عوز وفقر ومرض من بعد غنى وشهرة.. عبده الحامولى وحبيبته ألمظ

كتب: إسلام فليفل

فى مثل هذا اليوم الثامن عشر من شهر مايو من عام ١٨٣٦، كان مولد الفنان عبده الحامولى، وهو من مواليد قرية الحامول فى محافظة المنوفية، ولذلك ينسب لها.

اشتهر الحامولى فارس الأغنية فى الثلث الثالث من القرن الـ 19، وبدايات القرن العشرين، بصوته الجميل، وذاعت شهرته وصار مطرب عصره واستطاع بموهبته أن يقدم أغانى وتواشيح وصار له تخت موسيقى خاص به.

وعندما سمعه خديوى مصر إسماعيل بن محمد على باشا، أعجب به، وقرر ضمه إلى الحاشية الخديوية واصطحبه معه إلى الأستانة.

وفى حاضرة الدولة العثمانية تعرّف الحامولى على التراث التركى فى الغناء والطرب ونجح فى ابتكار أعمال فنية تجمع ما بين التراثين، المصرى، والتركى، بمهارة وقدرة فائقة جعلته بحق من رجال الطرب المبدعين فى عصره.

طالع المزيد:

«يعيش المثقف على مقهى ريش مزفلط محفلط».. ومبدعة إماراتية تتغزل فى المكان

ولدت فى مثل هذا اليوم.. منيرة المهدية الطفلة اليتيمة التى صارت سلطانة الطرب

ونجح الحامولى بامتياز فى فن التجديد والإبداع فى مجال الغناء والطرب، وبدون ابتذال فى اختيار الكلمات والألحان، واستطاع بمهارته غناء أحد قصائد الشاعر ابى فراس الحمدانى، والقصيدة بعنوان أراك عصى الدمع، وقد شدت بها وابدعت سيدة الغناء العربى أم كلثوم، فيما بعد.

” يوم مولده “

إذا كان الفنان عبده الحامولى من مواليد يوم 18 مايو 1836، إلا أنه توفى فى نفس شهر مولده ولكن بفاصل ستة أيام فقط عن يوم ميلاده، حيث كانت الوفاة فى 12 مايو 1901م.

وبما أنه مطرب مصرى اجتهد بإخلاص فى مجاله، ولذالك فقد اشتهر أيضا خارج مصر، ويعد عبده الحامولى أحد المجددين فى الموسيقى العربية، وذلك بعد اكتسابه الخبرة ودراسة المقامات الموسيقية، ولذلك أيضا استحق بجدارة أن يكون خلال فترة حياته من أبرز الأسماء التى ذاعت شهرتها فى عالم الغناء والطرب والتواشيح الموسيقية.

” لقاءه صدفه بمن علمه “

إذا كان لديك الموهبة حقا ستساق إليك الظروف حتما ما ولو صدفة، وهذا ما صار وحدث وكان بداية مشوار الفتى صاحب الموهبة فى الغناء وهو عبده الحامولى الذى التقى مصادفة شاكر أفندى الحلبى وكان شاكر أحد حفظة الأدوار والموشحات.

ولما كان الحامولى يملك من موهبة حقيقية فقد تلقى على يدي شاكر أفندى أصول الطرب، و حقق شهرة واسعة فى عالم الغناء، ونظرا لما كان حينها أن يكون للمطرب فرقة موسيقية خاصة به، فقد كون عبده الحامولى تختا موسيقيا خاصا به، و تولى اثنان من الملحنين وهما: محمد عثمان، والشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب مهمة تلحين أغانيه التى نالت إعجاب مستمعيه.

 ضربة حظ

لعل أسباب النجاح والشهرة قد تأتى يوما ما مع المجتهدين امثال عبده الحامولى، وعندما سمعه الخديوى إسماعيل أعجب به و ألحقه بحاشيته، واصطحبه إلي الآستانة، عاصمة الخلافة العثمانية.

وتهيأت للحامولى فى الستانة، له فرصة الاستماع إلى الموسيقى التركية، واستطاع أن يقدم ألحانا تحمل طابعا خاصا وهو الطابع الشرقى الأصيل والذى جمع بين حلاوة وطرب المزاج المصرى وكذالك مع المزاج التركى.

إبداعات الحامولى

كانت موهبة الحامولى كبيرة بامتياز ولذلك تعلم فنون علم المقامات والموشحات، ولموهبته فقد قام باستخدام مقامات لم تكن موجودة فى مصر كالحجاز كار والنهاوند والكرد و العجم.

ونظرا لموهبته وبما عرف عن رقيه فى اختيار الكلمة، فقد أجاد وأصاب فى حسن الاختيار دائما، وأجاد التعاون مع كبار رجال الدولة الذين يكتبون الشعر أمثال محمود سامى البارودى، وإسماعيل صبرى باشا، والشيخ عبد الرحمن قراعة مفتى مصر فى ذاك الوقت، وعائشة التيمورية.

كما طلب من بعض الشعراء و المثقفين ترجمة مجموعة من الأغانى التركية إلى اللغة العربية.

يعد الحامولى من أوائل من لحن القصائد الشعرية التقليدية مثل التى ذكرناها وهى”أراك عصى الدمع” لأبى فراس الحمدانى، وهذه القصيدة قد غناها من بعده بعض المطربين والمطربات.

وبما أن موهبته فى الطرب والتراث الغنائى الذى ينتمى تاريخيا إلى القرن التاسع عشر إلا أن تأثيره كان قويا على كل مطربى العقدين الأولين فى القرن العشرين من أمثال الشيخ سلامة حجازى وصالح عبد الحى و يوسف المنيلاوى و عبد الحى حلمى.

تراثه الغنائى

كان الحامولى صاحب موهبة فذة، وحقيقة ذلك بقاء ألحانه حتى الآن ومن يستمع إليها فإنما يستمع إلى الغناء والطرب الأصيل، ومن أشهر اغانيه هى: أراك عصى الدمع، الله يصون دولة حسنك، كادنى الهوى، متع حياتك بالأحباب، أنت فريد فى الحسن، وكنت فين و الحب فين.

وبعد وفاته ببضع عقود ظهرت ألحان وأغانى الحامولى للوجود مرة أخرى، وذلك بعد وفاته بنحو سبعين عاما عن طريق فرقة الموسيقى العربية فى القاهرة، التى أنشأها الفنان الموسيقار عبد الحليم نويرة عام ١٩٦٧، و كان حينها إمكانية طبع تلك الألحان على أسطوانات بخامة أفضل من جديد.

ومن المدهش والعجيب تجاه الإقبال الشديد من جمهور عريض ذواق بحق للاستماع والاستمتاع أيضا بالطرب الأصيل للتراث الغنائى والموسيقى العربية.

 حياته الزوجية

كان عبده الحامولى متزوج من امرأتين، منهما الثانية كانت المطربة الشهيرة ألمظ، وكان اسمها الحقيقى سكينة، وعندما تم الزواج أقنعها بعدم الغناء واعتزال مجال الطرب، ووافقته زوجته المطربة المظ، وظلت معه زوجة حتى توفت قبله بخمس سنوات.

عوز بعد ثراء

عاش الحامولى خمسة وستون عاما، وكما استمتع بالحياة الرغدة والثراء إلا أنه فى الحياة الدنيا أواخر أعوام حياته أصيب بالمرض وأقعده الشلل وباع ما يملك وأكرمه الله بمن يساعده على نفقة الحياة ومنهم سلامة حجازى.

ألمظ وعبده

وارتبط اسم عبده الحامولى باسم مطربة أخرى لمعت مثل الشهاب السريع فى سماء الأغنية المصرية والعربية هى ألمظ.
وولدت ألمظ في مدينة الإسكندرية ، واسمها الحقيقي ” سكينه ” لكن تم إطلاق اسم ” المظ “عليها من باب تشبيه صوتها بالألماس الجوهر النفيث.
اشتهرت ألمظ بشدة بالتزامن مع بزوغ نجم الحامولى فى القرن التاسع عشر و احترفت الغناء وانضمت لتخت المغنيه “ساكنه”..
وفيما بعد كوّن الحامولي و ألمظ ثنائيا ناجحا، وتكلل نجاحهما الفنى بالزواج، وبعد الزواج منعها الحامولى من الغناء ..
وتم اقتباس قصة الحب التى جمعت ألمظ والحامولى فى فيلم مصري تم إنتاجه عن حياتهما عام ١٩٦٣ وجسدت فيه وردة الجزائرية دور ألمظ و عادل مأمون دور عبده الحامولي، كتب قصة الفيلم الروائي” عبد الحميد جودة السحار” فيما كتب الحوار و كلمات الأغاني” صالح جودت، وأخرجه حلمي رفلة ولحن أغاني الفيلم عدد من أكبر الملحنين فى تاريخ الغناء العربى، وهم: محمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، وكمال الطويل، ومحمد الموجي، وبليغ حمدي، وعلي إسماعيل.
زر الذهاب إلى الأعلى