أسماء خليل تكتب: كما يراني الآخرون
يُحكى أن هناك رجلاً طبيبًا كانت له خالة بسيطة لم تنل قدرًا من التعليم؛ فكان حينما يجلس معها يتباسط في لهجته وعلمه، حتى يبدو لمن يسمعه أنه جهول، وحينما كان أولاد خالته يحادثونه كانت طيبته وحسن خلقه يسبقانه إلى مرمى آذان وإحساس الحضور،،
وبعدما يعود لحياته العملية، كان يمارسها كما يرى ويشاء، فله عمٌّ حاصلٌ على درجة الدكتوراة من أحد الدول الأوروبية المتقدمة، فكان يحاورهُ كأنه عالم متقنٌ لكل فنون الحياة،،
وحدث في أثناء عمله- ذات يومٍ- أن جاءته بعيادته الخاصة امرأة، فقالت له إنها فقيرة جدا ولا تستطيع دفع ثمن الكشف، فسرعان ما أمرها بألا تدفع أي شيء، ثم جاءت أخرى في نفس اليوم وكرر نفس تصرفه مع الأولى، وبعدما مر ذلك اليوم كان في حالة نفسية سيئة بسبب ضغط العمل، وبينما هو يتناقش مع مساعدته حول ما ربحه، فوجد أنه قد ترك لأكثر المرضى ثمن الكشف، فقال للمرأة يكفي ذلك القدر من الصدقات، ولا تتركي هذا الشهر ثمن الكشف لأحد،،
وبالفعل جاءه رجل مريض، وبينما هو نائمٌ مستسلمٌ بين يدي الطبيب كرسول للشفاء من الله، إذ قال له، هل لي أن أطلب أن تعيد لي ما دفعت؟..إنني فقير، لم يعلق الرجل بكلمة واحدة، وريثما انتهى من فحص المريض، قال له التعليمات وكتب له ” الروشتة”، وقال له بالشفاء إن شاء الله،،
ومع مرور ذلك الرجل الطبيب بالحياة، تباينت المواقف وردود أفعاله صوبها، ووسط لفيفٍ من البشر وقف يومًا، فقال له أحدهم “أنت رجل جاهل وتدعي العلم الكاذب”، وقال الآخر“ لا أنت عَالِم ولا يوجد من هو أعلم منك”، بينما قال أحدهم “ لا يعني ذلك، الأهم أنه رجلٌ كريم وسخي معطاء”، فرد آخر مهاجمًا “ لا إنه بخيل وليس رحيمًا ولا يشعر بالفقراء”….إلخ،،
صوَّب الجميع سهام نظراتهم إليه، ولم يوجهوا إليه سوى سؤالًا واحدًا: “من أنت”؟..فرد قائلًا بكل ثقة: “أنا كما يراني الآخرون”، “فليراني الجميع كما يشاء”..
كيف يراك العالم ؟!..وهل تسعى لأن يروك الناس على هيئة معينة؟!.. وماذا ترتدي؟!.. هل ما يعجبك أم ما يعجب الناس؟!..
إذا كنت حكيما؛ فاجعل كلٌ يراك كما يشاء، وافعل أنت ما تريد الأهم ألا يخالف دينك وعقيدتك ومنهجك بالحياة،،
إذ أن نظرة الآخرين لك لا تتوقف على مدى أو شكل ما تقدمه؛ بل إن هناك معاييرًا لتك النظرة؛ منها الحالة النفسية التي يمر بها المرء، ومدى رؤيته ومفهومه للحياة، فمن كان جميلا سيراك جميلا، ومن داخله قبحً أو ألم سيراك سيئًا، فالإنسان جزءٌ من الحياة، فكما هي صورة الحياة لدى كل شخص ستكن منزلتك وتقييمك داخلها لديه، إذن ستكون مختلفًا في تقييم الناس مهما فعلت،،
إذا كان كلٌّ يغني على ليلاه؛ فلا تتعب نفسك نهارًا لتكن أنت قيثارة المُنشدين، فليس علينا التبرير والتفسير كثيرا لنضيع وقتنا وجهدنا، بل علينا أن نعمل جيدًا في صمت، ولا يعني ما يتحدث به الآخرون في العلن.