رفعت رشاد يكتب: نهضة ثقافية

بيان

“من أهم عوامل النهضة الثقافية القضاء على الظواهر السلبية التى صارت جزءاً من سلوكياتنا”، هذه توصية مهمة تضمنها المقال المهم التالى للكاتب رفعت رشاد، المهموم بقضايا وطنه، وفى قلب هذه القضايا “أزمة الثقافة”.. وإذا كانت الثقافة تشمل كل شيىء فى حياة الإنسان، فهى تلزمه تقريبا فى كل سلوكياته، منذ مولده حتى مماته، من الطعام والشراب، إلى الملبس، والمظهر، والتعليم، وباقى السلوكيات الخاصة والعامة، فهى قضية تعنى الحياة ذاتها، وهو ما حاول رشاد تلخيصه فى عبارات تلغرافية مباشرة، فى المقال التالى المنشور اليوم الأحد 5/20 فى صحيفة “الوطن” وهذا نصه:

من أكثر الموضوعات التى اهتممت بها فى الحوار الوطنى الدعوة إلى نهضة ثقافية.

قدرت للدكتور أحمد زايد مبادرته لمسألة فائقة الأهمية هى مسألة الثقافة المصرية. تغاضينا كثيراً خلال السنوات الماضية عن رعاية ثقافتنا وتنميتها فكاد يجف كيانها وأن تدهسها ثقافات أخرى فى ظل العولمة والفضاء الثقافى والإعلامى.

تجاهلنا أن هناك مجتمعات شقيقة تحيط بنا تنمو بسرعة أكبر من العادية لامتلاكها إمكانيات مادية تجعل الصعب سهلاً.

ما يطمئننا أن الحضارة عبارة عن ثقافات متراكمة لشعب واحد لا يمكن استنساخها، لكن يمكن التأثير سلباً عليها باتباع ثقافات سطحية.

كيف نبدأ؟.

أفضل ألا نستخدم كلمات (مجعلصة) للتعبير عن أمور هى بطبيعتها سهلة، فلا داعى لكلمة استراتيجية، فهذه الكلمة لو كثر استخدامها لصارت غير ذات معنى، وكذلك كلمة لجنة أو تشكيل لجان لعمل كذا وكذا، فهى كلمة محبطة بعدما ترسخ لدينا أن تشكيل لجنة يعنى قتل أى مشروع، لأن اللجان تنبثق عنها شُعب، والشُعب تنبثق عنها مجموعات، والتى بدورها ينبثق عنها مسئولو ملفات، وهؤلاء يشكلون جروبات.. إلخ، حتى تضيع ملامح الموضوع والقضية.

تحقيق نهضة ثقافية يعنى الاستعانة بالمثقفين الحقيقيين، فإذا أردت إنتاج ثقافة فلن ينتجها «الفهلويون»، إنما ينتجها المثقف الحقيقى الذى يكون همه فى الأساس تحقيق النهضة الثقافية التى تناسب طموحات وقناعات المجتمع، فليس كل ما يلمع ذهباً، وكذلك ليس كل ما يكتب عليه كلمة ثقافة «ثقافة».

من أولويات تحقيق النهضة الثقافية الإصرار والتمسك باستخدام اللغة العربية فى كل ما نتعامل به، فللأسف صرنا غرباء فى بلادنا بعدما اجتاح تتار اللغات الأجنبية ثقافتنا، وصرنا نرى المشروعات والشركات المصرية الخالصة تسمى بمسميات أجنبية، وكثيراً ما سألت نفسى عن سبب ذلك ولم أجد إجابة إلا أنها عقدة نفسية متجذرة منذ الاستعمار وزاد عليها التعليم الأجنبى الذى يحرص عليه الأغنياء.

لا أحبذ الاقتصار فى هذه النهضة على مسألة الهوية، فالهوية راسخة داخلنا لكن علينا أن ننميها، فالطفل الذى يتعلم الموسيقى سينتمى إلى مجتمع موسيقانا وبالتالى سيتعمق بداخله تاريخنا وإبداعنا الموسيقى ويعرف من خلاله كبار موسيقيينا، وهكذا يسهم فى النهضة الثقافية ويصير لدينا سيد درويش ومحمد عبدالوهاب وبليغ حمدى آخرون.

والطفل الذى يتعلم الرسم أو النحت سينتمى إلى مجتمع فنانينا التشكيليين ويصير لدينا ذات يوم محمود سعيد ومحمود مختار آخران. ومن المؤكد أن يصير لدينا طه حسين والعقاد والحكيم ومحفوظ آخرون إذا ما انتعش مجال الإبداع.

من أهم عوامل النهضة الثقافية القضاء على الظواهر السلبية التى صارت جزءاً من سلوكياتنا، وعلى المركز القومى للبحوث دراسة هذه الظواهر ووضع الحلول لها لتنفذها السلطات فوراً بحيث يعود مجتمعنا أخلاقياً.

لا يجب أن ننسى فنوننا المعمارية، لقد صار هذا الفن الجمالى «سداح مداح»، ولم نعد نتميز بعمارة ما، وصار كل فرد أو شركة يبنى بأى طراز يعجبه دون أن يكون لنا «كتالوج» معمارى يميزنا ويميز ثقافة مجتمعنا المعمارية.

الحديث فى هذا المجال لا ينتهى، لكن أشير إلى مسألة مهمة أننا يجب أن نسوّق ثقافتنا.

اقرأ أيضا:

رفعت رشاد يكتب: «عادل.. إمام المضحكين»

زر الذهاب إلى الأعلى