شريف عبد القادر يكتب: الموظف المرتشى ومديره 

منذ عقود كانت مرتبات موظفى الحكومة والقطاع العام متواضعة، وعلى الرغم من ذلك كان الموظفون يرتدون ملابس عليها القيمة (كما يقولون)، ومظهرهم يدعو للاحترام، وكانوا ملتزمين سلوكيا ومتمكنين من طبيعة عملهم ويعلمون ما لهم وما عليهم.

وفى المقابل كان المتعاملون منهم مع المواطن (مقدمو الخدمات) يتعاملون بأسلوب محترم.

وفى تلك الأيام حتى ما قبل هجوم الانفتاح الاقتصادى كان من يريد تقصير مدة إنهاء طلبة يقوم بمناورات مع الموظف حتى يتأكد من إمكانية قبولة إكرامية، وفى تلك الفترة كثيراً ما قرأنا عن قيام موظف باتخاذ إجراء قانونى ضد مواطن عرض عليه رشوة.

وفى تلك الفترة، ومن ضمن مناورات جس النبض مع الموظف تقديم سيجارة له من نوع سجائر “وينجز”  فإذا أخذها الأخير، اطمئن المواطن لإنجاز مصلحتة فى وقت قصير، ومن هنا انتشرت مقولة “إذا أردت أن تنجز فعليك بالوينجز”.

وبدأ ينتشر أسلوب “الوينجز” ليتطور ويصبح حق الدخان.

وكان الموظف المرتشي فى تلك الفترة منبوذ من زملائهم عندما يكتشفون أنه مرتشي، برغم أن إعطاء الرشوة أو الاكرامية كان يتم سرا وبحرص شديد.

ومع مرور السنين زادت أعداد المرتشين ولكن ظل من النادر أن تجد موظفة مرتشية، ولكن فى سنوات التسعينيات من القرن بدأنا نلاحظ وجود مرتشيات.

ومع تدفق تعيين موظفين بواسطة الحزب الوثنى الديمقراطى، وبعده خوان المسلمين أصبحت الرشوة علنية والمرتشى يفاصل فى قيمة الرشوة.

ولا عجب عندما تجد موظف والده مسجل أمنيا نشال أو بلطجة من أحباء الحزب الوثنى أو خوان المسلمين لأنهم تعاملوا مع الدولة كأنها من أملاكهم الموروثة.

واصبحنا نرى موظفين بملابس غريبة لا يليق أن يرتديها موظف حكومة فتجد من يرتدى ترنج أو بنطلون مقطع أو ساقط، وحديثا صرنا نرى من هو رابط شعره بـ “أستك” ومن يحلق رأسه “حلاقة” غريبة وكأنه يعمل فى ملهى ليلى، وغير ذلك من “الأشكال” التى لا تليق بمقتضيات الوظائف العامة.

كما تلاحظ أن بعض الموظفين يتعاملون بتعال مع المواطنين، وغالباً ما يكون هؤلاء الموظفين من بيئة منحطة وتم تعيينهم فى غفلة من الزمن وبعد تعيينهم أصيبوا بمرض نفسى بسبب انتقالهم للعمل بمكان كان من قبل يعد حلما مستحيلا.

والموظف المرتشى المتعامل مع المواطن نوعان: نوع مبتسم وحديثه لطيف وهذا اكراميته معقولة، والثانى كئيب الهيئة، عبوس الوجه، صعب الحديث، كأن المواطن طالب الخدمة عدوه، أو كأنة “ليموتة فى بلد قرفانة” وهذا يخطط غالبا لأكرامية عالية بهذه السلوكيات.

ولا عجب عندما يتجاهل أحد من المديرين شكوى فى حق أحد مرؤسية لأنه فى الغالب يقاسمه الرشوة أو ببساطة يرى فيه شبابه.
ولعلاج هذه الآفة اللعينة، من المفروض وضع ضوابط عند تعيين الموظفين الجدد ويكون من ضمنها إخضاعهم للكشف النفسى، كما لابد من قانون رادع يقضى بفصل الموظف المرتشى والمتقاعس عمداً .

وعلى الرغم مما سلف إلا أنه من المؤكد أنه مازال يوجد الموظف الشريف الأمين التقى المحترم، صاحب الضمير، القابض على دينه وكأنه قابض على جمرة من نار.

اقرأ أيضا للكاتب:

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى