبع في حالة الصين وجزيرة تايوان خصوصاً بعد زيارة الوفد الأمريكي الغير رسمي لتايوان ظاهرة الصراع هي الحاصلة ودور الدبلوماسية يكاد يكون محدود فعلى الرسم البياني يكون 95% صراع لكن هناك مجال 5% مفتوح للتعاون الغير محتمل في حقيقة الأمر من رأي الباحث.
لكن سوف يحاول الباحث إيجاد طريقة للتعاون من خلال وسيلة القوة الناعمة المتمثلة في أداة الدبلوماسية إن شاء الله.
يجب أن نعرف ما هو الصراع
عرف بعض الباحثين الصراع الداخلي بأنه التنازع بين مجموعات مختلفة (عرقية، سياسية، دينية..) من خلال مخالفات غير منطقية لأعراف الحياة اليومية للمجتمع. غير أن ممارساتها غير المنطقية لا تمنع وجود أسباب وأهداف منطقية تقف وراءها، كما هو مشاهد في مطالب العديد من الأقليات الدينية والعرقية والسياسية.
الصراع هو تنازع الأرادات الوطنية الناتجة عن الاختلافات في دوافع الدول وفي تصوراتها وأهدافها وتطلعاتها وفي مواردها وامكاناتها والأمر الذي سوف يؤدي إلى اتخاذ قرارت او انتهاج سياسات خارجية تختلف أكثر مما تتفق، ولكن دون ان تصل إلى الدول إلى نقطة الحرب المسلحة، الصراع له عدة أنواع وأشكال فهو قد يكون صراعاً سياسياً او مذهبياً، او تكنولوجياً وهو الأخطر في الوقت الحالي على وجه الخصوص الهاكرز المخترقين الذي قد يخترقون الكمبيوتر الخاص بالمنشآت العسكرية والتحكم بالأسلحة حتى الأسلحة النووية لا قدر الله.
للصراع عدة أدوات على سبيل المثال: الحصار، الضغط، التهديد، الاحتواء التفاوض، المساومة التنازل، التحريض التآمر وغيرها.
الصراع يختلف عن الحرب في أن الحرب هي نزاع مسلح مقصود ومعلن وواسع الانتشار وطويل الأمد بين البلدان
تتطلب الحرب تعبئة القوات واستخدام الأسلحة والذخيرة لتدمير أهداف العدو
الصراع هو الخلاف بين الأطراف حيث ترى الأطراف تهديدا لمصالحهم واحتياجاتهم
يمكن أن يكون الصراع بين الأفراد أو المجتمعات أو حتى البلدان
توجد آليات لحل النزاعات لكن إذا لم يتم حل الصراع قد يؤدي إلى حروب شاملة عند تدخل الدول العظمى والكبرى.
اذاً الحرب هي نزاع مسلح يقوم على استخدام القوة المسلحة باستخدام مجموعات مسلحة منظمة تسمى جيوشا نظامية وأحياناً جماعات شبه نظامية – ميليشيات، وتستخدم القوات المسلحة كل الوسائل لإلحاق الضرر والأذى بالطرف الآخر في الحرب سواء في قدراته العسكرية أو مقدراته المدنية ويتم ذلك عن طريق التدمير المنظم والمخطط بالاستعانة بمعلومات عسكرية عن الطرف الآخر تجمعها أجهزة الاستخبارات والاستطلاع العسكرية، وتستخدم القوات المسلحة تلك المعلومات للقيام بعمليات عسكرية منظمة للاعتداء على الطرف الآخر.
أهداف الحرب:
وضع أهداف النزاع موضع التطبيق.
تطمين حماسة الرأي العام في الداخل بشرعية الأهداف المعلنة وأنها ذات قيمة.
الحصول على موقف ملائم من الدول المحايدة قدر الإمكان ومنعهم من الانتقال إلى الجبهة الأخرى (هذا ما تفعله الصين وتايوان الآن).
اقناع العدو وسكانه وحكومته وجيشه بأن البديل في إقامة السلام هو أفضل بكثير من الاستمرار بالحرب.
أسباب اندلاع الحروب والصراعات الدولية:
الأسباب الاقتصادية: الصراع من أجل السيطرة على الأسواق الخارجية والموارد الأولية + البحث عن مستعمرات الأمر الذي يولد صراعات مسلحة بين الدول.
الأسباب السياسية: الرغبة في الحصول على القوة والإقليم والهيبة، ايضاً المشكلات الحدودية + توازن القوى + اختلاف الأنظمة +الأيدولوجيات دورا في اندلاع الحروب والصراعات السياسية.
الأسباب النفسية والاجتماعية: الحروب والصراعات التي تنتج عن حاجة طبيعية في السلوك الإنساني من أجل السيطرة على الآخرين لتعزيز الوحدة الداخلية، وتلعب الاضطرابات الداخلية دوراً في اثارة الحروب فالدول التي تعاني من ضعف التماسك الداخلي تدعو إلى الحرب لإبعاد الأنظار إلى الخارج. مثال: احتل موسوليني الحبشة لأغراض تحقيق الوحدة الوطنية في إيطاليا.
الأسباب الدينية – الايدولوجية: الدين سبب مهم من أسباب قيام الحرب مثل الحروب بين البروتستانت والكاثوليك والحروب بين الرومان والكاثوليك، ولا ننسى الحروب الصليبية في العصور الوسطى وهي عبارة عن حملات دينية قامت بها أوروبا في القرن الحادي عشر إلى القرن الثالث عشر لتخليص الأراضي المقدسة في فلسطين من المسلمين دعماَ للكنيسة. (في عصرنا نجح الأوروبيين في هذا الهدف ووضعو اليهود الصهاينة دولة الاحتلال اللعينة).
عندما نتحدث عن الحروب، فإن الحربين اللتين تبرزان في أذهان الجميع هما الحربان العالميتان في القرن العشرين وهما مثالان حيان لتدمير الأرواح والحضارة البشرية. إذا اعتبرنا الحروب صراعات مسلحة مفتوحة ومعلنة ومتعمدة بين الأمم أو الكيانات السياسية، فقد خاضت أكثر من 3000 حرب على وجه الأرض حتى الآن، وعلى الرغم من الجهود المتضافرة والموحدة من قبل الدول المتحضرة يبدو بأنه لا نهاية لي استخدام هذه الأداة في تسوية الخلافات والنزاعات بين الدول للأسف بدل اللجوء إلى أداة الدبلوماسية.
أسباب الصراع والحرب في العلاقات الدولية:
صعوبة الاحتفاظ بتوازن مستقر من بين مختلف القوى العسكرية والسياسية (وهذا ما تخشاه أمريكا ولهذا هي في صراع مع روسيا والصين).
الاتجاه إلى السيطرة والتوسع.
التوزيع الدولي غير المتوازن للموارد الطبيعية.
الصراعات الاستعمارية.
تعارض السياسات التجارية.
التعصب العنصري.
التطرف القومي.
الإخفاق في الاحتكام إلى الروح الإنسانية في التعامل الدولي.
عدم فاعلية الجزاءات التي تكفل التطبيق المناسب لمبادئ وقواعد القانون الدولي.
اضطراب نظام الحكم الداخلي في الدول (وهناك أمثلة كثيرة في “شرق العجائب الأوسط” وبعض الدول الافريقية وبعض الدول في أمريكا الجنوبية كذلك).
تاريخ العلاقة بين الصين وتايوان
الآن وبما إننا عرفنا ماهية الصراع والتعاون والحرب يجب أن نرجع إلى الوراء ونلجأ إلى العلاقة التاريخية.
“كانت الصين وحتى بداية القرن العشرين، عبارة عن عدة ممالك إقطاعية متشرذمة ومتنافرة، تسيطر عليها بعض القوى الاستعمارية الكبرى، وخاصة بريطانيا، واليابان الأمر الذي أدى إلى قيام حروب أهلية صينية عدة، وكذلك نشوء حركات تحرير وطنية عديدة، أهمها: الحركة الوطنية لتحرير الصين، بزعامة «شان كاي شيك»، الذي حكم الصين في البداية، وميليشيا الحزب الشيوعي الصيني، الذي تأسس عام 1921م، بزعامة «ماو تسى تونج». وبعد انتصار المقاومة الوطنية الصينية، واندحار الاستعمار، نشبت حرب أهلية صينية كبرى، بين قوات هاتين الحركتين، انتصر فيها الشيوعيون، الذين سارعوا بتأسيس ((جمهورية الصين الشعبية)) في أكتوبر 1949م. وأصبحت عاصمتها مدينة بيكين.
ونتيجة لهزيمته، هرب «شان كاي شيك» وجيشه إلى جزيرة «تايوان»، الصينية الواقعة شرق الصين -تبعد 800 كيلومتر عن البر الصيني- وأسس هناك «جمهورية الصين الوطنية» / تايوان، بمساعدة مكثفة من أمريكا وبعض دول الغرب وأتخذ من مدينة «تايبيه» عاصمة لهذه الجمهورية وذلك في شهر ديسمبر 1949م وتبلغ مساحة تايوان 36 ألف كيلومتر مربع، ويسكنها حوالي 25 مليون نسمة، وقد تأسست فيها حكومة ديمقراطية/ رئاسية، وشهدت نهضة صناعية وتقنية كبرى، جعلتها إحدى «نمور آسيا»، وما زالت قائمة، نتيجة رغبة أمريكية قوية في استقلالها من أجل دافع خفي لها بالطبع.
وكما هو معروف، كانت معظم دول العالم تعترف بـ«جمهورية الصين الوطنية»، وتعتبرها ممثلة لكل الصين والصينيين. وكانت تحتل مقعد الصين في هيئة الأمم المتحدة. ولكن، بعد زيارة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون لبيكين، عام 1972م، تغير الحال، وأمسى هناك وضع دولي مختلف. اذ اعترفت أمريكا بـ«جمهورية الصين الشعبية»، كممثلة لكل الصين. وكان هذا يعني: سحب الاعتراف العالمي بـ«تايوان»، وتولي الصين الشعبية مقعد الصين في الأمم المتحدة. ومما نتج عن ذلك: وقوع جمهورية الصين في عزلة دولية خانقة. حيث تحولت أغلب الدول التي كانت تعترف بها، وتقيم معها علاقات دبلوماسية وغيرها، لجمهورية الصين الشعبية، التي تقطع علاقاتها فوراً مع أي دولة تعترف بتايوان.
تخلت الولايات المتحدة (شكليا) عن جمهورية الصين الوطنية، وكذلك بقية الدول، ولكن أمريكا كانت وما زالت الداعم الأول والأساسي لهذه الجمهورية، منذ نشأتها حتى الآن لكي تستعملها كورقة ضغط ضد الصين.
ومن الناحية الأخرى ترغب وتتزايد مطالب جمهورية الصين الشعبية باستعادة تايوان التي تعتبر استعادتها بمثابة استعادة لشرفها وكرامتها ايضاً لي جزيرة تايوان من أهمية اقتصادية، واستراتيجية، هائلة وأصبح لهذه المطالب الصينية تأثير كبير متصاعد، لتصاعد قوة الصين، والقفزة النوعية الاقتصادية والتقنية التي حققتها في نصف القرن الماضي، والتي جعلتها تأخذ تحجز لها مكانة كدولة عظمى، وتنافس على قمة العالم الاقتصادية-السياسية.
“أهمية تايوان الجيوستراتيجية هي التي تجعل الصراع عليها أقوى وأخطر، بين العملاقين، الصيني والأمريكي. ويثير المسؤولون الصينيون دائما، وفي كل لقاء مع نظرائهم الأمريكيين، مسألة استعادة تايوان، ويعطون هذه المسألة الأولوية على كل القضايا ذات الاهتمام المشترك. يشبه المحلل السياسي الأمريكي «نيل فيرجسون» تايوان بالنسبة لأمريكا حاليا، بقناة السويس بالنسبة لبريطانيا في الماضي. إذ يرى أن تخلى أمريكا عن تايوان سيجعل من أمريكا دولة كبرى، وليست عظمى، تماما مثل ما أدى تخلى بريطانيا عن السويس لنزولها من مرتبة الدولة العظمى”
“ومما زاد الأمر تعقيدا، وصعوبة، تدخل الكونجرس الأمريكي على خط الصراع على تايوان. اذ أصدر عام 1979م قانون العلاقة مع تايوان، الذي يلزم السلطة التنفيذية الامريكية (أي رئيس أمريكي) بعدم التخلي عن تايوان، وحماية وضعها الحالي. وهذا يعنى عدم السماح للصين باستعادتها وفي ظل تصميم بيكين على استعادة تايوان، تتضح خطورة هذا الصراع”.
“إن لتايوان أهمية كبرى، لكل من أمريكا والصين. فأهميتها، بالنسبة للصين، تتلخص في كونها تقع في مواجهة البر الصيني، ويمكن مهاجمة الصين بسهولة نسبية كبيرة، انطلاقا منها. يقول الاستراتيجيون الصينيون بأنه لا يمكن الدفاع عن الصين بكفاءة، إلا عبر تايوان. وتشرف تايوان على مضيق تايوان الاستراتيجي، الذي يربط بين بحر الصين الشرقي، وبحر الصين الجنوبي، ومن ثم بين المحيطين الهندي والهادي. الأمر الذي يشكل أهمية بالغة للمواصلات البحرية في شرق آسيا. يقول القائد الأمريكي «ماك آرثر»، واصفاً أهميتها الجيوسياسية، «إن تايوان هي حاملة طائرات لا يمكن إغراقها». هذا إضافة الى أهميتها الاقتصادية والتقنية الكبرى المعروفة. أما أهميتها لأمريكا فتنبع من أهميتها للصين” كما ذكرت سلفاً أمريكا تحاول ان تستغل تايوان كورقة ضغط ضد الصين لشعورها بالتهديد من تطور وقوى الصين بالأخص في الجانب الاقتصادي والعسكري على خلاف روسيا التي تهتم فقط بالقوة العسكرية واهملت القوة الاقتصادية ولهذا يتوقع الباحث ان الصين ستصبح او ربما أصبحت القطب الذي ينافس الولايات المتحدة”.
لكن من المتوقع ايضاً ان تتبوأ روسيا مكانها كالقطب الثالث فيصبح هناك توزان القوى (توازان الرعب)
لقد تصاعد التوتر الحاد بين الصين وأمريكا مؤخراً، بسبب قيام نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي حالياً، بزيارة رسمية لتايوان التقت خلالها برئيسة تايوان وبأعضاء مجلس النواب التايواني، وأطلقت تصريحات عدة، تحمل تحدياً أمريكياً صريحاً، ومستفزاً للصين، التي اعتبرت هذه الزيارة تحدياً صريحاً وخرقاً للقانون الدولي، ولتعهدات الولايات المتحدة للصين وهذا ليس بمستغرب فدائماً ما تخلف وتنكث أمريكا بوعودها، فقد وعدت بيلوسي بتقديم الحماية لتايوان، والدفاع عما أسمته “الديمقراطية التايوانية”، وأن “الولايات المتحدة لن تتخلى عن تايوان” على الرغم من ان عموم الناس فسرو ما حدث بأنه ضعف وان الصين دولة ضعيفة ووصف بعضهم إياها بالجبن في اعتقاد الباحث ان ردة فعل الصين بعدم الهجوم وعدم اتخاذ خطوات قد تم تندم عليها لاحقاً هو التصرف الصحيح والأسلم فالصين شاهدت ما جرى لحليفتها روسيا من استنزاف وخسارة كبيرة وعقوبات فتعلمت منها.
تايوان
سيذكر الباحث بعض المعلومات عن تايوان على خلاف دولة الصين الشعبية والتي المعلومات عنها معروفة للجميع.
ماذا تريد تايوان وإلى ماذا تهدف؟
“سبق للسيدة بيلوسي، كعضو بالكونجرس، أن قامت بزيارة رسمية لبكين عام 1991م، بعد عامين من أحداث ميدان «تيان ان مين» التي شهدت مطالبات شعبية صينية عارمة بالديمقراطية. أيدت بيلوسي تلك المطالب، ودعت لتحرير التبت، من قبضة بيكين. فهي من أشد المؤيدين لانفصال التبت. وتعتبر زيارتها الأخيرة لتايوان هي زيارة لأعلى مسؤول أمريكي يزور الجزيرة منذ عام 1997م، عندما قام «نيوت جينجريش»، رئيس مجلس النواب الأمريكي، عندئذ، بزيارة للجزيرة، جوبهت بمعارضة صينية شديدة، وإن كانت أقل من المعارضة الصينية لزيارة بيلوسي. وبالطبع، شكرت رئيسة تايوان «تساي إينغ-وين» بيلوسي على «عملها الملموس لدعم تايبيه، في هذه اللحظة الحرجة». وقالت: «إن تايوان لن تتراجع في مواجهة التهديدات العسكرية الصينية، وإنها ستظل، اعتماداً على الدعم الأمريكي، مستقلة» واستنفرت، في هذه الزيارة، قوات صينية وأمريكية، وأيضا تايوانية”.
في رأي الباحث هذا ليس باستقلال ولا يجب على تايوان ان تكون تابعة وخاضعة لأمريكا فهي اذاً لا تملك سيادة، بل تتحكم بها أمريكا كيفما شاءت، ايضاً يجب عليها ان تعي حجمها الحقيقي ولا تسعى إلى الصراع وزعزعة السلام والاستقرار السياسي.
حقائق عن جزيرة أو دولة تايوان:
كانت جمهورية الصين الموحدة (بر الصين الرئيسي وتايوان وملحقاتهما) عضوا مؤسسا لهيئة الأمم المتحدة ومن الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن وتمتلك حق النقض (الفيتو) فيه، ومع هزيمة الكوميتانج عام 1949 بقى مقعد الصين في حوزة حكومة جمهورية الصين والتي أصبحت تقتصر على تايوان فقط إلى أن تم طرد الأخيرة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن بموجب القرار رقم 2758 الصادر عن هيئة الأمم المتحدة عام 1971 والذي تم الاعتراف فيه بجمهورية الصين الشعبية كحاكم شرعياً ووريثاً قانونياً لحقوق جمهورية الصين الموحدة، وبالتالي حصلت جمهورية الصين الشعبية على مكان تايوان في كل مؤسسات وهيئات الأمم المتحدة.
كان سبب نقل عضوية مجلس الأمن إلى الصين على خلفية اعتبار جمهورية الصين الموحدة هي الكيان السياسي الذي كان يسيطر على كل منهما قبل الحرب الأهلية الصينية التي انتهت بسيطرة القوميين على جزيرة تايوان.
وقد حاولت جمهورية الصين (تايوان) مرارا دون جدوى العودة للأمم المتحدة إلا أن طلبات التحاقها لا تتخطى أروقة لجنة العضوية.
ونتيجة للاعتراف الدولي المحدود بالبلاد، أصبحت جمهورية الصين عضوا في منظمة الأمم والشعوب غير الممثلة (أي غير ممثلة في الأمم المتحدة) وهي منظمة أنشأتها حكومة جمهورية الصين نفسها وأصبحت عضوا فيها تحت اسم «تايوان» والتي تضم بجانبها 56 جماعة عرقية أخرى ساعية لنيل الاعتراف الدولي بها.
لم يبقَ الآن سوى 13 دولة تعترف بتايوان وتقيم علاقات دبلوماسية رسمية ومعظم هذه الدول صغيرة، وهي بيليز، وبالاو، وناورو، وهاييتي، وغواتيمالا، وباراغواي، وهندوراس، وجزر مارشال، وسان كيتس ونفيلز، وسان لوسيا، وسان فينسنت وغرينانديز، وتافالو وأخيرا جمهورية الفاتيكان والتي هي بالطبع دولة معنوية وليست دولة فعلية، يقول خبير ومراقب سياسي بأنها في الواقع ثلاثة دول فقط تعترف بجزيرة تايوان.
وما ساعد على عزلة تايوان الرسمية هو اشتراط الصين على الدول التي ترغب في إقامة علاقات معها ألا تقيم علاقات رسمية مع تايوان.
في الوقت الحاضر تقيم 23 دولة علاقات دبلوماسية غير رسمية مع جمهورية الصين ومعظم الدول التي تعترف بها هي دول جزرية صغيرة ليس لها أي تأثير على الساحة العالمية.
تقيم الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية غير رسمية مع جمهورية الصين عن طريق «المعهد الأمريكي بتايوان» والذي يمثل فعلياً السفارة الأمريكية في تايوان.
يتبادل عدد قليل من الدول العربية العلاقات الدبلوماسية غير الرسمية مع تايوان ومن هذه الدول الأردن تحت مسمى المكتب FAR East التجاري الاقتصادي للشرق الأقصى
وأيضاً البحرين، السعودية، الكويت، سلطنة عمان، والممثلية التجارية الاقتصادية للصين الوطنية بدبي في الإمارات العربية المتحدة.
المشاركة في الأحداث والمنظمات الدولية
نظرا لسياسة «الصين الواحدة» التي تتبناها جمهورية الصين الشعبية فإنها تشارك في المحافل الدولية والمنظمات والهيئات العالمية التي لا تعترف بجمهورية الصين (تايوان) كدولة مستقلة ذات سيادة، ومنذ عام 1992 أخذت جمهورية الصين تقدم الطلبات والاحتجاجات من أجل الانضمام لهيئة الأمم المتحدة دون جدوى إذ دائما ما تقابل طلباتها بالرفض حيث تخشى معظم الدول الأعضاء ومنهم الولايات المتحدة تدهور العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية، ومع ذلك أيدت كل من الولايات المتحدة واليابان طلب انضمام جمهورية الصين لمنظمة الصحة العالمية كمراقب؛ فعلى الرغم من محاولتها العديدة منذ عام 1997 للانضمام لمنظمة الصحة العالمية تحت مستويات مختلفة من العضوية إلا أن مطالبها دائما ما كانت تحجب عن طريق جمهورية الصين الشعبية.
وحاليا تستخدم جمهورية الصين اسما سياسيا محايدا وهو «تايبيه الصينية» أثناء المشاركة في التفاعلات العالمية والأحداث الدولية مثل دورات الألعاب الأولمبية والتي تكون الصين الشعبية طرفاً فيها.
ونظراً للضغوط التي تمارسها حكومة جمهورية الصين الشعبية فإن جمهورية الصين (تايوان) محرومة تماما من استخدام علمها أو نشيدها الوطنيين في مثل هذه التظاهرات الدولية كما يتم عادة منع مشجعي جمهورية الصين من إحضار أو الدخول بأعلام بلادهم داخل ملاعب المنافسات.
وعلى الرغم من هذا تستطيع جمهورية الصين أن تشارك باسم «الصين» فقط في المنظمات التي لا تكون جمهورية الصين الشعبية عضوا فيها مثل المنظمة العالمية للحركة الكشفية.
فقط 84 في المائة من السكان هم من التايوانيين اما الباقي فهم تقريبا من الصين.
تعتبر تايوان واحد من أكثر الاماكن في العالم المعرضة لخطر الزلازل حيث تتعرص لأكثر من ألف زلزال في العام.
من اجل عقد علاقة صداقة مع الصين عليك اول ان تقوم بقطع علاقتك بتايوان كون العلاقة المتوترة بينهما.
التلوث في تايوان هو من الأسوأ في العالم.
نظام الرعاية في تايوان يعتبر من أفضل انظمة الرعاية الصحية في العالم.
كانت تايوان من اوائل دول العالم التي قامت بتقديم خدمة الواي فاي المجاني للمواطنين.
تركز الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة والصين، بشكل متزايد، على تطوير صناعة واحدة فقط في مكان واحد، ألا وهي صناعة رقائق الحاسوب في تايوان.
احتلت تايوان الصدارة في السباق لصنع الشرائح أو أشباه الموصلات الأقل سمكا والأسرع والأقوى.
تعدّ الشركات التايوانية اليوم من أبرز الموردين الرئيسيين لمجموعة واسعة من المنتجات على غرار عدسات الهواتف الذكية وشاشات عرض الورق الإلكتروني، ورقائق الحاسوب.
التصعيد والتهبيط
مصطلحين سياسيين مهمين التصعيد (Escalation) التهبيط (DE scalation). التصعيد: يعني: إقدام طرف، أو أكثر، من أطراف الصراع، على زيادة ضغوطه على الآخر، بما يؤدي إلى ارتفاع كثافة الصراع، وزيادة درجة سخونته، واقترابه أكثر من نقطة المواجهة الأكبر. ويتم التصعيد بطرق عدة، منها: اتخاذ الإجراءات المستفزة للأطراف، توسيع نطاق الصراع المكاني، إطلاق الاتهامات والتهديدات، إقحام أطراف وقضايا أخرى فيه، رفع سقف المطالب، وما إلى ذلك. أما التهبيط فهو إجراء معاكس للتصعيد. ويعني: تهدئة وضبط الصراع الدولي، عبر إقدام طرف، أو أكثر، من أطراف الصراع، على خفض وتخفيف ضغوطه نحو الطرف الآخر، بما قد يؤدي إلى تخفيض كثافة الصراع، وخفض سخونته، وتقريبه إلى مرحلة التسوية السلمية.
ما فعلته الولايات المتحدة زيارة السيدة نانسي بيلوسي بالتأكيد يعتبر تصعيد وتصعيد مباشر ايضاً، كما ذكرت في الرسم البياني الخاص بالتعاون والصراع نستطيع ان نستخدمه ايضاً في التصعيد والتهبيط اذاً أمريكا صعدت الأزمة فوق ما هي مرتفعة من وقت طويل بالتأكيد من أجل دافع يقول البعض من العامة ان ارادت ان تذكر العالم بأنها القطب الوحيد في العالم وروسيا والصين ليست بند لها وليس دولة عظمى مثلها، في الولايات المتحدة الأمريكية لديهم مقولة دائماً ما نسمعهم يرددونها في الصحف وفي الشوارع وحتى في أعمالهم السنيمائية في هوليوود “لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً” حتى رئيسهم السابق دونالد ترامب دائماً ما نسمعه يرددها.
ربما هناك جزء من الصحة في وجهة النظر هذه خصوصاً ان أمريكا قد شعرت بالتهديد من الصين في الجانب الاقتصادي، والدليل على هذا عقوبات وضعتها الولايات المتحدة وحظر للتطبيقات الصينية وحظر دعم جوجل في شركة الجولات هواوي وحظر تطبيق تيك توك واتهمهم بالتجسس، من المثير للسخرية بأن الولايات المتحدة هي التي تتجسس على مواطنيها وعلى الشعوب الأخرى كذلك من خلال التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال الموقع الجغرافي ((GPS مثل موقع وتطبيق فيسبوك، تويتر، وغيرها.
من وجهة نظر الباحث الولايات المتحدة تحاول استغلال أي ورقة ضغط لديها ومحاربة أي فكر غير الفكر الليبرالي الغربي الرأسمالي مثل في حرب كوريا وأزمة صواريخ كوبا وحرب فيتنام تحاول ان تحارب الفكر الشيوعي والاشتراكي ووقف المد الشيوعي المتمثل في الماركسية، في وقتنا الحالي أوراق الضغط السياسية لدى الغرب هي دولة أوكرانيا وزرع رئيس دمية عميل لديهم، الورقة الأخرى هي جزيرة تايوان وهي ورقة قديمة في الحقيقة تم تجهيزها من عام 1991م من زيارة بيلوسي لبكين.
الصين تواصل مناوراتها قرب تايوان وهذا تصعيد من طرف الصين، ليس هناك تهبيط ولا محاولة تهبيط ربما عدم هجوم الصين واتخاذ هجوم مسلح على الوفد الأمريكي غير الرسمي يعتبر في الواقع تهبيط وهو ربما من وجهة نظر الصين تهبيط على الرغم من كل التصريحات العدائية من الطرفين.
التصعيد والتهبيط من جانب الطرفين مع كل التصريحات في الإعلام وعلى القنوات الإخبارية ان المفاوضات والمساومات المتعلقة بالصراع كان التصعيد وبالنسبة الأكبر هو الغالب في هذه الأزمة الدولية التي قد تخل بتوازن القوى العالمي (توازان الرعب) وسبب التصاعدات هذه وأهمها:
طبيعة العلاقة بين الصين الشعبية والصين الجمهورية علاقة قديمة تتسم بالكراهية والنبذ والاختلاف وذلك يزيد التصعيد لدرجة كبيرة.
تدخل الغرب (المتمثل في أمريكا) الدائم وحشر أنفسهم في كل شيء وزرع الفتنة والبغضاء وتسيس الشعوب لأسباب لها مصلحة فيها.
أهداف كل من الصين وتايوان بجانب انها تمس بجوهر سيادة كل منهما وأمنهما ومصلحتهما القومية.
وبالتالي ما يحدث في الساحة الدولية التصعيد المتكرر من جميع الأطراف، والذي يتوقع ان يؤدي هذا الصراع إلى حرب مثل جاراتها في الجانب الاخر من العالم روسيا – أوكرانيا.
الغرب يريد ان يجر الصين إلى حرب استنزاف لكن الصين لم تبتلع الطعم، الغرب ايضاً نكث واخلف بوعوده فبعد زيارة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون لبيكين، عام 1972م
اذ اعترفت أمريكا بـ«جمهورية الصين الشعبية»، كممثلة لكل الصين وكان هذا يعني سحب الاعتراف العالمي (تايوان).
دور الدبلوماسية في الأزمة بين الصين – تايوان
تعني السياسة والدبلوماسية ضمن ما تعني مقارعة الخصوم والمنافسين في الاجتماعات وعلى طاولات المفاوضات وهي الوسيلة الصحيحة والسلمية والتي يجب ان يستعملها بني الانسان في تعاملاته ويجب ان تكون دائماً الخيار الأول قبل كل شيء.
حتى في هذا الصراع الكبير والأزمة الدولية الخطيرة يجب اللجوء إلى الدبلوماسية والمفاوضة السلمية، بل وان الدبلوماسية تستخدم وحتى في حالة نشوب الحرب.
الطريقة الأولى للدبلوماسية:
على الصين الشعبية ان تعي وتعلم انه سوف يفرض عليها عقوبات وحصار اقتصادي شامل من الغرب قد يضرها ضرراً كبيراً لا مجال من التعافي منه فيصبح منفعة ضم جزيرة تايوان تفوق مكاسبها.
وفي ذات الوقت تبدي جمهورية الصين (تايوان) الاستعداد للتنازلات السياسية خوفاً من الدمار وتجنباً له فيتوصل الدبلوماسيين إلى اتفاق يرضي الطرفين فمثلاً تقبل تايوان بسيادة الصين لها وفي المقابل تقبل الصين استقلال تايوان وتعميق روابطهم مع العالم والانضمام إلى المنظمات الدولية مثل هيئة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية كعضو وليس كمراقب، (مع ان هذا لا يبدو مرجحاً لكن ليس بمستبعد ان يصدر مثل هذ الاتفاق من الطرفين).
الطريقة الثانية للدبلوماسية:
حفظ السلام عن طريق النصوص القانونية واللجوء إلى القضاء (محكمة العدل الدولية) السلم والسلام في القانون الدولي هو حالة اللاحرب والامتناع عن استعمال القوة فيما بين الأمم لبلوغ حالة دائمة و مستمرة من السلم بالإضافة إلى محاولة القضاء على دواعي الحرب فإن المجتمع الدولي قد شرع في سن نصوص قانونية تطمح إلى منع اللجوء إلى الحرب عن طريق نظام عصبة الأمم و ما لحقه من نصوص ما بعد الحرب العالمية الأولى – ثم استخلف بميثاق الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، اذا ما تم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية برضى الطرفين فإن القرار الصادر من محكمة العدل الدولية يصبح ملزماً للطرفين.(غير مرجع في رأي الباحث).
الطريقة الثالثة للدبلوماسية:
حالياً في العالم هناك ثلاثة دول عظمى تملك قوى عظمى مختلفة عن قوى الدول الكبرى (دول قارة أوروبا العجوزة) ثلاثة أقطاب أمريكا، الصين، روسيا من المسلم به أن العلاقات فيما بين الأقطاب هي التي تحدد مصير السلام أو الحروب، في العالم، ومعروف ان العلاقات الدولية تتأرجح دائما بين ظاهرتين هما: التعاون والصراع.
إذا ما تحالفت وتعاونت (انصهرت) روسيا والصين فسوف تكون قوي غير معلومة درجة قوتها وخطورتها ربما تنافس حلف الناتو وأقول ربما تكون أقوى من حلف الناتو بزعامة أمريكا، هناك بوادر لتكون هذا الحلف الغير مسبوق بعد القمة الروسية -الصينية، المنعقدة يوم 4/2/2022م في بكين.
فإذا ما تكون هذا الكيان القوي والفريد من نوعه فسوف يكون هناك توازان في القوى وربما لا تلجأ هذ الأطراف: حلف الناتو- الحلف الروسي والصيني، إلى الصراع والحرب بسبب تكافأ قوتهم فالتكافؤ في القوى سيكون بمثابة رادع. بمعنى لو هاجم أحد الأطراف على الآخر بالضربة الأولى First Strike فالطرف الآخر سيرد بضربة ثانية وربما ضربة ثالثةSecond Strike and Third Strike ستجر العالم حتماً إلى حرب نووية ستدمر العالم.
اذاً وسيلة الدبلوماسية هنا مع انها تعتبر غير سلمية لكن في رأي الباحث هي يمكن اعتبارها سلمية نوعاً ما وهي الردع والتهديد إذا ما كونت روسيا تحالف مع الصين فربما يحدث أحد هذه السيناريوهات ومما يعزز نظرية الباحث نظرية اللعبة (game theory).
الطريقة الرابعة للدبلوماسية:
عن طريق المساعي الحميدة والتحكيم والوساطة والتوفيق من طرف حيادي مجهول للآن، ربما يكون تركيا او من المحتمل ان تكون سويسرا بما انها تتميز بالحياد.
الطريقة الخامسة للدبلوماسية:
وهذا حديث افتراضي “وبما أن من أهم «أسباب» الصراع الدولي هو انقسام العالم إلى عدة دول، لكل منها مصالحها المادية والمعنوية الخاصة بها، ولكل منها سيادتها، فإن ذلك يؤدي (تلقائيا) لاشتعال الصراعات والحروب الدولية المدمرة، بسبب اختلاف وتنافر مصالح هذه الدول. ولا حل لهذه الإشكالية، ولتفادي الصراعات والحروب الدولية، إلا: بإقامة دولة عالمية واحدة، تحكمها حكومة عالمية واحدة، كما يدعو أنصار هذا الشكل التعاوني” وهذا مستحيل في رأيي خصوصاً في الوقت الحالي ربما كان ممكناً بعد تفكك الاتحاد السوفيتي مباشرة.
الطريقة السادسة للدبلوماسية:
يتحول هذا الصراع إلى صرع اقتصادي جوهره المنافسة الاقتصادية
تركز الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة والصين، بشكل متزايد، على تطوير صناعة واحدة فقط في مكان واحد، ألا وهي صناعة رقائق الحاسوب في تايوان.
احتلت تايوان الصدارة في السباق لصنع الشرائح أو أشباه الموصلات الأقل سمكا والأسرع والأقوى.
تعدّ الشركات التايوانية اليوم من أبرز الموردين الرئيسيين لمجموعة واسعة من المنتجات على غرار عدسات الهواتف الذكية وشاشات عرض الورق الإلكتروني، ورقائق الحاسوب، وربما الشركات متعددة الجنسيات وبما انها تملك نفوذ وسيطرة وربما تملك نوعاً من السلطة حتى ان بعض السياسيين يقولون بأن ملاك الشركات متعددة الجنسيات يتحكمون بالعلم (عن طريق العولمة المسيسة)،اذاً ربما ان الصراع يتحول إلى صراع اقتصادي بدون عنف فيركز العالم على التنمية ومحاولة صنع أحدث وسائل التكنولوجيا لمساعدة بني الإنسان وتقدم الحضارة الإنسانية والتعاون والتركيز على العلم والسفر إلى الفضاء وغزو المريخ وغيرها في المستقبل(هذا بالطبع من المستحيل ان يحدث واذا حدث فهو احتمال 5% او اقل).
الطريقة السابعة للدبلوماسية:
يكون هناك ممثل رسمي للاتحاد الأوروبي يتخلى عن أمريكا ولا يخضع لها خصوصاً وبأن قارة أوروبا الآن تعيش أزمة دولية يتحدث الباحث عن الأزمة التي تحدث في أوروبا منها غلاء الغاز وتوقف شراء أوروبا الغاز من روسيا واضطررها ان تشتري الغاز من الولايات المتحدة بأربعة اضعاف سعره، ومؤخراً حصلت تصعيدات عدة بالغة الخطورة منها: قصف محطة (زابوروجيا)، النووية، وهي أكبر محطة نووية في أوروبا، وثالث أكبر محطة نووية في العالم، وتسيطر القوات الروسية عليها منذ مارس 2022، وترابط فيها هذه القوات حتى الآن وتأكد احتمال تسرب الإشعاع النووي (NRH) الخطير منها، وقد اتهمت أوكرانيا القوات الروسية بقصف هذه المحطة مرات عدة، والتسبب في تسرب الإشعاع منها وردت روسيا بالقول، إن القوات الأوكرانية هي التي تقصف هذه المحطة، وتتهم الروس بذلك وكيف لروسيا قصف محطة تحتلها؟! وحذر الأمين العام للأمم المتحدة من كارثة نووية، مطالباً بوقف القتال قرب المحطة، أما رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي الداعم لدولة الاحتلال إسرائيل، والمتكتم على نشاطها وسلاحها النووي، فزار المحطة مع فريق من الوكالة للعمل لحمايتها وسلامتها وأبدى (قلقه الشديد)، وفي ضوء هذه الأخطار المحدقة بالنسبة لأوروبا ولبقية العالم كذلك.
ولهذا يشير الباحث بأنه وفي الآونة الأخيرة أوروبا غير راضية عن سياسات أمريكا ومنزعجة منها، فاذا ما خسرت أمريكا حليفها المتمثل في الدول الأوروبية فسوف تتأرجح الكفة لصالح الصين وروسيا ومن الممكن ان تتوصل أوروبا لصفقة ترضي الصين وتايوان بعيداً عن تدخل أمريكا وربما يتوقف هذا الصراع وهذه الأزمة الدولية.
الخاتمة والنقاش
يسود العالم اليوم نظام الحرب الباردة الجديدة بين القوى العظمى ويتطور على مسرح السياسة الدولية ،الصينيون قادمون بمنتجاتهم وتكنولوجيتهم المتطورة جداً وغير معلوم كم هي درجة تطور التقنية لديهم وربما تكون متفوقة على الولايات المتحدة من الناحية التقنية ايضاً من الناحية الاقتصادية بمشروعها “الحزام والطريق”، وهو مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، ويهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسككا حديدية ومناطق صناعية ، ومن المتوقع ايضاً بأنه قد يقلل من النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط وفي الواقع نمت العلاقات السياسية والاقتصادية بين بكين ودول الخليج بشكل ملحوظ على مدى الأعوام القليلة الماضية، بما يتماشى مع استراتيجية التجارة والاستثمار والبنية التحتية التي وضعتها الحكومة الصينية ولا سيما استراتيجية بكين المسماة بـ “ورقة السياسة العربية” لعام 2015م ،ومن المقرر الانتهاء من هذه المبادرة في عام 2049م الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
إذا ما اعترفت الدول بسيادة جزيرة تايوان ووضعت الولايات المتحدة قواعد عسكرية لها في تايوان فلن تسكت الصين وتقف متفرجة فهذا سوف يشكل خطر على مصلحتها القومية وسوف تهتز كرامتها وسمعتها على الصعيد الداخلي والخارجي وعلى الساحة الدولية، الصين دولة لها طموح توسعي شديد للمنافسة والهيمنة على العالم بصفتها قطب ودولة عظمى.
يقول: “وزير الدفاع الأمريكي، أن الصين هي المنافس الوحيد، الذي لديه القوة والنية لتغيير النظام الدولي”.
في العلاقات الدولية تركز على القوة في مسرح السياسة الدولية بالنظر لعدم وجود جهة عليا تتولى عملية التوزيع السلطوي قادرة لفرض النظام والانضباط على سلوك الدول الخارجي.
يقول الفيلسوف الصيني سون تزن (٥٥١ – ٤٩٦ ق.م) في كتابه فن الحرب: “الحربُ قد لا تكون لها ضرورةٌ لو أمكنَ تحقيق أهدافها بوسائلَ أقلَ عنفاً (الدبلوماسية) ”
وفي واقع الأمر الحرب والدبلوماسية هما الوسيلة الأهم في السياسة الخارجية علينا ان نلجأ دائماً إلى الدبلوماسية السلمية ونسعى إلى التهبيط بدل التصعيد، يبدي الباحث وجهة نظره بأنه لا يجب على تايوان ان تصبح تضحية وقربان للصراع والذي قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة (نووية) “يقول أحد المحللين السياسيين الغربيين: لو قامت «الحرب العالمية الثالثة»، فإن ذلك سيعنى أن «الحرب العالمية الرابعة» سيتم خوضها بالسيوف والدروع، والخيول. لأن العالم سيعود لأكثر من قرنين للخلف، ولن تكون هناك أسلحة حديثة. رد عليه معلق آخر بالقول: لو قامت الحرب العالمية الثالثة، فلن تكون هناك حرب عالمية رابعة، بعد أن ينقرض البشر…!”
وفي الختام الطريقة الدبلوماسية المرجحة للحدوث من وجهة نظر الباحث هي الطريقة الثالثة للدبلوماسية والمتمثلة في الردع وتوازن القوى الذي باختلاله سيؤدي إلى حرب ستدمر الكوكب والبشرية جمعاء.
وهذه الطريقة أكثر واقعية في الحدوث حيث يراقب المحللين السياسيين في التنامي والتنسيق الاستراتيجي بين روسيا والصين وسعي كل من روسيا والصين لتشكيل تحالف إقليمي أو تكتل أقوى متمثل في مجموعة شانغهاي لمواجهة ما تسميانه «الاختراق الأمريكي للمنطقة» التي أسست عام 1996م، في محافظة شانغهاي وتضم ستة دول: الصين، روسيا، طاجكستان، كازاخستان، قيرغيزستان، أوزبكستان. وهدفها المعلن مواجهة الأخطار المشتركة، وتنسيق الحرب ضد ما يعتبرونه الإرهاب وقد طالبت هذه المجموعة بخروج جميع القوات العسكرية الأجنبية من منطقة وسط آسيا، في إشارة منها إلى القوات العسكرية الأمريكية المتواجدة بالمنطقة. …………………………………………………………………………………………..
المصادر
أ.د. صـدقـه يحـيى فـاضــل :”أساسيات العلاقات الدولية” (مذكرة) جامعة الملك عبد العزيز – كلية الاقتصاد والإدارة – قسم العلوم السياسية–2020مـ.
أ.د. صـدقـه يحـيى فـاضــل “الدبلوماسية والمفاوضات الدولية”. جامعة الملك عبد العزيز – كلية الاقتصاد والإدارة – قسم العلوم السياسية –،2023مـ.
د. عاطف عبـد الله سـكر : “بحث غير منشور عن مادة سياسة دولية”. جامعة الملك عبد العزيز – كلية الاقتصاد والإدارة – قسم العلوم السياسية –2022مـ.
محمد بوسلطان: “حفظ الأمن والسلم في العالم من خلال النصوص القانونية” – أعمال ملتقى النظام العالمي الجديد ومصالح دول العالم الثالث، جامعة البليدة، 1993مـ. – ص. ص 225-246.
أ.د. صـدقـه يحـيى فـاضــل: “الاصطـدام المروع الأخير…!” – جريدة عكاظ – الاحد 19 يونيو 2022مـ
أ.د. صـدقـه يحـيى فـاضــل: “أخطـــر جــزيرة في العـالم الآن…!” – جريدة عكاظ – السبت 19 فبراير 2022مـ
أ.د. صـدقـه يحـيى فـاضــل: “زيارة «نانسي بيلوسي» لجـزيرة تايوان…! “- جريدة عكاظ – السبت الاحد 28 أغسطس 2022مـ
أ.د. صـدقـه يحـيى فـاضــل: “جـزيرة تايـوان بين أمريكا والصين…!” – جريدة عكاظ – الاحد 21 أغسطس 2022مـ
أ.د. صـدقـه يحـيى فـاضــل: “العلاقات الروسية – الصينية.. تحالف إستراتيجي محتمل…!” – جريدة عكاظ –السبت 12 مارس 2022 مـ
أ.د. صـدقـه يحـيى فـاضــل:” تزايد خطورة أزمة أوكرانيا على السلم العالمي…!” – جريدة عكاظ – السبت 12 نوفمبر 2022مـ
محمد العربي: “تايوان.. كيف تحولت جزيرة صينية إلى عدو لدود لبكين؟ “- موقع الجزيرة –2/10/2022مـ