تقرير أمريكى يرصد نشاط روسيا والصين نحو تشكيل النظام العالمى الجديد
كتب: على طه
ما هى الملامح التى تشكل النظام العالم الجديد المتعدد الأقطاب؟!.. كان هذا السؤال مثار تقرير مهم، صادر عن “معهد كوينزي” الأمريكي للأبحاث، الذى رصد من خلال تقريره، ملامح النظام العالمى الجديد الذي يحل محل النظام الأحادي بقيادة الولايات المتحدة.
رصد التقرير أيضا الكيفية التي تتحرك فيها الصين وروسيا، لاستقطاب زعماء دول غربية، ودول من العالم النامي، لتغيير النظام القائم حاليا.
جاءت ترجمة التقرير التى قامت بها وكالة “شفق نيوز”؛ تشير إلى انشغال كل من بكين وموسكو بشكل كبير مؤخرا، باستقبال قادة من فرنسا والبرازيل بالاضافة الى زعماء وممثلين عن أكثر من 40 دولة افريقية.
كما أشار التقرير إلى دور الزعيمين الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينج برعاية، واستضافة مفاوضات بين السعودية وإيران وبين الرياض ودمشق، لافتا إلى وتيرة النشاط الدبلوماسي غير العادي بالنسبة الى جدول أعمال الصين.
وأضاف التقرير أن المسؤولين الروس والصينيين، بما في ذلك بوتين وشي جين بينج، يكرران عند كل فرصة أن شراكتهما الاستراتيجية ورؤيتهما لا تشكل تكتلا أو تحالفا ضد دول أخرى، مؤكدا أن الدعوة فى حقيقتها هي من أجل خلق “التعددية القطبية” والعمل بما يقود إلى الاطاحة بهيمنة الدولار الأمريكي.
وأكد “التقرير” أن هذه الفكرة كانت عنوان مؤتمر أقيم مؤخرا في موسكو حمل عنوان: “روسيا وأفريقيا في عالم متعدد الأقطاب”، بمشاركة حوالي 40 دولة، بما في ذلك الكونغو وبنين وبوركينا فاسو وغينيا وغينيا بيساو وزيمبابوي ومالي، بالإضافة الى جنوب أفريقيا التي هي إلى جانب الصين وروسيا، في عضوية منظمة “بريكس”، واستجابت كل هذه الدول لدعوة بوتين من أجل عالم متعدد الأقطاب.
وفيما كانت روسيا تستضيف ممثلين عن أفريقيا، كان بوتين يجتمع في ذات الوقت مع الرئيس الصيني شي جين بينج في موسكو.
فى سياق قريب وجه بوتين التحية للزعيم الصيني بينج في 20 مارس الماضى، وهو يعلن أن التبادل التجارى بين الصين وروسيا ارتفع إلى 185 مليار دولار سنويا.
طالع المزيد:
– د. مجـدي هـاشم يكتب: حرب أوكرانيا ونهاية العالم أحادي القطبية (2من2) ملامح النظام العالمى الجديد
– عاطف عبد الغنى يكتب: كنا ننتظره من الغرب ففاجئنا بزوغه من الشرق.. النظام العالمى الجديد (1من2)
ومن جانبه كتب بينج الرئيس الصيني مقال في صحيفة “الشعب” الصينية، جاء فيه أن “نسبة التسويات بالعملات الوطنية في كل تلك التجارة تتزايد”، هذا فى الوقت الذى تخضع روسيا لعقوبات اقتصادية عالمية بسبب غزو اوكرانيا.
وأكد بوتين من جانبه أن موسكو وبكين تدعوان إلى صياغة عالم متعدد الأقطاب أكثر عدالة عبر تعزيز الهياكل الديمقراطية متعددة الأطراف مثل منظمة شنجهاي للتعاون ومجموعة بريكس.
ورّد عليه بينج فى مقال مواز نشرته وسائل الإعلام الروسية، دعا فيه أيضا إلى فكرة عالم متعدد الأقطاب، حيث “لا يتسيد أي بلد على الأخرين، ولا يفترض بأي بلد أن يتحكم بالنظام الدولي وحده”.
وقام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة بكين لكي يجري محادثات مع الزعيم الصيني، وهي محادثات أظهرت نفس نمط الأفكار حيث قال شي إن أوروبا هي “قطب مستقل في عالم متعدد الأقطاب”، واعتبر التقرير أنه ليس من المستغرب أن يدلي الرئيس الصيني بمثل هذه التصريحات، إلا أن الأمر المثير للاستغراب هو أن يوقع حليف أوروبي كبير لأمريكا وحلف الناتو، وهو فرنسا عليه.
وأكد البيان المشترك الصادر عن شي وماكرون، على أنهما “يسعيان الى تعزيز النظام الدولي متعدد الأطراف تحت راية الأمم المتحدة في عالم متعدد الأقطاب” حسب البيان.
ولفت التقرير إلى أن ماكرون أعاد التأكيد على ما سبق في مقابلة على متن طائرته عائداً من الصين، حين قال: “إن على أوروبا العمل على تحقيق “الاستقلالية الاستراتيجية” وأن تصبح “القوة العظمى الثالثة”، داعيا أوروبا الى التحول لتكون قوة عالمية مستقلة وليس شريكا صغيرا في عالم تقوده الولايات المتحدة بشكل أحادي، بل لتكون أوروبا “القطب الثالث”.
كما نبه التقرير إلى أن ماكرون ذهب إلى الصين برفقة نحو 50 من مدراء الشركات الفرنسية، بما في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة “أيرباص” التي باعت 160 طائرة لشركة صينية، بالإضافة إلى مدراء شركة الكهرباء الفرنسية “إي دي إف”، والأكثر أهمية من ذلك أن ماكرون صادق على مواقف بينج، وبوتين، من خلال دعوته أوروبا إلى تقليص اعتمادها على “النفوذ الخارجي للدولار الأمريكي”.
والرئيس البرازيلي لويز لولا دا سيلفا أيضا ذهب إلى الصين بعد أسبوع من زيارة ماكرون، ومثلما فعل الرئيس الفرنسي، قام الأخير، باصطحاب مجموعة كبيرة من رجال الأعمال، ضمت 240 ممثلا عن الشركات البرازيلية، وأبرم مع الرئيس الصيني العديد من الاتفاقيات المتعلقة بالتجارة والاستثمار.
وخلال الزيارة تم طرح فكرة العالم المتعدد الأقطاب مجددا، حيث صرح بينج أن “الصين والبرازيل تعتزمان ممارسة التعددية الحقيقية والعمل من أجل نظام حوكمة دولي أكثر عدالة وإنصافا”.
ومن جانبه قال الرئيس البرازيلى إن “الطرفين يدعمان التعددية” متعهدا بأن بلاده ستعمل مع الصين بهدف تعزيز التنسيق الاستراتيجي من خلال “بريكس” والمؤسسات الأخرى متعددة الأطراف.
وأشار التقرير إلى أن البرازيل والصين اتفقتا في شهر مارس الماضى، على اعتماد بنك واحد لعمليات التبادل التجارى بعملتي الريال البرازيلي واليوان الصيني.
وفى هذا الصدد أفاد التقرير الأمريكى، أن الرئيس البرازيلي كان حادا فى انتقاداته لصندوق النقد الدولي، حيث اتهمه بخنق اقتصادات الدول، كما يحدث حاليا في الأرجنتين، أو كما فعل بحق البرازيل لفترة طويلة، ومع كل دول العالم الثالث.
ولأشار دا سيلفا إلى بديل لصندوق النقد يتمثل فى هيئات متعددة الأقطاب مثل “بريكس”، متسائلا : “لماذا لا يمكن لبنك مثل بنك بريكس أن يمتلك عملة لتمويل التجارة بين دول بريكس؟”.
وانتهى التقرير إلى أن حملة النشاط الدبلوماسي الأخيرة من بكين وموسكو، تشير إلى ان الصين وروسيا تعملان على تشجيع تعزيز عدد كبير من الأقطاب في آسيا وأوراسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، وأن ذلك كان واضحا جدا من خلال المحادثات التي جرت لتدعم فكرة القوى المتعددة الأقطاب والتغلب على هيمنة الدولار.